دير الزور منسيّة

دير الزور منسيّة

23 اغسطس 2016
مضى عامان على سيطرة "داعش" (فيليب هيغوين/ فرانس برس)
+ الخط -
يمضي الشهر تلو الآخر على أهالي محافظة دير الزور، شرق سورية، وهم يعيشون كلّ لحظة مأساة جديدة وانتهاكاً لأبسط حقوق المواطن والإنسان، بسبب أساليب تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" العنيفة ضدهم. وهو التنظيم الذي يسيطر على المحافظة منذ سنتين.

لكنّ معاناة المواطنين السوريين هناك لا تقتصر على ما يتعرضون له من التنظيم، بل أيضاً المعارك على الأرض، والغارات الجوية النظامية والروسية. أما من يعيشون في الأراضي التي ما زال يسيطر النظام عليها فالوضع مشابه، مع زج الشباب في جبهات القتال عنوة، والمتاجرة بأبسط احتياجات العيش الأساسية من مواد غذائية ومياه شرب وكهرباء واتصالات.

يقول الناشط في دير الزور عامر هويدي لـ"العربي الجديد" إنّ "مئات الآلاف من أهالي دير الزور المنسية ما زالوا يعانون من القصف العشوائي من النظام وداعش. قبل أيام، قُتلت طفلة في بلدة مظلوم بريف الدير الشرقي جراء قصف مدفعي من المطار العسكري الخاضع لسيطرة قوات النظام، في وقت استهدف ‏الطيران الروسي بلدة ‫حطلة في الريف الشرقي بغارة جوية، كما استهدف دوار المعامل، شمال دير الزور، بعدة غارات".‬

يضيف: "من جهتها شنت طائرات حربية تابعة للنظام غارات جوية على جبل الثردة ومحيط المطار العسكري، بالتزامن مع قصف صاروخي على أطراف قرية الجفرة القريبة من بوابة المطار العسكري. كذلك، استهدف القصف أحياء ‏الصناعة والمطار القديم والحويقة التي شهدت اشتباكات بين النظام وداعش، ومنطقة ‫البغيلية".‬ يلفت أيضاً: "في المقابل، سقط عشرات الجرحى جراء قصف داعش حيي الجورة والقصور الخاضعين لسيطرة النظام بقذائف الهاون".

يضيف: "كذلك، يعاني الأهالي من شح المياه، فالأحياء تعتمد على محطة ضخ مياه واحدة تقع داخل حي الجورة، يرتبط تشغيلها بتوفير مادة المازوت من قبل النظام، في وقت يعاني أهالي حيّي الموظفين وهرابش من انقطاع شبه تام في المياه حتى أثناء ضخها، ما يجبر الأهالي على اعتماد الطرق البدائية لنقل المياه، على عربات بيع الخضار أو الدراجات الهوائية".

ويذكر هويدي أنّ "هذه الأزمة تجعل الأهالي يحتشدون أمام محطة الجورة لانتشال المياه من الأحواض التي يصل عمقها إلى 15 متراً، وهو ما تسبب في حالات غرق لبعض الأطفال سابقاً". ويلفت إلى أنّ مياه المحطة والصهاريج غير معقمة "ما أسفر عن وفاة شخصين نتيجة شرب مياه ملوثة، فيما يبلغ سعر صهريج المياه الواحد 1500 ليرة سورية (7 دولارات أميركية بحسب سعر الصرف الرسمي)، في وقت يعاني الأهالي فيه من الفقر المدقع".

كذلك، يشير إلى أنّ داعش "لا يوفر سبيلاً للتضييق على الأهالي وعزلهم عن العالم، من إغلاق المدارس، إلى منع صحون التقاط البث الفضائي، حتى أنه أغلق في مدينة الميادين جميع ملاعب كرة القدم والمنشآت الرياضية حتى إشعار آخر بحجة كثرة المشاكل داخل الملاعب، واللعب فيها خلال أوقات الصلاة".

يتابع: "يمنع التنظيم الأهالي من مغادرة مناطق سيطرته، ومن يغادر يصادر جميع ممتلكاته. مع ذلك، سمح لمن كان لديه إثبات إقامة أو عمل في بلدان عربية بمغادرة مدينة البوكمال والشعيطات بالريف الشرقي. ويضطر الأهالي إلى اللجوء إلى مهربين لإخراجهم من المناطق مقابل مبالغ مالية تصل إلى 500 دولار عن كلّ شخص. وذلك فقط كي يوصلهم المهرّب إلى مدينة أعزاز القريبة من الحدود التركية، والخاضعة لسيطرة المعارضة".

لكنّ هويدي يشير إلى أنّ "التنظيم يشدد حالياً على مسألة تهريب الأشخاص. وبالفعل، أعدم عدداً ممن اتهمهم بهذا الفعل، في الوقت الذي كثف فيه عدد حواجزه بمدينة الميادين بالريف الشرقي بعد أنباء عن انشقاق عشرات من عناصره بعتادهم العسكري وذهابهم إلى جهات مجهولة".

في مناطق النظام
عن الأحوال المعيشية في مناطق النظام في دير الزور، يقول الناشط عامر هويدي، إنّ طائرة مساعدات ألقت أخيراً 26 شحنة من المواد الغذائية المحمّلة بالمظلات، استلمتها القوات النظامية، بالإضافة إلى مساعدات عسكرية هبطت من الطيران الروسي. مع ذلك، يشير إلى أنّ "الأوضاع المعيشية هناك تزداد سوءاً يوماً بعد آخر، بسبب نقص المواد الغذائية، خصوصاً الخبز، وغلاء الأسعار".