تدريب للمتسربين في عين الحلوة

تدريب للمتسربين في عين الحلوة

03 مارس 2019
درج من إنجاز المتدربين (العربي الجديد)
+ الخط -
التسرب من المدرسة ليس نهاية العالم، بل قد يجد الإنسان المتسرب من يمسك بيده، ويأخذه إلى الطريق الصحيح، علماً أنّ للتسرب أسبابه التي تحطم مستقبل التلميذ في أحيان كثيرة، ولا بدّ من العمل على تفاديه قبل أيّ حديث آخر.

لكن، للتعامل مع واقع ازدياد المتسربين في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، في صيدا، جنوب لبنان، تمكن "مركز معاً للشباب والطفولة"، بدعم من جمعية "أنيرا"، من تحقيق بعض الأهداف المنشودة، وهو الأخذ بيد الشباب المتسربين، وتعليمهم مهنة تكون لهم سنداً وعوناً للمستقبل، خصوصاً في ظلّ الظروف المعيشية الصعبة. المهن ترتبط بقطاع البناء في جميع مراحله، وتمكّن أصحابها من خوض سوق العمل مباشرة، كما أنّ المركز بعد تقديمه يد المساعدة لأولئك الشباب يمكّنهم من خوض الحياة الاجتماعية، والانخراط في العمل المجتمعي، فتكون التدريبات على العمل في خدمة المجتمع.



يقول مدير المركز إبراهيم ميعاري، لـ"العربي الجديد"، حول المركز والتدريبات التي يجريها والفئة التي يستهدفها: "مركز معاً هو مركز متخصص بالتدريب المهني، ونحن في هذا المركز نعمل بقدر المستطاع على تنمية القدرات البشرية والمهنية لدى الشباب المتسربين من المدارس، فنعلّمهم مهناً عدة، منها: البلاط، والطلاء، والورقة (تغطية الطوب بالإسمنت)، والجفصين (الجص أو الجبص أو الجبس)، والحدادة، والكهرباء، وكلّ الأعمال التي تختص بالبناء، وقد بدأنا أول دورة عام 2016، وكانت لتعليم الجفصين، ومن بعدها الطلاء، ثم الورقة".




يتابع: "بعد انتهاء الدورة، يتوجب على المتدربين البدء بالتدريب العملي، فنسألهم عن خيارهم المكاني، كما نحثهم على التفكير بالانخراط بالعمل المجتمعي، حتى نثبت أنّ المتسرب هو كبقية الناس، يستطيع أن يكون فاعلاً في المجتمع. بدعم من أنيرا، وبإشراف الناشطة عيون شبايطة، عملنا لمدة 22 يوماً في إعادة بناء مكبّ النفايات الموجود بين البيوت، وطلائه والرسم على جدرانه، حتى نحدّ من مشكلة انتشار الروائح وانتشار الجراثيم، وفي الوقت عينه نقدم لمسة جمال على المكان". يضيف: "قبل أن نعيد بناء المكب، أجرينا دراسة حول كلفة إعادة ترميمه، وجرى رصد المبلغ المطلوب، وعمل الشباب المتدربون على تنفيذ العمل الذي حاز على رضى المؤسسات ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)".



يتابع: "أما العمل الآخر الذي أنجزناه، فكان بناء درج (سلّم) في تجمع جبل الحليب للاجئين الفلسطينيين (عند الجهة الشرقية الجنوبية لمخيم عين الحلوة، يتبع لبلدية درب السيم)، وجاء بناء الدرج ليصل بين منطقتين. فقبله كان من الصعوبة على الناس التنقل بينهما. وقد نال عملنا في هذا المشروع ترحيب السكان، إذ كانت فوائده كبيرة عليهم". يتابع ميعاري: "من بين الأعمال التي قام بها فريق المتدربين طلاء أربعة بيوت لسكان فقراء، وقد كانت منازلهم في حاجة إلى ترميم. كذلك، ساهم فريق المتدربين في طلاء جدران مقر لجنة حي الطيرة في المخيم". يضيف أنّ "الأعمال التي نقوم بها هي أعمال تفيد البيئة، ومن بينها تشييد حائطين لمكب نفايات، ووضعنا سقفاً للمكب من ألواح الزينكو، وبوابة حديد له". ويتابع: "هذه الخطوات هي من الركائز الأساسية التي يعتمدها المركز في عمله، فصحيح أنّ هدفنا الأول حماية المتسربين وتعليمهم مهنة تحميهم من مذلة السؤال أو حتى من الانحراف، لكنّ لنا هدفاً آخر من هذا التدريب، هو جعل العمل المجتمعي في أنظار الناس اعتيادياً".

قد يتساءل العديد من الناس حول إمكانية حماية المتسربين الذين صارت أوضاعهم تتفاقم بسبب غياب الرعاية اللازمة لهم، والاهتمام الذي يحتاجونه بعد اضطرارهم للخروج من المدرسة، ليصيروا عرضة للشارع، وما يتعلمون فيه من عادات لا ترتقي بهم، لكنّ الأمر ليس صعباً إن عمدت المؤسسات الاجتماعية ووكالة "أونروا" إلى حماية هؤلاء المتسربين، فإذا تعذرت إعادتهم إلى المدارس، يمكن أن تعلمهم مهناً وحرفاً تحميهم من التسكع في الشوارع، وتحميهم من التعرض للآفات، كتعاطي المخدرات، أو الانتماء إلى أي تنظيم إرهابي، بحجة الفراغ والبحث عن المال.




مبادرة مركز معاً، قد تبدو لكثيرين بسيطة، لكنّها ذات أثر كبير في مخيم عين الحلوة، إذ توفر للشباب المستهدفين فرصة حقيقية للتدريب المهني والحصول على عمل.

المساهمون