تلاميذ سورية في تركيا

تلاميذ سورية في تركيا

01 نوفمبر 2016
تتوفر ثلاثة خيارات لتعليم السوريين في تركيا (فرات يورداكول/الأناضول)
+ الخط -
سجل كثير من السوريين المقيمين في تركيا للعام الخامس على التوالي أبناءهم في المدارس المتاحة على الأراضي التركية.

نحو 2.5 مليونَي لاجئ يعيشون في الجارة الشمالية خارج مخيّمات اللجوء، وفقاً للإحصاءات الرسمية التركية، نصفهم تقريباً دون سن 19 عاماً، أي في عمر الدراسة، على ما أكد مساعد وكيل وزارة التربية التركية، أرجان دميرجي.

تتاح أمامهم 3 أنواع من المدارس. النوع الأول المدارس السورية الخاصة، التي تتقاضى مبالغ كبيرة تصل إلى 15 ألف ليرة تركية (5050 دولاراً أميركياً) للعام الدراسي الواحد. الثاني المدارس السورية المؤقّتة التي أسسها مُدرّسون سوريون لاجئون في تركيا منذ عدّة سنوات. الثالث المدارس التركية الرسمية، التي سمحت في الثاني من شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، بدمج التلاميذ السوريين في مدارسها.

تشرف على هذه المدارس وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة، بالإضافة إلى وزارة التربية التركية، والمنظمات الإغاثية، ومدرّسين متطوعين، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف". تتبادل هذه الجهات عدة أدوار في دعم العملية التعليمية للتلاميذ السوريين، إما عبر تأسيس المدارس مباشرة، أو عبر دعم التلاميذ بمستلزمات الدراسة من كتب وقرطاسية وزي مدرسي وغيرها، كما تفعل المنظمات الإغاثية، أو بتقديم دعم مادي لرواتب المدرسين المتطوعين وهو من أبرز مهام "يونيسف" التي تكفّلت بتخصيصِ رواتب لدعم المدرسين السوريين المتطوعين.

قبل نحو 4 أعوام أسست مجموعة مدرّسين سوريين عدة مدارس في المدن التركية تحت مسمّى "المدارس المؤقّتة"، التي تختص بتدريس الأطفال السوريين المقيمين خارج المخيّمات التركية، مقابل مبالغ مادية قليلة نسبياً هدفها تغطية نفقات التدريس. لكن، يؤخذ على هذه المدارس ضعفها في تسيير العملية التعليمية، بالإضافة إلى تعدّد المناهج من مدرسة إلى أخرى.

تقول منى الأحمدي، وهي ربة منزل مقيمة في إسطنبول، لـ"العربي الجديد"، إنّها امتنعت عن تسجيل ابنها الذي وصل إلى الصف الخامس الابتدائي، في إحدى المدارس المؤقتة لأنه لم يحقّق أي تقدّم علمي. تضيف المرأة الأربعينية: "حاولت عدّة مرات معرفة السبب، وتبينت أنّ المناهج غير مناسبة لقدرات التلاميذ، والتعليم في المدارس غير منظّم" موضحةً أنها بدأت منذ شهرين البحث عن حلول بديلة.

منحت "يونيسيف" هؤلاء المدرّسين، الذين شرعوا في إنشاء المدارس المؤقّتة راتباً شهرياً قدره 550 ليرة (185 دولاراً). ثم ما لبثت أن رفعت هذا الرقم إلى 900 ليرة (303 دولارات) على الرغم من أنّ هذه المدارس تتقاضى رسوماً شهرية من التلاميذ المسجَّلين لديها.

امتنع أبو عصام، وهو سوري مقيم في إسطنبول عن إرسال أولاده الثلاثة إلى هذه المدارس المؤقّتة، لكنّ السبب ليس عدم رضاه عن العملية التعليمية، بل الوضع المادي. يقول لـ"العربي الجديد": "أدفع 150 ليرة (50 دولاراً) شهرياً عن كل ابن، وبالتالي فإن عليَّ أن أدفع 450 ليرة شهرياً لقاء تدريس الأطفال الثلاثة. أنا أمام أزمةٍ مادية كون راتبي في مجمله لا يتعدّى 1300 ليرة (438 دولاراً) شهرياً. فكيف أتمكن من العيش ودفع إيجار المنزل والفواتير والأكل وغيرها من المصاريف؟".

في التاسع عشر من شهر سبتمبر الماضي نشرت وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقّتة، تعديلاتٍ جديدةً نقلاً عن وزارة التربية التركية. تشتمل البنود المنشورة تعديلاتٍ على قانون تدريس التلاميذ السوريين في تركيا الصادر في 2 سبتمبر. شملت التعديلات تدريس المنهج التركي للتلاميذ السوريين، الذين هم تحت الحماية المؤقتة، في الصف الأول والخامس والتاسع. وذلك من خلال نقل تلاميذ الصف الأول الابتدائي من مراكز التعليم المؤقّتة إلى المدارس التركية، في حال وجود شواغر، لتعليمهم اللغة التركية ودمجهم بالتلاميذ الأتراك وتحت رعاية مدرسين أتراك. أما تلاميذ الصفين الخامس والتاسع فتُفتح لهم صفوف في المدارس التركية، ليتعلّموا اللغة التركية في الفصل الأول. بعدها في الفصل الثاني يدرسون منهاج الفصل الأول الاعتيادي، ثم يتابعون دراستهم بشكلٍ طبيعي وفقاً للمناهج التركية، مع دروس إضافية باللغة العربية خارج أوقات الدوام الرسمي.

تزامناً مع أخبار دمج التلاميذ السوريين في المدارس التركية، امتنع عدد من أولياء الأمور السوريين عن إرسال أولادهم إلى هذه المدارس، خوفاً من إبعادهم عن ثقافتهم ولغتهم العربية. رفض فراس العقيل، السوري المقيم في منطقة إسنيورت في إسطنبول هذا القرار. يقول لـ"العربي الجديد" إنّه يفضّل ترك ابنه بلا دراسة، أو تحفيظه القرآن، على نسيان لغته الأم.

القرار ذاته اتخذته أم علي، التي تعيش في مدينة إسطنبول منذ 4 سنوات، وتقول، لـ"العربي الجديد"، إنّها لم تقتنع بفكرة تدريس بناتها اللغة التركية والمناهج التركية، معتبرةً أنّ الأمر لا يتعلّق باللغة وحسب، وإنما سيفقد التلاميذ جزءاً كبيراً من ثقافتهم وتعاليمهم العربية.

المساهمون