اختصاصيون نفسيون يطمئنون التونسيين.. لا ترهبكم كورونا

اختصاصيون نفسيون يطمئنون التونسيين.. لا ترهبكم كورونا

26 مارس 2020
تغيرت الكثير من العادات في زمن كورونا (Getty)
+ الخط -
"لا تُرهبكم كورونا، وتسقطوا فريسة للأرق والضغط النفسي، ابتعدوا عن أخبار الوفيات، واستفيدوا من الحجر المنزلي لتنمية قدراتكم والقيام بأنشطة جديدة"، تلك كانت النصيحة التي وجّهها خبراء تونسيون لضمان توازن نفسي وحياة طبيعية ما بعد الوباء.


ففي خضمّ وباء كورونا (كوفيد 19)، وارتفاع منسوب الأخبار المرتبطة به، يشعر التونسيون كغيرهم من سكان العالم بالتوتر والقلق الذي يصل أحياناً إلى اضطرابات نفسية يرافقها الأرق وبعض العادات السيئة، جراء تغير نمط الحياة، بفعل التدابير الاحترازية والإجراءات المواكبة للحدّ من تفشي الفيروس، التي جعلت العالم بأسره يقبع في المنازل.

ولأن قضاء معظم الوقت داخل فضاء مقفل، إضافة إلى المخاوف من إصابة الأقارب أو الأهل بعدوى المرض، يولّد في النفس مشاعر سلبية، دعا خبراء نفسيون في تونس، المواطنين المحجور عليهم في بيوتهم، إلى الابتعاد عن كل مصادر القلق، والحرص على ممارسة الرياضة، والاستمتاع بالعودة إلى بعض الهوايات كالطبخ والرسم والاستماع إلى الموسيقى والعزف على الآلات، وغيرها، والاستفادة من الأزمة الحالية، بدل إلحاق الضرر بالنفس.

وفي السياق، تؤكد الاختصاصية في الأمراض النفسية، نادية الصامت اللوز، لـ"العربي الجديد" أنّ القلق خلال هذه الفترة العصيبة التي يعيشها العالم بأسره من جراء تداعيات فيروس كورونا، ليس شعوراً مرضياً، بل هو إحساس عادي مردّه البقاء في المنزل لفترة طويلة وتغيّر العادات اليومية المألوفة التي كانت تبدو للكثيرين بسيطة، لكنها تفتقد خلال الحجر المنزلي، فيتسرب الضجر إلى النفوس.

لكن القلق قد يتحول إلى اضطراب نفسي، إذا رافق المرء لفترة أطول. وللتغلب عليه، تقترح الصامت تقسيم اليوم إلى فترات، نخصص الفترة الصباحية للأنشطة الرياضية والطبخ، والفترة الزوالية للرسم أو العزف أو ممارسة حرفة يدوية، أما الفترة المسائية فنخصصها للقراءة أو مشاهدة الأفلام المفضلة، أو القيام بأي عمل يجعل الإنسان يشعر بالسعادة، ويطرد كل الشحنات السلبية، مع التفكير دائماً في أنّ هذا الوضع مؤقت وإلى زوال.

وتحذر الاختصاصية من السقوط في دوامتي الفراغ والروتين، وتدعو المواطنين إلى القيام بأعمال جديدة كل يوم، وإشراك كل أفراد الأسرة فيها، مهما كانت بسيطة، كتخصيص حصة للرسم أو الرقص، أو العمل اليدوي، منبهة إلى تجنب النوم نهاراً والسهر ليلاً لتلافي اضطرابات النوم أو الأرق.

وتحذر المتحدثة أيضاً من لجوء البعض إلى الأكل خارج الوجبات الرئيسية لتزجية الوقت، "وهي عادة سيئة يجب الابتعاد عنها خلال فترة الحجر المنزلي"، تقول المتحدثة، داعية إلى التقيد بالوجبات الثلاث الرئيسية وممارسة الرياضة وتجنب الأكل من دون سبب، وتعويض الإقبال على السكريات بالخضر والفواكه التي تعزز جهاز المناعة.  

ودعت الاختصاصية النفسية كذلك، إلى عدم متابعة أخبار وفيات كورونا، وتعويض ذلك بمشاهدة سلسلة هزلية أو برامج ترفيهية للحد من القلق والشعور بالضيق، لأن التركيز على خلاف ذلك يفاقم الشعور بالتوتر.

من جهته، يرى الاختصاصي في علم الاجتماع، سامي نصر، أن الشعور بالقلق في هذه الفترة يمكن تفسيره بعدة عوامل، ومنها تغير السلوكات المجتمعية والتقيد بالحجر.

لكن بالإمكان الاستفادة من هذه الفترة، وفق المتحدث، بتخصيص وقت إضافي لأنفسنا ولأطفالنا وتنمية مواهبهم والعودة للقصص والكتب التي هجرناها، ومشاهدة البرامج الوثائقية والثقافية وغيرها والقيام بأنشطة عديدة.

ويقول نصر لـ"العربي الجديد"، إن الأزمات سيف ذو حدين، ولعل من إيجابيات كورونا إعادة إحياء الروابط الأسرية واقتراب الأفراد بعضهم من بعض والتواصل فيما بينهم، إذ سجلت على مدى سنوات قطيعة في التواصل والاتصال بين أفراد الأسرة التونسية بسبب روتين الحياة اليومية، وبالتالي إن قرار الحجر الصحي سيغير من هذا الوضع وسيعالج العديد من الظواهر السلبية التي كنا نعاني منها وسيقلص من حدتها.

ويبين أيضاً أن التضامن في فترة الحجر الصحي قد يكون من خلال المكالمات الهاتفية، إذ نحتاج اليوم كثيراً لطمأنة الآخر والحوار والتواصل للخروج من الأزمة.

ويضيف: "لا جدال في أن التغلب على الأزمة الحالية يتطلب إمكانات مادية ولوجيستية، ولكنه أيضاً يتطلب وعياً مجتمعياً والتزاماً ومسؤولية منا جميعاً. فالحجر الصحي، رغم صعوبته، يبقى من أهم الإجراءات التي اتخذتها تونس، على غرار عدد من الدول التي طاولها الوباء، ويفترض بالتونسيين احترام القرار، والتفكير في مصلحة الفرد والوطن، والتفاؤل بغد أفضل، فلا ترهبكم كورونا".

المساهمون