"بلاها حلاوة" تتحدى الغلاء في مصر

"بلاها حلاوة" تتحدى الغلاء في مصر

16 نوفمبر 2018
كلّ تجهيزات المولد باهظة (Getty)
+ الخط -

وسط كلّ الأزمات التي يعاني منها المواطن المصري العادي، لا يجد حتى القدرة على الاحتفال بيوم عزيز عليه، هو المولد النبوي، بسبب ارتفاع أسعار "حلاوة المولد" بشكل مبالغ فيه

ألقت أزمة ارتفاع الأسعار التي يواجهها الشارع المصري حالياً، بظلالها على "حلوى المولد"، التي بدأت تظهر في عدد من المحلات بالأسواق مع اقتراب المولد النبوي، يوم 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، إذ اعتاد الأهالي على شراء الحلويات في المولد كتقليد متوارث من العهد الفاطمي.

تعتبر "عروسة المولد" و"الحصان" و"علبة الحلوى" جزءاً من الثقافة المصرية خلال الاحتفال بالمولد النبوي، ومع اقتراب الموسم يبدأ الأطفال بمطالبة أهاليهم بحلاوة المولد، كما تنتظر كل فتاة "العروسة" من خطيبها، والسيدات ينتظرن من أزواجهن الدخول عليهن بـ"علبة حلاوة المولد".




لكنّ الأمر تغير خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً العام الماضي، بسبب غلاء الأسعار وعدم مقدرة كثير من الأسر المصرية على شراء الحلوى. هكذا، لجأ العديد من الآباء في مصر إلى حيل لإقناع الأولاد بصفة خاصة بعدم شراء حلوى المولد، من بينها أنّ الحلوى تحتوي على مواد حافظة تضر بالصحة، وتناولها يؤدي إلى آلام شديدة بالأسنان وربما تسوسها. كما ينصح كثيرون السيدات بعدم شرائها لتسببها بانتشار الحشرات الضارة مثل النمل، وزيادة الوزن بسبب سعراتها الحرارية العالية، وزيادة نسبة السكر في الدم، بالإضافة إلى صعوبة تنظيف الملابس والمنزل، خصوصاً السجاد، حال سقوط فتات من قطع الحلوى عليه.

تباع حلوى المولد مرة واحدة في العام، ما دفع التجار إلى رفع الأسعار بطريقة عشوائية، إذ قفزت أسعارها أكثر من 70 في المائة، مقارنة بالعام الماضي، الأمر الذي صعّب على المصريين توفير الحلوى لأطفالهم. يسيطر عدد من المحلات الراقية المتخصصة في بيع الحلوى على الأسواق، في وسط القاهرة وفي الإسكندرية ومحافظات الوجه البحري، وتبدأ الأسعار لعلبة الحلوى بوزن 2 كيلوغرام هناك بـ500 جنيه (28 دولاراً أميركياً)، وتصل إلى 2000 جنيه (112 دولاراً). وتختفي مثل هذه المحلات الراقية في الصعيد بسبب عدم الإقبال عليها نتيجة ارتفاع أسعارها.

في المقابل، يبدأ سعر كيلوغرام حلوى المولد في المناطق الشعبية بـ50 جنيهاً (2.80 دولار)، وتقترب أسعار "الفولية" و"بسيمة البندق" و"جوز الهند" و"الشكلمة" و"الديدة" و"الفستقية" و"قرص الكاجو" من ذلك، بينما يرتفع سعر كيلوغرام "ملبن البندق" إلى 120 جنيهاً (6.75 دولارات).

مع ارتفاع أسعار حلوى المولد، أطلق عدد من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي دعوات لمقاطعة شرائها، بوسم "بلاها حلاوة المولد"، الذي تجاوب معه عدد من المستخدمين، فأكدوا مقاطعتهم، خصوصاً أنّ في البلاد أزمة سكّر رفعت سعره.

بدوره، أعلن رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء" محمود العسقلاني، عن ارتفاع أسعار حلوى المولد النبوي الشريف هذا العام بنسبة تصل إلى 70 في المائة، معلناً عن تأييده لدعوات المقاطعة في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعيشها الشعب المصري، مضيفاً أنّ الحلوى بصفة عامة باتت من الرفاهيات، التي يرفض شراءها عدد كبير من الأهالي، خصوصاً مع زيادة أسعار السلع الأساسية.

يعيد عضو شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية يحيى كاسب، السبب في ارتفاع أسعار حلوى المولد النبوي خلال العام الجاري نتيجة ارتفاع أسعار كلّ المواد الأولية المستوردة من الخارج، فضلاً عن ارتفاع أسعار السكر والدقيق والبيض، ويطالب التجار والمصنّعين بالتنازل عن هامش الربح، وعدم رفع الأسعار حتى لا يتكبدوا خسائر جسيمة نتيجة مقاطعة المواطنين لشراء حلوى المولد. يشير إلى أنّ هناك بعض التجار في ظل غياب الرقابة، يرفعون الأسعار بطريقة عشوائية لربح أكثر، لافتاً إلى أنّ ارتفاع أسعار الحلويات سيؤدي إلى تراجع القوة الشرائية بنسبة أكثر من 60 في المائة.

يقول محمد الشرقاوي، الذي يملك محلاً للحلوى بحي شبرا في القاهرة، إنّ أسعار حلوى المولد هذا العام ارتفعت عن العام الماضي لعدة أسباب، منها ارتفاع أسعار خامات التصنيع، من سكر ومكسرات وجوز هند وغيرها، وارتفاع أجور العمال، خصوصاً مع ندرة العمال في هذا المجال، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار العديد من الخدمات، مثل الغاز الطبيعي والكهرباء والمياه. يعلق: "الأهالي سيشترون كميات أقل أو يبحثون عن الحلوى الأقل جودة".

يستنكر عدد من الأهالي ما يشهدون عليه من ارتفاع في أسعار كلّ ما هو حولهم. تعبر هالة محمد (موظفة)، عن غضبها من هذه الأسعار، وتقول إنّها كانت تنوي شراء علبة مشكّلة من حلوى المولد، لكنّها قررت شراء عيّنات فقط.




حسام محمد، يدعو إلى مقاطعة شراء "حلاوة المولد"، موضحاً أنّ كل أنواع الحلويات ارتفع سعرها بدرجة كبيرة. وتقول سمية إبراهيم (ربة منزل)، إنّ "أسعار الحلوى هذا العام نار... كانت ترتفع سنوياً لكن ليس إلى هذا الحدّ المبالغ فيه، وعلى الرغم من ذلك لا بدّ من أن أشتري الحلوى كلّ عام، فهي فرحة للكبار والصغار، ولهذا قررت شراء كمية أقل مما أشتري عادة، مع اختيار بعض الأنواع الرخيصة نسبياً حتى يتناسب ذلك مع قدرة زوجي المالية".
يسخر حمدي جابر (عامل): "ما الذي لم يرتفع ثمنه أساساً؟ أنا قررت الامتناع عن شراء الحلوى فهي ليست من الأساسيات. سأشتري بطاطس، الكيلوغرام بـ14 جنيهاً (0.78 دولار) لكي أبقى مع أسرتي على قيد الحياة".