النوبة الرمضانيّة

النوبة الرمضانيّة

26 يونيو 2015
تحتفل مناطق بالطفل الذي يصوم لأول مرة (فرانس برس)
+ الخط -
تتشابهُ عادات المغاربة في شهر رمضان بشكلها العام. لكن يبقى لكل منطقة طقوسها الخاصة. على سبيل المثال، فإن عادات أهل الصحراء في الجنوب ليست كعادات أهل الشمال، أو القاطنين في مناطق أخرى. ما يجمعُ المغاربة هو الاحتفاء الكبير بهذا الشهر وتقديسه.

العادات كثيرة، منها ما يتعلق بالأكل، أو لقاءات السمر في الليل، وغيرها، علماً أن كثيراً منها بات مهدداً بالاندثار بسبب عوامل التمدن، وطغيان قيم الفردانية في المجتمع. في مناطق الصحراء جنوب المغرب، تختلف عادات السكان عن باقي مناطق المملكة، سواء في ما يُقدم من أكلات على مائدة الإفطار، أو التقاليد والعادات الاجتماعية التي دأب الصحراويون عليها خلال هذا الشهر، سواء لناحية تواصلهم في ما بينهم، أو نشاطاتهم الترفيهية.

عادةً ما تشتهرُ مائدة الإفطار في مناطق الصحراء بتواضعها وعدم إسراف الأسر في وضع ما لذ وطاب. ويحرصُ الصحراويّون على التمسك بعادات الأكل الصحية، ولا يستغنون عن الحساء والتمر واللبن. على المائدة، تجد أكواب اللبن الطازج، والتمور، وحساء الشعير، فضلاً عن الشاي. ولا يتطلب تحضير هذه الموائد من ربة البيت أي جهد إضافي، باعتبار أن موائد الإفطار في العديد من المناطق الأخرى تتطلب تحضيراً كثيراً.

وما زالت مناطق الصحراء المغربية تُحافظ على إحدى عاداتها القديمة، والتي تسمى "النوبة الرمضانية"، والمقصود بها اتفاق الأسر في ما بينهم على تناول الفطور في بيت أحدهم كل مرة. خلالها، تلتقي الأسر والجيران، ويتسامرون حتى ساعات متأخرة من الليل.

في السياق، تقول مية بنت سعدة لـ "العربي الجديد" إن "النوبة" من العادات الاجتماعية التي لم يتخلّ عنها المجتمع الصحراوي، على الرغم من مظاهر التمدن. تضيف أنها عادة اجتماعية تجعل الأسر الصحراوية تزور بعضها بعضا، لافتة إلى أنه خلال هذا الشهر، لا تفطر الأسرة في بيتها سوى مرة واحدة فقط، بسبب تنقلها من بيت إلى آخر.

وتشهد ليالي الصحراويين في رمضان ألعاباً وأنشطة ترفيهية، منها التنافس في إلقاء الشعر، ولعبة "الضامة" ولعبة "السيك" التي تقام على بساط رملي مستطيل.

ومن العادات التي تشتهر بها عدد من المناطق المغربية في شهر رمضان، الاحتفاء البالغ بالصغار الذين يصومون للمرة الأولى. تحتفل العائلات بهم، ويرتدي الطفل الصائم، ذكراً كان أو أنثى، زي العريس أو العروس. في السياق، تقول الأم طامو لـ "العربي الجديد" إنها صنعت ثياباً لكل أحفادها الذين يصومون لأول مرة، للاحتفال بهم.

في مناطق أُخرى، تحتفل العائلة بالفتاة الصغيرة التي تصوم لأول مرة. تقصد مزينة الشعر، وترتدي أزياء بلادها التقليدية، على غرار القفطان والتكشيطة، لتبدو مثل عروس جميلة.

وفي مناطق شمال المغرب أيضاً، يحتفلُ بالطفل الذي يصوم لأول مرة، من خلال تناوله بضع حبات من التمر، أو أكل بيضة وشرب كوب من الحليب، وهو يقف على سلم خشبي في سطح المنزل، مباشرة بعد حلول موعد الإفطار، فيما يتحلق حوله أفراد الأسرة، ويهللون أو يصفقون.

في السياق، تقول الباحثة الاجتماعية ابتسام العوفير لـ "العربي الجديد" إن هذه الطقوس التي ما زالت كثير من الأسر المغربية تحافظ عليها، وخصوصاً في المناطق الشرقية، تدل على السمو"، لافتة إلى أن "جلوس الطفل الصائم لأول مرة على سلم خشبي، يدل على رغبة هذه العائلة بأن ترفع الطفل إلى مقام أعلى". وترى أن "هذا الطقس الرمضاني، الذي يحمل دلالات اجتماعية ودينية وتربوية مختلفة، ينطبع بشكل راسخ في ذهن الطفل الصغير، ما يجعل ذلك اليوم دافعاً نفسياً هاماً بالنسبة إليه ليستمر في صيامه، فيدرك أن لرمضان قدسيته وطابعه الخاص".

حفلات "الأحواش"
خلال شهر رمضان، يتوقف أهل سوس (جنوب المغرب) عن المشاركة في حفلات "أحواش"، وهي جزء من التراث الأمازيغي، علماً أن هذه الحفلات تغيب كلياً خلال شهر رمضان، لتعود مجدداً بعد انتهائه احتراماً لقدسية الشهر. ومن العادات التي تتشارك فيها العديد من الأسر (وخصوصاً النساء) في مختلف مناطق البلاد، هو توجهها صباح اليوم السادس والعشرين من الشهر إلى المقابر لزيارة الموتى.

إقرأ أيضاً: رمضان العرب.. لهيب الحرب والصيف

دلالات