أثر قطاع النقل على البيئة في ندوة لـ"العربي الجديد"

أثر قطاع النقل على البيئة في ندوة لـ"العربي الجديد"

30 مارس 2017
أين خطة الطوارئ؟ (حسين بيضون)
+ الخط -
في لبنان قطاعات عدّة تلوّث البيئة. مشكلة حوّلتها "العربي الجديد" إلى ندوة أضاءت على جانب من الأزمة

في يوميات اللبنانيين ازدحام سير وصعوبة في التنفس. هما حالتان توأمان، الثانية منهما نتيجة للأولى على الأرجح. على الرغم من المسببات الأخرى لتلوّث الهواء التي يعانيها هذا البلد الصغير والتي تزيد أرقام الفاتورة الصحية فيه، إلا أنّ عدد السيارات الهائل في شوارع العاصمة والمدن الرئيسية يستدعي وقفة ما.

هذه الوقفة سعت "العربي الجديد" في ندوتها، أمس الأربعاء، بعنوان "التلوّث البيئي الناتج عن قطاع النقل وسبل الحدّ من مخاطره" التي نظمتها في مكتبها في بيروت، إلى الإضاءة عليها من خلال استضافة الخبير والصحافي البيئي حبيب معلوف، إلى جانب ممثلَين عن وزارتي البيئة والداخلية.

في عرضه الوقائع، أشار معلوف إلى أنّ التلوّث في لبنان، لا سيما في العاصمة، لم يعد يحتاج إلى أجهزة قياس "بل يُشاهَد بالعين المجردة ويتسبب برائحة واضحة وضيق تنفس". يضيف أنّ "الدراسات المقارنة والمتفرقة منذ عام 1995 أكدت أنّ نوعية الهواء في لبنان تستدعي حالة طوارئ لأكثر من 100 يوم في السنة يكون التلوّث فيها في حالة الذروة في المدن. كذلك، فإنّ وحدة البحوث المشاركة حول نوعية الهواء، التي أنشأها المجلس الوطني للبحوث العلمية في عام 2008، أظهرت أنّ تلوّث الهواء لم يعد ينحصر في المدن، بل يمتد إلى ارتفاع ما بين 700 متر و900 عن سطح البحر". عقّب معلوف أنّ عدد الأيام التي تشهد تلوّثاً أكثر من غيرها، وهي أيام الصحو في لبنان، يصل إلى 200، ولو أنّها ليست كلّها في خانة الطوارئ. أما الأيام الأقل تلوّثاً فهي التي تشهد أمطاراً وعواصف ورعوداً.

(حسين بيضون)



المسألة هي في انحباس الهواء الذي يحيلنا مباشرة إلى قطاع النقل البري وازدحام الطرقات بالسيارات خصوصاً في المناطق الساحلية المحاذية للجبال، كما هي الحال في الطريق من بيروت إلى أنطلياس (إلى الشمال من العاصمة) مروراً بنهر الموت، وهو طريق يشهد ازدحاماً يومياً في الاتجاهين. وأشار معلوف إلى أنّه في هذه الحال فإنّ "زحمة السير الهائلة تؤدي إلى تلوّث كبير مهما كان نوع المحرّك ونوع المحروقات المستخدمة، لأنّ اشتغال المحرّك خلال الوقوف يؤدي إلى تلوّث أكبر بست مرات من السير".

من الوقائع أيضاً ما عرضته الصحافية البيئية غادة حيدر التي أدارت الندوة في إشارتها إلى أنّ الدراسة الأخيرة لآثار التلوّث في عام 1998 بيّنت أنّ الكلفة المالية لتلوّث الهواء وصلت إلى 130 مليون دولار في عام واحد: "فما بالكم اليوم، مع زيادة النمو السنوي للتلوّث؟" على حد تعبيرها.

وبيّن معلوف بعض النقاط المضيئة في متابعة قضية تلوّث الهواء في لبنان خلال العقدين الأخيرين على الأقل، من ذلك إقرار البرلمان اللبناني القانون 341 لسنة 2001 والتعديلات عليه في عام 2004، الذي يفرض التخفيف من تلوّث الهواء الناتج عن قطاع النقل، والاتجاه إلى الوقود الأقل تلويثاً. وهو القانون الذي تصدى خصوصاً لصفقة الفانات (ميكروباص) العمومية، فئة 12 راكباً، التي تعمل على المازوت (ديزل) وقد لوّثت شوارع البلاد وأجواءها بدءاً من عام 1999، مزاحِمة قطاع النقل البري العمومي التقليدي، أي سيارات الأجرة الصغيرة. وهو ما دفع سائقي سيارات الأجرة الصغيرة إلى تبديل محركاتهم بدورهم بمحركات تعمل على المازوت، ما فاقم المشكلة واستدعى إقرار القانون ومن بعده التعديلات.

(حسين بيضون)


بالحديث أكثر عن السيارات التي تملأ الشوارع اللبنانية، عمومية وخصوصية، والتي بات معدلها في لبنان "سيارة لكلّ شخص ونصف اليوم" بحسب معلوف، قال ممثل وزارة الداخلية الرائد إيدي قهوجي، وهو من مفرزة سير بيروت الثانية، إنّ وزارة الداخلية أولاً تحاول ضمن القوانين الموجودة أن تقوم بما عليها على صعيد تنظيم السير وكبح المخالفات خصوصاً مع بدء تطبيق قانون السير الجديد والمعايير التي تشترطها مواده على نوعية عادم السيارة. ومع رفعه المظلومية عن عناصر السير الذين "ينظر إليهم المواطن وكأنّهم يجسدون كلّ الوزارات، فيحمَّلون مسؤولية لا علاقة لهم بها"، أشار قهوجي إلى النقص الذي يعاني منه قطاع تنظيم السير في لبنان، إذ لا يعمل في كلّ أرجائه أكثر من عشرين مفرزة سير.

بدوره، قال ممثل وزارة البيئة المهندس باسل منذر إنّ الوزارة أنشأت من خلال "الشبكة الوطنية لرصد نوعية الهواء" بمساعدة الأمم المتحدة خمس محطات في بيروت وزحلة وصيدا وبعلبك للرصد. وتنوي في مرحلة مقبلة التوسع في عشر محطات إضافية تغطي مختلف المناطق اللبنانية للوصول إلى المعلومات الكافية. أضاف أنّ الوزارة بدأت العمل على "الاستراتيجية الوطنية لنوعية الهواء" منذ عام 2015، ومن ضمنها أهداف قريبة الأمد لعام 2020، وأهداف بعيدة الأمد لعام 2030، مع لحظ التعامل مع أيّ مؤشرات بشكل مباشر بعيداً عن موعدَي أهداف الاستراتيجية المحددَين.

هذه النقطة بالذات انتقد فيها معلوف وزارة البيئة إذ أشار أولاً إلى أنّ اختيار مواقع أجهزة الرصد "لا يشمل أكثر المناطق سخونة، لا سيما الطريق من الدورة إلى أنطلياس". كذلك، قال معلوف إنّ الوزارة لا تملك أجهزة متنقلة لرصد الهواء "كما أنّها لا تملك خطة طوارئ، فماذا ستفعل بالمعلومات التي تصلها من أجهزة الرصد؟".

دلالات

المساهمون