مكياج

مكياج

17 ابريل 2016
استخدام مساحيق التجميل خيار فردي (Getty)
+ الخط -

الزوجة في الغرفة وبابها مغلق. يدق زوجها الباب ويستعجلها. تصرخ من الداخل بأنها على وشك الانتهاء. كانت تجلس أمام مستحضرات التجميل الموضوعة على الطاولة أمامها تضع اللمسات الأخيرة. تخرج من الغرفة لتجد عدداً من الأقارب والأهل والأصدقاء في غرفة الجلوس. يلتفتون إليها ويصدمون. كدمتان على وجهها وأخرى على يدها. كان يمكنها أن تخفيها بمساحيق التجميل. لكنها قررت عدم الاستعانة بها. حدثت بلبلة بين الحاضرين. اعتذر البعض أو فرّ، فيما بقي آخرون وشعروا بالحرج. على الرغم من وضعها، إلا أنها شعرت بالفخر للحظة، فقد كانت هي التي سيطرت على الموقف.

* * *

كانت في منتصف العشرينيات من عمرها حين كانت ترفض وضع أي مسحوق تجميل على وجهها على الرغم من ضغوط أمها اللذيذة. لطالما فضّلت أن تكون على طبيعتها. ربّما كرهت الضغوط المجتمعية بأن عليها أن تبدو أجمل من خلال مساحيق التجميل. هل كانت تريد لفت نظر أحد في نهاية المطاف؟ كان إدراكها لصورة جسدها وشكلها معيارها للجمال. لم تكن في حاجة إلى لفت نظر أحد.

* * *

قصد المتجر المتخصص في بيع مساحيق التجميل. طلب من الموظف أو الموظفة مسحوقاً يخفف من السواد تحت العينين. صار يضعه كل صباح بعدما يستيقظ من النوم. يرى أن بعض مساحيق التجميل عابرة للجندر. لا تهمّه القولبة المجتمعية والجندرية، وربما النظرات التي تحاكم تصرفاته. هذا ما يريده وما سيفعله.

* * *

لا توفّر أي فرصة لتطلب من والدتها شراء الهدايا، ولا تنسى أن تطلب بينها أحمر شفاه "ليب ستيك". تبلغ من العمر سبع سنوات فقط، وتصفها والدتها بأنها مهووسة بمساحيق التجميل. تنتظر عطلة نهاية الأسبوع بفارغ الصبر حتى تستيقظ وتضع كافة مساحيق التجميل على وجهها.

* * *

تستيقظ الممثلة نادين الراسي في المسلسل اللبناني بكامل مكياجها. الكحل في مكانه وأحمر الشفاه ما زال يلمع كأنه وضع للتو. في السيارة وفي المرحاض وفي الصباح والمساء والشتاء والصيف وعلى البحر وفي العزاء.. المشهد التمثيلي أو متطلباته ليسا مهمين. بل إن شكل الممثلات اللبنانيات أهم بكثير من مصداقية المشهد.

يكثر الجدل حول ما إذا كان استخدام مساحيق التجميل أوالمكياج من قبل النساء هو حرية وخيار، أم أنه تكريس للصورة المجتمعية التي تسعى إلى تشييء النساء. استخدام هذه المساحيق هو خيار فردي للنساء والرجال. خيار يجب إعادة النظر فيه حين يصبح استخدامه معياراً أساسياً للأنوثة والجمال، كما هو الحال في صناعة الإعلان والدراما في لبنان.

*ناشطة نسوية


المساهمون