نزوح أهالي ريف درعا وسط الحشد العسكري للنظام

نزوح أهالي ريف درعا وسط حشد النظام: "لم نعد نحتمل الفقدان"

15 مايو 2020
عائلات كثيرة لا يمكنها احتمال تكاليف النزوح(محمد أبازيد/فرانس برس)
+ الخط -
نزحت العديد من العائلات المقيمة في بلدتي طفس والمزيريب في ريف محافظة درعا، جنوبي سورية، في ظلّ حالة من الترقب والحذر التي تسود غالبية المناطق في المحافظة، جراء مواصلة النظام استقدام تعزيزات عسكرية بهدف اقتحام المنطقة، في وقت يشكو فيه أهالي درعا من سوء الأوضاع الإنسانية.

ولملم أبو ياسين، الذي تحفّظ على ذكر اسم عائلته، بعض أغراضه مساء أمس الخميس، من منزله الكائن في بلدة طفس في ريف درعا، وأخذ زوجته وزوجة ابنه، الذي قتل قبل بضع سنوات في قصف ببرميل متفجر، وأولادهما الأربعة، إلى منزل أحد أقاربه في الريف الجنوبي. وقال أبو ياسين لـ"العربي الجديد": "لم أعد أحتمل أن أفقد أحد أفراد أسرتي، خسرت في السنوات الأخيرة أكثر مما أستطيع أن أحتمل".
ولا يستطيع أبو ياسين أن يخفي قلقه، فيقول:"أدعو الله أن يحمي بلدي ومنزلي وأرضي، فموسم الحصاد اقترب وهذه الأرض هي مصدر رزقنا الوحيد، ومنها أعيل الأيتام المعلّقين في رقبتي".
وكانت عدّة مظاهرات قد خرجت ليلة أمس الخميس، في مدن وبلدات طفس ودرعا واليادودة وتل شهاب وسحم الجولان وحيط والمزيريب والكرك الشرقي في محافظة درعا، رفضاً للتصعيد العسكري من قبل النظام.
ويبدو أنّ الناس مسكونة بالكثير من المخاوف، بحسب ما يقوله أبو محمد الحوراني لـ"العربي الجديد": "الناس هنا لديها مخاوف كبيرة من الاعتقال التعسّفي، في ظلّ التسويات الكاذبة، وهي متخوّفة من العمليات الانتقامية، وخاصة أنّه في الفترة الماضية كان هناك الكثير من التهديدات والدعوات التحريضية".


ولفت إلى أنّ "هناك عائلات، من اليادودة وطفس والمزيريب، تنزح باتجاه الريف الغربي أو درعا المدينة أو الريف الشمالي، في ظلّ أحاديث عن عملية اقتحام للريف الغربي".

ولا تحتمل أوضاع الناس الاقتصادية والمعيشية معارك عسكرية، بحسب الناشط أيهم السعدي، الذي يقول لـ"العربي الجديد": "الناس تعاني من تدهور الأوضاع الاقتصادية، فلا فرص عمل ولا دخل يؤمّن الاحتياجات المعيشية الأساسية للعائلات. فكيف ستحتمل هذه العائلات معاناة النزوح وتكاليفه المادية، وإلى أين يمكن أن ننزح؟".
وأضاف: "الأهالي أمام خيارات قاسية اليوم، فإمّا أن يستكينوا للقوات النظامية ويقبلوا أن يتمّ اعتقال أبنائهم، وإمّا أن ينزحوا إلى مناطق أخرى، وهذا ليس متوفّراً، وإمّا القتال وهذا باعتقادي الخيار الوحيد للكثيرين".
من جانبه، قال الناطق باسم تجمّع أحرار حوران أبو محمود الحوراني، في حديث مع "العربي الجديد": "هناك تخوّف كبير من دخول النظام إلى المنطقة واعتقال الشباب، خاصّة أنّ في هذه المناطق الكثير من الشباب الذين امتنعوا عن أداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية ضمن القوات النظامية، وهؤلاء غالباً فقدوا ذويهم في المعتقلات والحملات العسكرية، في ظلّ أوضاع إنسانية معيشية سيئة".
وأضاف: "الناس خائفة أيضاً لأنّ قوات النظام، عندما دخلت يوم أمس الخميس على حيّ الضاحية في درعا المحطة، وهو على مقربة من بلدة اليادودة، أخرجوا الناس من منازلهم وتركوهم في العراء".
وذكر أنّ "هناك اجتماعات تتمّ بين اللّجنة المركزية، المكوّنة من قادة الفصائل المعارضة سابقاً في الريف الغربي، ووفد روسي وآخر من النظام، لإيجاد حلّ توافقي. كما تمّ عقد اجتماع مع القيادي في الفيلق الخامس اقتحام في الريف الشرقي لدرعا، أحمد العودة، الذي وعدهم أنّه في حال تقدّم القوات النظامية، سيكون له موقف وردّ عسكري".
يُشار إلى أنّ عدّة مناطق في ريف درعا شهدت اليوم وقفات تضامنية عقب صلاة الجمعة، مع المناطق المهدّدة بأن تشهد أعمالا عسكرية. منها وقفة لأهالي مدينة درعا في مسجد الدكتور غسان الأبازيد، رُفعت فيها عدّة يافطات، كُتب على بعض منها شعارات مناهضة للحرب وإيران وحزب الله اللبناني.
يُذكر أنّ النظام دفع بقواته والمليشيات الموالية له على خلفية قيام مسلّحين، في الرابع من الشهر الجاري، باختطاف ثم إعدام تسعة من عناصر شرطة ناحية المزيريب، كردّ على مقتل الشابين شجاع قاسم الصبيحي وأحمد محمد الصبيحي، من بلدة عتمان، اللّذين كانا يعملان سابقاً في فصائل المعارضة، قرب بلدة أبطع. وُجهّت بعدها أصابع الاتهام في تنفيذ عملية إعدام عناصر الشرطة التسعة للمدعو محمد قاسم الصبيحي، وهو والد أحد القتيلين.

المساهمون