المادة 252

المادة 252

24 اغسطس 2016
العنف ضد المرأة شائع في لبنان (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -
فتحت التداعيات القضائية لقضية منال عاصي الباب على مصراعيه لتعرية المنظومة القانونية في لبنان، والتي تميّز بشكل صارخ بين النساء والرجال. قانون العقوبات اللبناني مليء بالمواد التمييزية والتسميات البالية التي تُشيّء النساء، وتلغي كرامتهن وإنسانيتهن، وتفرض قيوداً على جنسانيتهن. تشكّل عبارات من مثل "الزنا" و"الشرف" و"العرض" و"الأعمال غير المحقة" و"الإخلال بالآداب العيلية" عذراً كافياً لمنح شرعية مجتمعية وقانونية لانفعالات وثورات "الغضب"، والتي بدورها تشكّل عذراً أقبح لتبرير القتل تحت عين القانون وبرعايته.

احفظوا هذين الرقمين جيداً: 562 و252

562 هو رقم المادة في قانون العقوبات اللبناني، التي تمنح العذرين المحل والمخفف لمرتكب جرائم "الشرف" في لبنان.

252 هو رقم المادة من قانون العقوبات اللبناني، التي تمنح العذر المخفّف لمجرم أقدم على ارتكاب جريمته بسبب "ثورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق، وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه".

المادة 562 ألغت جرائم الشرف إلى غير رجعة، أو هكذا ظننا. ففي عامي 1999 و2011 ألغي العذر المحل ومن ثم العذر المخفف لمرتكب الجريمة. أما المادة 252 فتعيدها (أي جرائم الشرف) متنكرة تحت مسميات أخرى. وهنا أبدع القضاء اللبناني بجرّ "الشرف" والمادة التي تصونه من الأدراج، مستنداً في قضية منال عاصي على أحكام المادة 252 لتشكل مخرجاً قانونياً وشرعياً لـ"جرائم الشرف".

الشرف بمفهومه المتخلّف والمطاط في لبنان لم يغادر الأذهان أو المواقف، بالرغم من كونه أزيل بصورة مباشرة من النصوص القانونية. يخرج من مادة ويتلطى بصورة خفية في مواد قانونية أخرى. هذا المفهوم نفسه كان بين الأعوام 1999 و2007 قد غلّف جرائم قتل وحشية بحق النساء، استندت عليه أحكام قضائية للتخفيف أو العفو عن 66 جريمة على الشكل الآتي:
- زواج الفتاة من شخص من خارج الطائفة من دون رضى الأهل 3%.
- عودة الفتاة في ساعة متأخرة 3%.
- اكتشاف علاقة حب أو خيانة زوجية 16.7%.
- طمع بالإرث 6.1%.
- خلافات زوجية حادة 6.1%.
- فض بكارة قبل الزواج 1.5%.
- وقوف فتاة مع شخص غريب أو محادثته، والذهاب الى السينما مع صديق، وقيام شاب بإهداء شابة أغنية في الإذاعة 10.6 %.

اليوم وبعد خمس سنوات، عاد "الشرف" إلى الواجهة. ولعل استنفار الرأي العام في قضية منال عاصي كان عاملاً مؤثراً ليُصار إلى نقض الحكم من قبل النائب العام، لدى محكمة التمييز، أوائل الأسبوع الحالي، بعد أن خذلت النيابة العامة الاستئنافية الرأي العام، بعدم نقض الحكم أو استئنافه. تبقى خطوتان تجاه تحقيق العدالة لمنال ولجميع النساء في لبنان. الخطوة الأولى في إعادة محاكمة زوج منال القاتل، والثانية في "تنزيه" قانون العقوبات بإلغاء المادة 252 وأخواتها كأحكام الزنا والإجهاض، وما لفّ لفّها.

*ناشطة نسوية

المساهمون