أهالي بغداد يغلقون الشوارع والطرق خوفاً على حياتهم

أهالي بغداد يغلقون الشوارع والطرق خوفاً على حياتهم

12 يونيو 2018
أسهم فتح الشوارع في فك الاختناقات المرورية (Getty)
+ الخط -
ما زالت ثقافة قطع الشوارع والطرق الداخلية في الأحياء السكنية تسيطر على بغداد من قبل السكان أنفسهم وليس السلطات الأمنية في العاصمة، إذ يعتبرونها واحدة من وسائل حماية أنفسهم من عصابات الخطف واللصوص وهجمات المسلحين وتجول الغرباء وحتى المستهترين بسياراتهم الفارهة والمتحرشين، وأخرى يقوم ضباط الجيش والأجهزة الأمنية بإغلاقها خوفاً على حياتهم.

وليلة أمس الإثنين أسفر حريق داخل منزل في أحد أحياء بغداد عن وفاة عدد من أفراد الأسرة، كما التهمت ألسنة النيران كل شيء، وامتدت إلى منزل مجاور بشكل جزئي بعد تأخر فرق الإطفاء عن إنقاذ الموقف وإخماد الحريق، معللين ذلك بكون الشارع مغلقاً بواسطة كتلة إسمنتية عرقلت دخول سيارات الإطفاء، ما استدعى طلب مساعدة الجيش العراقي القريب من المكان لرفعها، لكن الوقت كان قد فات.

وأدت الحادثة إلى فتح باب الجدل مرة أخرى حول ثقافة قطع السكان للشوارع في بغداد وشرعية ذلك، بين مدافع عنها تحت بند حماية العوائل والأطفال من العصابات واللصوص والمستهترين والغرباء الذين يدخلون الشوارع ليلاً أو نهاراً، وبين من يراها تجاوزاً للقانون وأن الشرطة هي الجهة الوحيدة المخولة بتوفير الحماية للمواطنين.

ويقول مسؤول بأمانة بغداد لـ"العربي الجديد"، إنه "في السابق كنا نحن من نغلق الشوارع، لكن اليوم نحن نفتحها والأهالي يغلقونها، وهم بالتأكيد يبحثون عن أمن أكثر"، مبيناً أنهم يستعملون في ذلك جذوع النخيل المقطوعة، أو الكتل الإسمنتية والحجارة الكبيرة والأسلاك الشائكة بكثرة، كما يتفق الجيران فيما بينهم على ترك سياراتهم بداية الشارع أو يدخلونها ثم يعودون مرة أخرى لإغلاق الشارع، وفي حال أرادوا الخروج بها يرفعونها مجدداً، ولك أن تتخيل كمية العناء والوقت".

ويتابع "هناك أكثر من 3 آلاف شارع داخلي مغلق في بغداد وحدها من قبل الأهالي وكذلك المسؤولين والسياسيين، وهي ظاهرة تدق ناقوس الخطر رغم جهود الشرطة وأمانة بغداد لفتح الطرق، إلا أن السكان سرعان ما يعودون لإغلاقها".

ويبيّن أنّ وزارة الداخلية وأمانة بغداد فتحتا خلال العام الجاري أكثر من 40 طريقاً وشارعاً حيوياً في بغداد، بينها قرب المنطقة الخضراء، وأسهم ذلك في فك الاختناقات المرورية، مضيفاً أن "الطرق الداخلية والأزقة تحتاج إلى حل، وأعتقد أنه يكمن في إعادة الثقة إلى العوائل بأن القوات الأمنية قادرة على حمايتهم من دون الحاجة لإغلاقهم الشوارع".

من جهته، يقول المواطن صلاح جابر (52 عاماً) ويسكن حي المنصور ببغداد، إن "النوم ليلا في المنزل ومعرفة أن الشارع مغلق يبعث على الراحة، نخاف من استهداف عدة جهات لنا".

ويضيف لـ "العربي الجديد": "هناك لصوص السطو المسلح وعصابات الخطف ولصوص أسلاك ومولدات الكهرباء، وهناك المتحرشون والمستهترون أصحاب السيارات الفارهة، كلهم نكون في مأمن منهم"، مشيرا إلى أن "إغلاق الشوارع تم باتفاق بين السكان، وأنه جاء بسبب فقدان الثقة بقوات الأمن في أنهم من الممكن أن يحمونا في منازلنا".

 



على النقيض تماماً، تعتبر فاطمة أحمد (34 عاماً) أن الموضوع تجاوز حده في إغلاق الشوارع داخل الأحياء السكنية. وتضيف لـ"العربي الجديد": "أضطر لاصطحاب ابني إلى نهاية الشارع كون باص المدرسة لا يستطيع الدخول إليه، وأقطع مسافة طويلة حتى أصل إلى البيت محملة بأغراض المنزل بعد نزولي من سيارة الأجرة، كما أن إغلاق الشوارع يضعنا في موقف محرج أمام ضيوفنا، خاصة القادمين من أماكن بعيدة، غير أننا أمام أمرين أحلاهما مر، ما دام الأمر يتعلق بأمننا وسلامتنا".

يذكر أن عدد الطرق والشوارع الرئيسية المغلقة في بغداد انخفض إلى أدنى حد له منذ الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، إذ بدأ بقطع الطرق لحماية مقراته العسكرية من الهجمات اليومية التي يتعرض لها، ووصلت عام 2006 الى أكثر من 5 آلاف شارع وطريق رئيسي.