مأساة النازحين الأيزيديين من قيظ الصيف إلى صقيع الشتاء

مأساة النازحين الأيزيديين من قيظ الصيف إلى صقيع الشتاء

العربي الجديد

العربي الجديد

فرانس برس

avata
فرانس برس
23 يناير 2015
+ الخط -


بعد أشهر قليلة على معاناتهم من قيظ الصيف تحت الشمس الحارقة، يقاسي الأيزيديون الذين نزحوا من مناطقهم في شمال العراق إثر هجوم تنظيم الدولة الإسلامية، من صقيع الشتاء الذي غطى مخيماتهم بالثلوج.

في مخيم داودية قرب مدينة دهوك في إقليم كردستان، يقوم شرزاد حسين بجرف الثلج المكدس على سقف منزل صغير مسبق الصنع يقيم فيه. ويقول، وقد استحال زفيره الدافئ بخارا بسبب البرد، "ذاب بعض الثلج الذي تساقط في الأيام الأخيرة، إلا أن الصقيع لا يزال قويا خلال الليل".

والشاب الذي نزح من منطقة سنجار موطن الأقلية الأيزيدية في شمال العراق في وجه هجوم لتنظيم الدولة الإسلامية في أغسطس/آب، ضمن عدد محدود من النازحين الذين يحظون بإمكانية النوم أسفل سقف يقيهم عوامل الطقس الرديء.

ويعد هذا المخيم أحد المخيمات القليلة التي وضعت فيها وحدات سكنية صغيرة مسبقة الصنع. أما غالبية النازحين إلى دهوك، والبالغ عددهم نحو 500 ألف شخص، فيقيمون في مخيمات أو يتوزعون -بحسب قدراتهم المالية- على فنادق ومدارس ومبان غير مكتملة الإنشاء.

ولجأ آلاف النازحين الأيزيديين إلى جبل سنجار عند الحدود السورية هربا من هجوم تنظيم الدولة الإسلامية على مناطقهم. واضطر هؤلاء للبقاء أياما طويلة تحت الشمس وسط درجات حرارة مرتفعة، بسبب الحصار الذي فرضه عليهم التنظيم الجهادي.

ووصلت درجات الحرارة أثناء ذلك إلى قرابة الخمسين درجة مئوية ليجد هؤلاء النازحون وبينهم العديد ممن كانوا محاصرين في الجبل، أنفسهم وسط درجات حرارة تتدنى في بعض الليالي إلى ما دون الصفر. وعلى الجبل الممتد مسافة 60 كلم، لا تزال بعض العائلات تقيم في خيم يتلاعب بها الهواء، وغالبيتها تضم نساء وأطفالا، إذ إن غالبية الرجال حملوا السلاح للقتال إلى جانب القوات الكردية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، على مسافة بضعة كيلومترات من الجبل.


ويقول حسن سمو وهو يتقي المطر المتساقط بالاحتماء أسفل خيمة بداخلها شبان يعدون الشاي "الحياة صعبة جدا هنا. عندما بدأ الشتاء لم يكن لدينا ما نرتديه، وكميات قليلة جدا من الطعام". وغطى الرجل المسن جسده بمعطف مصنوع من قطع أغطية من الصوف، كانت من ضمن المساعدات التي تنقلها مروحيات إلى سكان الجبل.

ويضيف "نحتاج إلى الوقود (للتدفئة) لأن البرد قارس هنا، ولدينا مشاكل أيضا مع المياه. نساؤنا يضطررن للسير مسافات طويلة للحصول عليها".

وعلى رغم أن الجبل غير ملائم للإقامة في الشتاء، إلا أنه يحظى برمزية عالية لدى الأقلية الأيزيدية، إذ يعتبر أبناؤها أن الجبل وفر لهم الحماية أثناء هجوم التنظيم المتطرف. كما يضم الجبل بعض أبرز مزاراتهم الدينية.

ويقول سمو "إذا غادرنا، من سيحمي جبلنا؟ لقد كان هنا من أجلنا، ويجب أن نكون هنا من أجله أيضا". ويضيف "كان لدي منزل جميل في القرية لكنني غير مستعد للتضحية بحياتي من أجله. لكن من أجل هذا الجبل، أنا مستعد للموت".

وفي مخيمات مثل داودية تبدو ظروف النازحين أفضل بعض الشيء، إلا أن النقص في العناية الطبية والمواد الأخرى يرغم النازحين على خوض صراع مستمر من أجل البقاء. ويقول نايف خلف حسين (42 عاما) "ثمة انقطاع في التيار الكهربائي، ونقص في الوقود للتدفئة، وأحيانا لا يوجد لدينا ما يكفي من الملابس".


ويشير خلال حديثه إلى بقع حمراء ناتجة عن البرد القارس، على بشرة ابن أخيه البالغ من العمر ثلاثة أعوام. والطفل هو واحد من تسعة يعتني بهم حسين بعد وفاة والدهم جراء نوبة قلبية في أغسطس/آب، ووفاة والدتهم خلال يناير/كانون الثاني الجاري بسبب سرطان في الدم.

وأمضت السلطات المحلية والمنظمات الإنسانية أشهرا في التحضير لفصل الشتاء، ما أتاح تفادي كارثة إنسانية مع تدني الحرارة إلى ما دون الصفر. وأقيم في المخيمات العديد من الخيم "المؤهلة" للشتاء، إذ نصبت على قطع من الإسمنت لرفعها عن مستوى الأرض والوحل، ووزعت كميات كبيرة من المدافئ والأغطية. كما جهزت الخيم بغطاء بلاستيكي خاص للحؤول دون تسرب المياه إلى داخلها أثناء تساقط الأمطار.

ويقول إريك بس، منسق منظمة "أكشن أغنست هانغر" (تحرك ضد الجوع) الإنسانية في دهوك، "منذ أكتوبر/تشرين الأول، بدأت درجات الحرارة تنخفض، وبدأ الناس يقلقون جديا"، مضيفا أنه منذ ذلك الحين، قامت المنظمات الإنسانية "بالتجاوب بشكل واسع يناسب المتوقع". يتابع "سمعت بحالات قليلة توفي فيها أطفال (بسبب رداءة الطقس). إلا أن البرد لم يقتل عددا كبيرا من الناس".

واضطر العديد من النازحين إلى ترك منازلهم على عجل هربا من هجوم تنظيم الدولة الإسلامية، ومنهم آمشي حسين قاسم وزوجها وأولادهما الستة. إلا أن هذه السرعة في المغادرة جعلت العائلة تنسى إحضار أوراقها الثبوتية، ما اضطر الزوج للعودة من أجل إحضارها. إلا أنه أصيب جراء سقوط قذيفة هاون وأعدم لاحقا على يد التنظيم، وهو مصير لاقاه الآلاف من الأيزيديين الذين يعتبرهم التنظيم المتطرف "عبدة للشيطان".

وتقول قاسم (30 عاما) محاطة بأولادها الذين كان بعضهم حافي القدمين، "حصلنا على بعض المساعدة من أشخاص آخرين كانوا يهربون وبقينا تسعة أيام على الجبل، من دون أي شيء". تضيف "لاحقا، مشينا مع الجميع إلى سورية ومن ثم عدنا إلى العراق. استغرق الأمر أياما عدة كذلك وكان الطقس حارا جدا. الاوضاع هنا أفضل بطبيعة الحال. لكن البرد يبقى هو المشكلة الأساسية".

دلالات

ذات صلة

الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".
الصورة
قاعة الأعراس في الحمدانية في نينوى في العراق 1 (فريد عبد الواحد/ أسوشييتد برس)

مجتمع

أعاد حريق قاعة الأعراس في محافظة نينوى العراقية الذي خلَّف مئات القتلى والمصابين، ليلة أمس الثلاثاء، مشهد الحرائق المتكرّرة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة والتي خلّفت مئات القتلى والجرحى.
الصورة
صندوق من فاكهة الرمان (Getty)

مجتمع

أفاد تحقيق صحافي عراقي بأنّ بغداد تلقّت شحنة رمّان من بيروت تبيّن أنّها محشوّة مخدّرات، علماً أنّ هذه الشحنة جزء من سداد قيمة مستحقّات النفط العراقي المخصّص لبيروت.
الصورة

سياسة

يخشى بعض المرشحين للانتخابات المحلية في العاصمة بغداد، من أن يكون تسلسل أحدهم بالرقم 56، الذي يُطلق على المحتالين والنصابين في الشارع العراقي، وقد جاء نسبة إلى مادة قانونية في القانون العراقي، تخص جرائم النصب والاحتيال