البيئة ضحية النزاعات في السودان

البيئة ضحية النزاعات في السودان

07 اغسطس 2016
صراع دارفور يؤثر سلباً في البيئة (فرانس برس)
+ الخط -

حتى آن قريب، كان الربط بين الحرب المشتعلة في دارفور وأجزاء أخرى من السودان وما يحدث للبيئة لا يلقى أذناً صاغية. طغى الجانب السياسي والعرقي والقبلي على تحليلات معظم متناولي الشأن، بيد أنّ للخبراء تأكيداتهم على أنّ تضاؤل تقديم الخدمات البيئية من الأسباب الجذرية لعقود من الشقاق الاجتماعي والنزاعات. يشير هؤلاء إلى تدهور التربة والتصحر إلى مدى 100 كيلومتر في العقود الأربعة الماضية. يرتبط هذا التدهور بعوامل أخرى من ضمنها الرعي المفرط في المناطق ذات التربة الهشة، فقطعان الماشية التي زادت من نحو 27 مليون رأس، إلى نحو 135 مليون رأس حالياً.

تشير التقارير إلى أنّ كثيراً من المناطق يعاني من أزمة قطع الأشجار التي أدت إلى خسارة نحو 12 في المائة من الغطاء الغابي في السودان خلال عقد ونصف عقد.

وفي وقت سابق، أوضح تقرير اليونيب (برنامج الأمم المتحدة للبيئة) أنّ التساقطات المطرية في شمال دارفور على سبيل المثال انخفضت إلى الثلث خلال العقود الثمانية الأخيرة. كذلك، ذكر تقرير تقييم ما بعد النزاع في السودان أنّ "تنبؤات تغير المناخ تشير إلى انخفاض أكثر للإنتاج الغذائي نتيجة انخفاض معدل الأمطار وتزايد المخاطر، خصوصاً في حزام الساحل. كما يُتوقع أن ينخفض إنتاج المحاصيل بنحو 70 في المائة في أكثر المناطق ضعفاً". وفي الوقت الذي تسود فيه التوترات والنزاعات حالياً في دارفور، يحذر التقرير نفسه من أنّ أجزاء أخرى من السودان يمكن أن تشهد تجدداً للاشتباكات التي يدفع ثمنها جزئياً تراجع الخدمات البيئية.

أخيراً، دعا برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى ضرورة إعادة تأهيل الموارد الطبيعية في السودان كوسيلة لحلّ النزاع وبناء السلام في البلاد في إطار برنامج لتشجيع الاستثمارات البيئية. وحذّر البرنامج في تقرير تقييمي جديد من أنّ تحقيق السلام سيظل سراباً ما لم يُعالج التدهور البيئي الواسع والمتسارع في البلاد عاجلاً.

السودان يواجه العديد من عمليات التغير التي تشكل ضغوطاً على النظم الرسمية والتقليدية للإدارة البيئية، من بينها النمو السكاني والتحضر وتغير المناخ والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية وانفصال جنوب السودان. كلّ ذلك يؤدي إلى إحداث تغير في سبل كسب العيش، وتغير في الطريقة التي تتفاعل فيها الجماعات في ما يتعلق بإدارتها الموارد الطبيعية. وبذلك، ظلّ برنامج الأمم المتحدة للبيئة في السودان يدعم عمليات تطوير الإدارة البيئية والتكيف معها، بما في ذلك التكيف مع آثار تغير المناخ، ودعم سبل كسب العيش الرعوية، وإدارة الموارد الطبيعية المجتمعية.

*متخصص في شؤون البيئة

المساهمون