يا مهاجرين ارجعوا...

يا مهاجرين ارجعوا...

24 ابريل 2019
هل يعاني من البطالة؟ (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -
هناك أغنية للمطرب الراحل وديع الصافي تبدأ بموال يقول فيه: "يا مهاجرين ارجعوا غالي الوطن غالي/ لبنان ما أحسنوا العيشة طبيعية...". هذا ما تقوله كلمات الأغنية، لكن الواقع يختلف، إذ يعاني خريجو لبنان من أزمة قاتلة، فكل الأسر اللبنانية التي جاهدت لإنجاز أبنائها دراساتهم الجامعية خسرتهم إلى هذا الحد أو ذاك. إذ إن غالبية هؤلاء تحزم حقائب السفر وتغادر حالما يتوافر لها سبيل الهجرة. والهجرة لم تعد تقتصر على الذكور بل باتت تشمل الإناث أيضاً. أما الباقون من الخريجين في البلاد فيجلسون في بيوتهم يقلبون شاشات التلفزيون أو صفحات الفيسبوك بانتظار الفرج الذي لا يأتي.

تتداخل في أسباب هذه الأزمة عوامل متعددة، من بينها وفرة الجامعات والمعاهد العليا ومعاهد التعليم المهني وتوافرها لدى القطاعين العام والخاص، وانعدام التخطيط أو المواءمة بين التعليم وسوق العمل، وجمود الاقتصاد على نحو شبه كلي مع ارتفاع في المديونية العامة وارتفاع الفوائد... وزاد الطين بلة وجود حوالي مليون سوري لاجئ إلى البلاد، حسب إحصاءات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الدولية، بينما يردد المسؤولون رقماً يصل إلى المليون ونصف المليون.

في دراسة وضعتها جمعية "مبادرات وقرارات"، بناءً لطلب من إحدى الجهات الأمنية لمعرفة أسباب توجه الشباب نحو الإرهاب والمخدرات وآفات المجتمع، ظهرت بطالة بنسبة 36 في المائة وسطياً، إذ هناك 660 ألف شخص عاطلون من العمل في لبنان، مع معدلات متفاوتة.

ففي بيروت الإدارية النسبة هي 19.9 في المائة، وجبل لبنان 32 في المائة، وفي الجنوب/ صيدا وجوارها بين 20 و21 في المائة، وصور وجوارها 19 في المائة، وعكار 44 في المائة (خصوصاً بين الشباب)، والبقاع الغربي بين 22 و23 في المائة، والبقاع الشمالي بين 44 و45 في المائة. بموجب هذه الأرقام، "يكون المجموع 36 في المائة"، مع وجوب الإشارة إلى وجود نحو 800 ألف سيدة ربة منزل من حاملات الشهادات لا يعملن أيضاً.



يرى خبراء البنك الدولي في دراسة جرى إعدادها في العام 2017 بناءً على معطيات رسمية وخاصة، أن "الضغوط التي تسبب بها الوجود السوري في لبنان قادت إلى سقوط حوالي 200 ألف لبناني آخرين في براثن الفقر، ليُضافوا إلى الفقراء السابقين البالغ عددهم مليونا". وتذهب التقديرات إلى أن هناك من 250 ألفاً إلى 300 ألف مواطن لبناني، معظمهم من الشباب عديمي المهارات، أصبحوا في عداد العاطلين من العمل.

وكانت دراسة لوزارتي العمل والشؤون الاجتماعية ومنظمة العمل الدولية أظهرت أن البطالة كانت 11 في المائة عام 2009، نسبة الشباب منهم 34 في المائة، والنساء 18 في المائة. لكن النسبة أصبحت اليوم أعلى بكثير، وذلك بعد تدني معدل النمو الذي لا يتجاوز 2 في المائة.

بين الأزمة السياسية والاقتصادية المحتدمة وفوضى المعاهد والجامعات، يعيش شباب لبنان أزمة مضاعفة لا سبيل أمامهم سوى الفرار من بلاد الأرز والطائفية.

(باحث وأكاديمي)

المساهمون