خليل الجديلي... حكاية غواص في غزة بلا قدمين

خليل الجديلي... حكاية غواص في غزة بلا قدمين

25 أكتوبر 2017
اكتشف عشقه للغطس خلال العلاج (العربي الجديد)
+ الخط -

يجلس الغواص الفلسطيني خليل الجديلي (24 عاماً) على كرسيه المتحرك، في مخيم البريج وسط قطاع غزة، بعد أن فقد قدميه نتيجة قصف مدفعي إسرائيلي في العدوان الأول على القطاع عام 2009، يقلب صوراً فوتوغرافية لتدريبات هواية الغطس والغوص، التي أتقنها خلال رحلة علاجه.

الابتسامة الواسعة لم تفارق وجه الجديلي، خلال تصفّحه ألبوم ذكرياته غير القديمة، وقد ارتسمت على ملامحه أمنيات بأن يعود به الزمن مجدداً لقضاء وقت أطول تحت الماء، خصوصاً أن الحظ لم يسعفه لممارسة هوايته المفضلة في غزة، نتيجة ظروف يتطرق التقرير لذكرها.

صدفةٌ بحتة غيّرت حياة الشاب الفلسطيني الجديلي، خلال رحلات علاجه، إذ خرج في رحلة استجمام ونقاهة تم تنظيمها لعدد من المصابين، وعرض عليه أحدهم تجربة الغطس، فوافق بعد تفكير عميق، حتى غرق بعدها في عشق هذه الهواية التي أسرته، ولم يستطع بعد ذلك الموقف مفارقة إدمانها.

وعن قصته، يقول خليل الجديلي لـ"العربي الجديد" وهو خريج بكالوريوس إدارة أعمال من الجامعة الإسلامية في مدينة غزّة، إنه تعرّض للإصابة بتاريخ 16 يناير/كانون الثاني 2009 أثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حين باغتته وأسرته قذيفة إسرائيلية أصابت منزلهم مباشرة، أدت إلى استشهاد شقيقه مهند، وإصابته إصابة خطيرة مع شقيقه الآخر.

ويتابع بادياً عليه الانزعاج على ملامحه: "فقدت قدميّ في اللحظة الأولى من القصف، وتم نقلي على الفور إلى مستشفى الأقصى، حيث أجريت عمليات تنظيف الجروح من العظام المتهتكة، ومن ثم تحويلي إلى مستشفى العريش في جمهورية مصر العربية في اليوم التالي، وبعد ذلك إلى مستشفى حلمية الزيتون العسكري في القاهرة"، موضحاً أنه مكث لمدة شهرين ونصف الشهر في مصر، أجرى خلالها عدة عمليات.


يستعيد ذكرياته الحديثة ويتمنى فرصة مماثلة(العربي الجديد) 





ويوضح أنه عاد إلى غزة لتقديم الامتحانات، لكن السلطة الفلسطينية حولته بعد ستة أشهر إلى معهد "سوتشا" للأطراف الصناعية والتأهيل في "سلوفينيا"، وعاد مجدداً في عام 2010 لتركيب أطراف صناعية في الإمارات، مع جمعية إغاثة أطفال فلسطين، استمرت رحلته حينها شهرين.

يقول خليل عن بداياته: "ترددت حينها بسبب عدم وجود علاقة بيني وبين الماء، لكنني شعرت برغبة داخلية تدفعني لتجربة هذه المغامرة، وبالفعل قمت بها بعدما لبست عدّة الغطس الكاملة، وهي بدلة الغطس، جرة الأوكسجين، النظارة، السنوركال، جهاز التحكم في الطفو، هواء بديل، وجهاز الأثقال والذي يساعد على الغطس".

المدرب أشاد بقدراته وشجعه على الاستمرار في ممارسة هوايته(العربي الجديد) 


حصار غزة عائق أساس أمام طموحاته(العربي الجديد) 



"كانت تجربة مثيرة ورائعة"، يقول الجديلي، مضيفاً: "إتقاني للتعليمات، وقدرتي على الغوص والغطس دفعت المدرب الأجنبي إلى إسداء النصيحة لي بالاهتمام وتلقي الدروس، وهذا ما حصل، إذ أصبحت أدرك كافة التفاصيل المتعلقة بالغطس، وأستطيع التحكم في أدوات الغوص والغطس، ما أثار حفيظة عدد من الصحف الدولية للحديث عن هوايتي، رغم الإصابة والإعاقة التي أعاني منها".

عاد الجديلي مجدداً لقطاع غزة، لإتمام دراسته الجامعية، لكن الدراسة لم تمنع شغفه من البحث عن طرق للغوص، إلى أن اصطدم بحائط الإمكانيات في القطاع المحاصر.


يعتبر الغطس من أجمل التجارب التي عاشها(العربي الجديد) 


ويوضح أنه يقضي وقته في السباحة، لعدم توفر أدوات "الرياضة الترفيهية" الغطس، إلى جانب عدم توفر النوادي الخاصة بالغطس والدورات التدريبية المختصة. ويقول الجديلي: "مكثت في إحدى المرات ساعة ونصف الساعة تحت الماء، راقبت خلالها الأسماك والحياة البحرية، أعتقد أنه أجمل وقت قضيته في حياتي، وأتمنى أن يتكرر".

دلالات

المساهمون