المدرّسون النواب يصعّدون في تونس

المدرّسون النواب يصعّدون في تونس

31 اغسطس 2016
تستمرّ الاحتجاجات (أمين الأندلسي/ فرانس برس)
+ الخط -

لم يكن منير عبد الكريم يعلم أنّه سيعمل لأكثر من ثلاث سنوات كمدرّس نائب من دون أن يُدمَج رسمياً في سلك التعليم. في بداية كل عام دراسي، كان يتلقى الوعود بالإدماج. لكنّ العام كان ينتهي من دون أيّ جديد، فيأمل في الذي يليه. سئم منير كما هي حال آلاف المدرّسين النوّاب من وضعه، إذ إنّ وزارة التربية وعلى الرغم من الشغور الكبير، تصرّ على التشغيل وفق سياسة النيابة أو التعاقد المؤقت. أمّا منصور صادق وهو مدرّس نائب منذ أكثر من أربع سنوات، فكان اسمه مدرجاً على قائمة المدرّسين المقرر إدماجهم رسمياً بحكم الأقدمية وعدد سنوات العمل. لكنّ الوعد ما زال من دون تنفيذ.

عبد الكريم وصادق شاركا كما آلاف المدرّسين النواب في التحرّكات الاحتجاجية التي شهدتها المكاتب الجهوية التابعة لوزارة التربية في كل أنحاء البلاد في الفترة الأخيرة، محتجّين على إغلاق باب الانتداب. وكان المحتجّون قد أعلنوا حينها أنّ تحرّكات متواصلة حتى بداية العام الدراسي الجديد. وهؤلاء الذين يتمسّكون بحقهم في الانتداب الرسمي، يرفضون سياسة "التشغيل الهش" التي سوف تتّبعها الوزارة خلال العام الدراسي المقبل من جديد، والاعتماد على التعاقد لسدّ الشغور.

احتجاج المدرّسين النواب ليس بجديد، بل هو يتكرّر سنوياً مع بداية كلّ عام دراسي. ومن المتوقّع أن تشهد هذه السنة تحرّكات كبيرة في قطاع التعليم لأكثر من 14 ألف مدرّس نائب سئموا سياسة الوعود. وقد صعّد هؤلاء موقفهم بعد إعلان وزارة التربية عن غلق باب الانتداب والاستعانة فقط بخمسة آلاف و800 مدرّس نائب في المدارس الابتدائية لسدّ الشغور، في الوقت الذي يتجاوز فيه حجم الشغور العشرة آلاف في مختلف المؤسسات التربوية الابتدائية وفق نقابة التعليم الابتدائي.

ويتمسّك المدرّسون النواب بتفعيل الاتفاق المبرم في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول 2015 بين النقابة العامة للتعليم الأساسي ووزارة التربية، الذي ينصّ على انتداب المدرّسين النواب على أربع مراحل ابتداءً من سبتمبر/ أيلول 2016، وعلى تسوية أوضاع المدرّسين النواب الذين اشتغلوا ما بين 2006 و 2015 .




يقول الكاتب العام المساعد للنقابة العامة للتعليم الأساسي، الطاهر ذاكر، لـ "العربي الجديد" إنّ "النقابة أكدت في أكثر من مرّة تمسّكها بالاتفاق الذي وُقّع بينها وبين الوزارة والقاضي بإدماج المدرّسين النواب على أربع مراحل ابتداءً من هذا الموسم الدراسي المقبل. لكنّ الوزارة تراجعت عن الاتفاق من دون الأخذ بعين الاعتبار الشغور الكبير في مدارس عدّة". وإذ يعبّر عن استغرابه "التمسك بسياسة التشغيل الهش"، يؤكد أنّ "المدرّسين النواب سئموا سياسة الوعود الزائفة لتسوية أوضاعهم المهنية على مدى السنوات الأربع الماضية". وتساءل عن جدوى "تصريحات الوزير المستمرة بضرورة إصلاح النظام التربوي، في حين أنّه يعتمد في الوقت نفسه سياسة التشغيل الهش في انتداب المدرّسين، والتعويل على التعاقد المؤقت من دون تسوية الأوضاع المادية أو المهنية للمدرّس".

في هذا السياق، أعلنت النقابة عن جملة من التحركات في الأيام المقبلة، أوّلها في مستهلّ شهر سبتمبر/ أيلول المقبل أمام الإدارات الجهوية للتعليم التابعة للوزارة في كل الجهات، بالإضافة إلى يوم غضب وطني في الخامس من الشهر نفسه، على أن يبدأ إضراب قطاعي في الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. إلى ذلك، تتمسك النقابة بالترقيات الاستثنائية لمدرّسي المرحلة الابتدائية التي لم تنفذ حتى الساعة، على الرغم من أنّ انطلاق العام الدراسي على الأبواب.

من جهته، كان وزير التربية ناجي جلول قد صرّح بأنّ قضية المدرّسين النواب باتت مشكلة كبيرة، مشيراً إلى أنّه يتفهم أوضاع المدرّسين النواب وأنّ المنظومة التشغيلية هشّة، مضيفا أنّ "النواب أبناؤنا ونحن في حاجة إليهم وعندما تضع وزارة المالية الاعتمادات اللازمة سوف ننتدبهم". وتابع أنّ الوزارة التربية لم تغلق باب الانتداب، بل انتدبت ثلاثة آلاف لمدارس تكوين (تدريب) المدرّسين وثلاثة آلاف لمدارس تكوين الأساتذة، بالإضافة إلى انتداب عدد من القيّمين، ليبلغ عدد المنتدبين نحو سبعة آلاف وهو أعلى رقم بين الوزارات.

تجدر الإشارة إلى أنّ احتجاجات المدرّسين النواب انطلقت في يوليو/ تموز الماضي في كل المكاتب الجهوية التابعة لوزارة التربية، ليعلّقوا احتجاجاتهم إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة والمصادقة عليها. لكن بعد الإبقاء على جلول في وزارة التربية، تجدّدت الاحتجاجات مع تهديد بهدف دفع الوزارة إلى إيجاد حلّ نهائي لمشكلة المدرّسين النواب.

دلالات