كيف يراقب العراقيون الأزمة السياسية الخانقة؟

كيف يراقب العراقيون الأزمة السياسية الخانقة؟

05 سبتمبر 2018
الشارع العراقي يراقب الأحداث السياسية بتخوف (Getty)
+ الخط -
يتخوّف سكان العاصمة بغداد، ولا سيما في الأحياء المزدحمة القريبة من المنطقة الحكومية (الخضراء)، من عودة الهجمات الإرهابية بالتزامن مع الأزمة السياسية الأخيرة ومشكلة تشكيل الحكومة الجديدة، التي من المفترض أن تتشكل خلال الأيام الحالية، بعد استئناف عمل البرلمان العراقي الجديد.

وبحسب مواطنين من بغداد، فإن غالبية الهجمات الإرهابية والانفلات الأمني الذي استهدف مدينتهم وغيرها من المدن العراقية، حصلت في الفترات التي تشهد عدم اتفاق سياسي بين الأحزاب حول إدارة البلاد، فالتفجيرات التي تستهدف المواطنين هي "تصفيات سياسية"، مثلما قال المواطن فالح الكرخي.

وأشار الكرخي إلى أن "البغداديين صاروا يدركون تماماً، أن العمليات الإرهابية والاغتيالات التي تتعرض لها شخصيات مدنية، فضلاً عن انتشار العناصر الأمنية في مدن لا حاجة لها بعناصر أمن فائضة عن اللزوم، هو بسبب تدهور الوضع السياسي"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أنّ "التفجيرات التي استهدفت أحياء جانبي الكرخ والرصافة في الحقيقة هي تصفيات سياسية لنفوذ الأحزاب المتصارعة على الحكم، أكثر مما هي عمليات إرهابية بحتة، ينفذها إرهابيون متطرفون".

ولدى أغلبية الأحزاب العراقية وتحديداً الشيعية في العراق فصائل مسلحة، تستطيع تصفية خصومها إذا اضطرت، وهذا ما حذر منه الصحافي محمد عماد. وقال لـ"العربي الجديد"، إن "الشارع العراقي يراقب الأحداث السياسية بتخوف من حصول صراع مسلح بين الجهات السياسية، التي تملك فصائل مسلحة، خصوصاً الخلاف السياسي الذي يحدث الآن بين تحالف "الفتح" الذي يمثل الحشد الشعبي، و"سائرون" المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وهو نفسه يدير فصيلا مسلحا كبيرا "سرايا السلام"، إذ تملك هذه الفصائل سلاحا وتستطيع العمل بواسطته خارج إطار الدولة".

وأكمل أن "الخوف الحقيقي ينبثق من احتمالية جر المواطنين إلى هذا الصراع، ولا سيما أن الأحداث السياسية حتى هذه اللحظة مبهمة وغير واضحة، وحسم الخلاف سيكون عبر المحكمة الاتحادية، كما حصل في انتخابات 2010، لكن الحل المنتظر من المحكمة، قد لا يرضي أحد الأطراف، وهذا قد يدفع إلى الاعتماد على الجماهير الشعبية والتصادم مع الجماهير الشعبية الأخرى التابعة لحزب آخر، بحجة سرقة الاستحقاق الانتخابي والسياسي".

وقد تكون البصرة أكثر المدن العراقية في الجنوب تأثراً بالاضطراب السياسي الجاري بين البرلمان والأحزاب، إذ تشهد بالأصل اضطراباً أمنياً منذ شهرين جراء الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالخدمات.

وقال المسؤول المحلي في ناحية الشافي التابعة لقضاء القرنة في البصرة، عبد الوهّاب الحساني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "متظاهري البصرة منذ يومين يهددون بحمل السلاح في وجه الدولة والجيش بعد سقوط قتيل من المتظاهرين، ولكن حتى الآن لم تتطور هذه التهديدات إلى مرحلة التطبيق، لكن مع انشغال الأحزاب السياسية في بغداد وفشل البرلمان الجديد في تشكيل الحكومة قد يؤدي الأمر إلى تبعات خطيرة على المدينة".

برلمانياً، أكد رئيس كتلة الفضيلة في البرلمان العراقي عمار طعمة، الثلاثاء، أن تأجيل جلسة مجلس النواب سيسبب تأخير إنجاز الالتزامات الدستورية وتأخير تشكيل الحكومة، فضلاً عن ازدياد معاناة المواطنين، وتعاظم الفشل والتقصير الوزاري.

وقال في مؤتمر صحافي في البرلمان، إن "الكتل السياسية عليها تحمل مسؤوليتها الأخلاقية والوطنية وتشكيل السلطات لغرض الإسراع بإنجاز برنامج حكومي واقعي يلامس تطلعات ومطالب المواطن الأساسية ويعالج الأزمات الخدمية والاقتصادية والبطالة". وحذر من "عواقب الأزمة السياسية التي قد تؤدي إلى مشكلات اجتماعية وأمنية، قد تهدد بنتائج بالغة الخطورة".

إلى ذلك، رأى الأستاذ بالإعلام في جامعة بغداد، رعد جاسم أن "هناك علاقة طردية بين عدم الالتقاء السياسي والانفلات الأمني، وأن عدم تشكيل الكتلة الكبرى ومن ثم الحكومة الجديدة، سينعكس سلباً على تطلعات المواطنين ويؤدي إلى إرباك أمني، وقد يدفع بعض الخلايا الإرهابية النائمة إلى الظهور مرة ثانية وتنفيذ هجمات إرهابية"، لافتاً بحديثه لـ "العربي الجديد"، إلى أن "الأجهزة الأمنية في العراق ليست مرتبطة بالدولة ككيان شامل، إنما هي مرتبطة بأحزاب سياسية وشخصيات ورموز عراقية، لذلك فإن الصراع السياسي سيترك أثراً على الأجهزة الأمنية وعلى خططها".



وأشار إلى أن "الأحزاب العراقية تستطيع أن تستولي على الأجهزة الأمنية، لأن الأحزاب في الحقيقة هي من صنعت هذه الأجهزة، عبر المحاصصة، فقد كانت الأحزاب في كل الحكومات السابقة بعد العام 2003، ترشح القادة الأمنيين لتولي مناصب مهمة. وبالتالي، فإن الولاءات الأمنية ليست للدولة وإنما للأحزاب".