خرّيجو الدبلوم الفني "أميّون"

خرّيجو الدبلوم الفني "أميّون"

10 فبراير 2016
يتدربون على آلات تعود إلى الستينيات (Getty)
+ الخط -

أثارت تصريحات نائب وزير التربية والتعليم لشؤون التعليم الفني في مصر، الدكتور أحمد الجيوشي، حول "ارتفاع نسبة الأمية في مصر بين خريجي المدارس الفنية نظام السنوات الثلاث (زراعة - صناعة - تجارة)" ردود فعل غاضبة بين عدد من خبراء التعليم. ويشدّد هؤلاء أن منظومة التعليم في مصر بشكل عام في انحدار، وأن انهيار التعليم الفني سببه الحكومة التي تنظر إلى هذا النوع من التعليم على أنه "درجة ثانية".

يشير هؤلاء إلى أن التعليم الفني في كل دول العالم يعدّ مصدراً رئيسياً لمدّ سوق العمل بالعمالة الفنية المدربة جيداً، والتي تلعب دوراً مهماً في دفع عجلة التنمية إلى الأمام. وهذا النوع من التعليم يحظى بأهمية كبرى في معظم الدول المتقدمة، سواء من قبل حكوماتها أو من المجتمع الصناعي وذلك التجاري، اللذين يهتمان بالحصول على عمالة متعلمة ومدربة تساعدهما على زيادة الإنتاج.

يكشف أستاذ التربية في جامعة المنوفية الدكتور نبيل حنفي أن "أكثر من 45% من خريجي المدارس الثانوية الفنية لا يجيدون القراءة ولا الكتابة، وأكثر من 70% منهم لا يملكون ثقافة عامة"، مؤكداً أن "القائمين على التعليم الفني في مصر هم وراء كوارث الخريجين، بسبب عدم الاهتمام بالمستوى العام لهذا التعليم عموماً. وهو الأمر الذي أدى إلى انحداره". يضيف لـ "العربي الجديد" أنه "بدلاً من انتشار الورش الفنية في تلك المدارس، لكي يكون الخريج مدرباً على العمل، تنتشر الفوضى بمختلف أشكالها داخل المدارس الفنية، من تعطل الورش وانتشار البلطجة وتجارة المخدرات والسنج والمطاوي". ويوضح أن "عدداً كبيراً من التلاميذ يتعاطون الحشيش وكل أنواع المخدرات داخل الفصول وأمام المدرّسين، ومنهم من يهرب لتضييع الوقت خارج المدرسة بتدخين الشيشة. كذلك، ثمّة من يستخدم المدرسة كوسيلة للترفيه والرقص. وأمام كل ذلك، أصبح لدينا خريج بلطجي بامتياز من تلك المدارس".

يتابع حنفي أن "حال التعليم الفني في مصر أصبحت كالنفخ في قِربة مخرومة مثلما يقول المثل الشعبي الدارج، إذ يعاني من أزمة مستحكمة قد تؤدي بنا إلى الضياع في كل المجالات وليس في التعليم وحده". ويشدد على أن "الحل الوحيد لإصلاح منظومة التعليم الفني في مصر، هو ربط تخصصات التعليم الفني ومناهجه بمتطلبات التنمية الاقتصادية للمجتمع. وهو ما يتطلب استحداث تخصصات جديدة تواكب ما يستجد من تقنيات أو تطبيقات".

من جهته يقول أستاذ المناهج في جامعة عين شمس الدكتور حسن شحاتة إن "التعليم الفني يُعدّ أحد أسباب انتشار البطالة في مصر، إذ إن أكثر التلاميذ هم إما أميون وإما أنصاف متعلمين، بسبب عجز الدولة عن تطوير هذا التعليم والنهوض به إلى مستويات أعلى". ويؤكد أن "هدف التلميذ في التعليم الفني لم يعد إلا الحصول على المؤهل المتوسط فقط"، مشيراً إلى أن "أكثر من 70% من خريجي المدارس الفنية لا يعرفون شيئاً عن جدول الضرب وأن لدى هؤلاء قاعدة يطبقونها في تعليمهم وهي: أكل ونوم تاخد دبلوم. وهذا دليل على مدى الفوضى في هذا القطاع الهام والحيوي من التعليم الفني في مصر".

ويذهب شحاتة إلى أبعد من ذلك، مؤكداً أن "التعليم المفتوح الذي يقبل خرّيجي الدبلومات الفنية يُعدّ كارثة. وقد وصل الأمر إلى حدّ ترقية عدد كبير من أمناء الشرطة حالياً إلى ضباط وهم يجهلون القانون، بعد متابعتهم التعليم المفتوح في كلية الحقوق". ويشدد على أن "التعليم في مصر في حاجة إلى مشرط طبيب ماهر للنهوض به قبل فوات الأوان، فالتعليم هو قاطرة التقدم في أي دولة"، لافتاً إلى أن "تدهور البنية الصناعية في مصر يعود إلى فشل التعليم الفني".

في السياق نفسه، يرى الخبير التربوي الدكتور كمال مغيث أن "التعليم الفني في مصر يمر بأسوأ حالاته. مؤشرات البطالة بين خريجي هذا التعليم وصلت إلى 70% من إجمالي حالات البطالة، وهي الأعلى بين الخريجين". يضيف أن "كثيرين هم تلاميذ التعليم الفني الذين لا يجيدون القراءة والكتابة، وهذا معناه تدني أساليب تعليمهم"، لافتاً إلى أن "تدهور مستوى التعليم الفني في مصر يرجع إلى عدم توفّر فرص عمل، نتيجة تدهور الصناعة والتجارة والزراعة". ويشدد على أن "التعليم الفني في مصر يأتي في أسفل قائمة اهتمامات وزارة التربية والتعليم، إذ يصنَّف بأنه تعليم الفقراء".

ويتابع مغيث أن "التعليم الفني يحتاج إلى إرادة سياسية من قبل الدولة، تضع له الميزانية الملائمة، وهذا غير موجود منذ سنوات. إلى ذلك، فإن 65% من تلاميذ المرحلة الإعدادية يقبلون عليه، فيما يدخل 35% منهم الثانوية العامة، وذلك وفقاً لإحصائيات وزارة التعليم". ويلفت إلى أن "الدولة تحرص على هذه النسبة منذ زمن، إذ يحتاج طلاب التعليم العالي من الدولة أمكنة لهم في الجامعات ومصاريف زائدة، وهي لا تريد أن تشغل نفسها بهذا. أما تلاميذ التعليم الفني، فهم يتدربون على آلات تعود إلى ستينيات القرن الماضي، عفا عليها الزمن".

اقرأ أيضاً: 200 ألف مصري ينتظرون الموت