عيد سيناء بلا صلاة وزيارات

عيد سيناء بلا صلاة وزيارات

16 يونيو 2018
لم يحظَ أهل بعض المناطق بهذا المشهد(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

حلّ عيد الفطر على سيناء في مصر هذا العام في ظروف لا تختلف عن السنوات الماضية كثيراً، إلّا في كونها ازدادت سوءاً في ظل الحصار المفروض على محافظة شمال سيناء بأكملها منذ بدء الجيش المصري العملية العسكرية الشاملة في 9 فبراير/ شباط الماضي، ما فاقم الحالة الإنسانية صعوبة، حتى أنّها طاولت مظاهر الاحتفال بالعيد. غابت زيارات الأقارب والأرحام في محافظة شمال سيناء في هذا العيد، في ظل عدم توافر المواد النفطية اللازمة لتشغيل وسائل النقل من سيارات ودراجات نارية و"تكاتك"، إذ إنّ قرار الحصار يشمل منع دخول المواد النفطية إلى جميع مدن المحافظة.

وبالرغم من أنّ الجيش المصري سمح قبل أيام بإدخال كميات من الوقود والغاز إلى المحافظة لتشغيل السيارات، إلا أنّه جرى التراجع عن هذا القرار، ووقف إدخال الإمدادات مجدداً، ما أعاد الأزمة إلى مربعها الأول.

يقول أحد وجهاء مدينة العريش، لـ"العربي الجديد": "توقعنا أن نعوض عدم زيارة الأرحام خلال شهر رمضان بسبب عدم توافر الوقود للسيارات، بأن نزورهم خلال العيد، إلا أنّ ذلك يبدو صعباً، في ظل عودة أزمة الوقود، بعد التراجع عن قرار ملء السيارات بالوقود. العيد بلا زيارات هذا العام، وهي المرة الأولى منذ الاحتلال الإسرائيلي لسيناء عام 1967".

يشير إلى أنّ إدارة المحافظة أو قيادة عمليات الجيش لم تخرج لهم بأيّ توضيحات بخصوص تخفيف الحصار عن سيناء خلال أيام العيد، ما أفقد المواطنين الأمل بتغير إيجابي في الوضع الراهن، على الأقل خلال فترة العيد، بما يسمح بتحرك المواطنين من سيناء وإليها، أو على الأقل داخل سيناء، لتجري الزيارات العائلية بصورتها المعتادة، إلا أنّ ذلك يبدو حلماً صعب المنال، في ظل تعنت المسؤولين الأمنيين في التعامل مع المشهد، خصوصاً في ظل الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها قوات الأمن، كما يقول.




يؤكد أنّ الأوضاع الاقتصادية التي وصل إليها آلاف العاملين في مدينة العريش بفعل الحصار والإغلاق الشامل، انعكست سلباً على الاحتفال بحلول العيد، فالمواطنون ما عادوا قادرين على تلبية احتياجات المنازل في العيد، من حلوى وألعاب وملابس للأطفال، وتوزيع العيديات على العائلة، وهذا الأمر يستدعي تفهماً للأوضاع بين الأهالي، وهذا ما ظهر جلياً في أسواق العريش خلال الأيام الماضية، إذ شهدت ركوداً في حركة المواطنين، ما يعكس الحالة التي وصلت إليها المدينة بفعل الحصار.

في المقابل، يقول مصدر مسؤول في مجلس مدينة العريش، لـ"العربي الجديد"، إنّ قراراً أمنياً يقف وراء إغلاق محطة "غاز تك زعرب"، وهي المحطة الوحيدة لتعبئة غالبية سيارات الأجرة بالغاز اللازم لتشغيلها حتى إشعار آخر، مضيفاً أنّ القرار صدر قبل أيام من العيد، لتضاف هذه المحطة إلى بقية المحطات المغلقة بأمر أمني منذ بدء العملية العسكرية، ولا يمكنها تعبئة الوقود إلا بتنسيق أمني، وفي حالات محدودة جداً.

يؤكد المصدر أنّ إدارة المحافظة توقعت ضوءاً أخضر أمنياً يُفضي إلى تقديم تسهيلات متعددة للمواطنين بمناسبة حلول عيد الفطر بعد أربعة أشهر من الصعوبات في الحركة والتنقل بسبب العملية العسكرية، إلا أنّ ذلك لم يحدث. وبناءً على ما سبق، يبدو أنّ الأوضاع الإنسانية التي تحياها المحافظة في الوقت الراهن ستبقى على حالها حتى إشعار آخر، كما يعتبر المصدر.
مع انعدام حركة المواصلات، كانت معايدة أهالي مدينة العريش هذا العام بواسطة الرسائل الهاتفية ومواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنّ هذا أيضاً كان بالكاد متوافراً خلال أيام العيد، إذ إنّ مثل هذه الوسائل مرهونة بشبكة الإنترنت التي تنقطع عن سيناء بشكل متعمد وشبه دائم منذ سنوات.

بالرغم من صعوبة الأوضاع في مدينة العريش، إلا أنها بدت أفضل حالاً من مدينتي رفح والشيخ زويد اللتين يمضي أهلهما العيد من دون أيّ مظاهر احتفالية، فحتى صلاة العيد التي ينتظرها الصغار قبل الكبار، لم تقم في المدينتين، على عكس مدينة العريش التي أقيمت صلاة العيد فيها في المناطق المفتوحة والأندية، في أجواء يعمها الفرح والسرور، بالرغم من المنغصات على صعيد الأوضاع الاقتصادية أو الأمنية.

يقول أحد المشايخ القبليين في مدينة الشيخ زويد، لـ"العربي الجديد": "بالرغم من حلول العيد، إلا أنّ الحملات العسكرية على قرى جنوب المدينة ما زالت مستمرة، بوتيرة متزايدة، بعد أسابيع من وقفها مع بدء شهر رمضان، إلا أنّها عادت لتلغي مظاهر الفرحة بالعيد لدى آلاف المواطنين القاطنين في مناطق واسعة من جنوب المدينة، فيما اقتصرت صلاة العيد على بعض المناطق داخل مركز المدينة، وحرمت منها بقية المناطق والقرى".




لا يختلف الحال كثيراً في مدينة الشيخ زويد وما تبقى من قرى جنوب وغرب رفح، التي غابت عنها مظاهر العيد ككلّ، وفق الشيخ القبلي. يقول إنّ أهالي رفح المتبقين في القرى المحيطة بها، مرّ العيد عليهم من دون أن يشعروا به، بعد انقضاء شهر رمضان الذي جاء في أسوأ الأوضاع الإنسانية والأمنية التي تعيشها المدينة منذ سنوات طويلة. يشير إلى أنّ رفح افتقدت الصلاة والزيارات، وزينة العيد، ومجالس العائلات والقبائل. يختصر: "رفح بلا عيد".