هكذا يستعد المدنيون بإدلب لهجوم النظام: أقنعة ورقية ومخابئ

هكذا يستعد المدنيون في إدلب لهجوم النظام: أقنعة ورقية وحفر مخابئ

06 سبتمبر 2018
أقنعة بدائية صغيرة نضعها على أفواه أطفالنا (رويترز)
+ الخط -

ثبت حذيفة الشحاد كوباً ورقياً زاهي الألوان يمتلئ بالقطن والفحم على وجه طفل وأحكم ربط كيس بلاستيكي حول رأسه، فكان قناعاً مرتجلاً للوقاية من الغاز في حالة استخدام الأسلحة الكيميائية مرة أخرى في إدلب السورية

وقال الشحاد البالغ من العمر 20 عاما، لوكالة "رويترز"، من قريته الواقعة جنوبي مدينة إدلب: "نحن اليوم نقوم بتجهيز أقل ما نستطيع، وهو أقنعة بدائية صغيرة يمكن أن نضعها على أفواه أطفالنا في حال قصفنا بالكيميائي".

ويتباهى شقيقه أحمد عبد الكريم الشحاد، عامل البناء (35 عاما)، بالمخبأ الذي تحفره الأسرة في كهف تحت فناء ذي هواء منعش تغطيه الكروم للاختباء به من القصف منذ 2012. وقال وهو يعرض قوارير تمتلئ بالخضروات المخللة على جدران الكهف الرطبة، إنّ الاستعدادات العسكرية تجري على قدم وساق، وإن المدنيين يعملون على تجهيز المخابئ.

ويعيش حوالي ثلاثة ملايين شخص في معقل المعارضة في شمال غرب سورية، والذي يضم معظم محافظة إدلب ومناطق صغيرة مجاورة لها في محافظات اللاذقية وحماة وحلب، وجاء نصف هذا العدد هرباً من الاشتباكات أو نقلتهم الحكومة إلى المنطقة بموجب اتفاقات في مناطق أخرى من سورية مع استعادة نظام الأسد للأراضي التي كانت تحت سيطرة المعارضة.

وقالت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة، إنّ طائرة حربية حكومية أسقطت في إبريل/نيسان من العام الماضي، غاز السارين على خان شيخون وإدلب، الأمر الذي أدى إلى سقوط أكثر من 80 قتيلاً من المدنيين.

وقالت اللجنة أيضا، إن قوات النظام السوري استخدمت أسلحة كيميائية بما في ذلك غاز الكلور أكثر من 24 مرة خلال الحرب. وتنفي دمشق وحليفتها روسيا هذه الاتهامات وتقولان إنهما لا تستخدمان الأسلحة الكيميائية.

وانتشر الخوف بين سكان إدلب، وحذرت واشنطن سورية من استخدام السلاح الكيميائي في أي هجوم وتوعدت بالرد إذا حدث ذلك.

وقال عدة أشخاص حاورتهم "رويترز" في إدلب، إنهم يعتقدون أنه من الممكن تجنب الهجوم. وقال عامل البناء السابق جعفر أبو أحمد، البالغ من العمر 50 عاما، من منطقة ريفية بالقرب من معرة النعمان: "لا أعتقد أن هجوما سيحدث على إدلب. هذه كلها حرب إعلامية".

وأضاف "القوى العالمية الكبرى اتفقت مسبقا علينا وقسمت الأرض". ومع ذلك فقد تعلم أبو أحمد من سنوات الحرب الطاحنة السبع أن يظل مستعدا. وتعمل أسرته الآن على توسيع مخبأ رطب حفرته وكانت تختبئ به من القصف على مدار السنوات الخمس الماضية وتخزين الطعام فيه.

وأضاف "نحفر في الأرض منذ شهرين بلا توقف أنا وزوجتي وأولادي. هذه المغارة هي ملاذنا الآن. نظفناها أخيرا بعدما أهملت لفترة طويلة".

ومع تزايد القصف والغارات الجوية والتصريحات عن هجوم وشيك، تضافرت جهود عدد من المجالس المحلية في إدلب وطلبت من تركيا توفير الحماية لها. وقال أحمد سطام الرشو (48 عاما)، وهو مدير المجلس المحلي لبلدة معرة شورين، بريف إدلب: "الضامن الوحيد لنا في المناطق المحررة بكل المفاوضات هم الإخوة الأتراك".

وكانت تركيا قد أقامت مواقع للمراقبة على امتداد الخطوط الأمامية بين قوات المعارضة والقوات الحكومية، وقال الرشو إن تركيا أبلغته بأن ذلك يمثل علامة على التزامها بحماية سكان إدلب.

وكثيرا ما توصف إدلب بأنها "الملاذ الأخير" للمعارضة وللمدنيين الذين خرجوا من بيوتهم. وينذر أي هجوم بمزيد من النزوح ومزيد من البؤس.



وقال أحمد الشحاد "بالنسبة للهرب باتجاه الحدود (التركية)، لا أعتقد أننا سنبرح بيوتنا. القصف سيطاولنا. لم يتبق مكان بعد إدلب. سنحارب حتى آخر رجل. لم يعد لدينا أي خيار".



(رويترز)