رائد غنيم: عشت نكبة اليرموك

رائد غنيم: عشت نكبة اليرموك

11 يونيو 2015
قضيتي أوسع من الحصار وأكبر من مخيم اليرموك(العربي الجديد)
+ الخط -

يحتل مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في العاصمة السورية دمشق، الحيّز الأكبر من حديث الشاب الفلسطيني رائد غنيم. في عينيه الكبيرتين كثير من الحزن الممزوج بالغضب. ترتجف يداه وهو يحكي، انفعالاً أم غير ذلك. "أصبح الموت عادياً، حسناً نموت".

عاش رائد مذ ولد، قبل 20 عاماً، حياة طبيعية بالنسبة إلى لاجئ فلسطيني، إلى أن اندلعت الثورة السورية. كانت ظروف حياته قد جعلته يكتفي بشهادة البكالوريا، لينتقل إلى العمل في المجال الاجتماعي، لا سيما مع الأطفال. وبعد اندلاع المعارك داخل المخيم، تحوّل مسعفاً. يذكر أنه في إحدى الليالي طال القصف حيّ الجاعونة في المخيم، فراح ينقل الجرحى إلى المستشفيين العاملين في المخيم، "كان المكان مزدحماً، والجرحى منتشرون في ذاك المستشفى الصغير. لمحني أحد الأطباء، فهرع إليّ بطفلة جريحة لم تتجاوز سنواتها الأربع. وضعها بين يدَيّ، فصُعقت. لم أستوعب الأمر. وماتت الطفلة خلال لحظات. وضعتها أرضاً وركضت إلى خارج المستشفى وبكيت حتى انقطعت أنفاسي".

بعد وفاة الصغيرة، "أصبح سقوط اللاجئين الجياع أمامي في المخيم مشهداً عادياً. بعد أشهر من نقص المواد الغذائية فيه وارتفاع أسعارها بشكل مهول، أصبح بيع الحبوب من أرزّ وعدس وفول كالإتجار بالمخدرات.. في الزوايا وبأسعار تتجاوز عشرة آلاف ليرة سورية (53 دولاراً أميركياً) للكيلوغرام الواحد". في البداية، حاول مساعدة الجياع "إلى أن أصبحت منهم".

دفعه الجوع الشديد وخوفه على أخته وأخيه الصغيرَين، إلى البحث عن الطعام في المنازل الخالية، "دخلت خلسة إلى أحدها، فاكتشفت أنه تعرّض للسرقة. لكن اللصوص خلّفوا وراءهم 20 حبة فول على الأرض. حملتها إلى المنزل بعد عدّها، فسلقتها والدتي وأطعمت الصغيرَين. ظننا أنها قمة العوز، إلى أن وصلت علب الإعاشة".

فضّل رائد البقاء إلى جانب عائلته، خصوصاً بعد اختفاء والده في بداية الأحداث. لكنه كان يخرج في بعض المرات ليسجّل مقاطع موسيقى الراب مع أصدقائه. وحمل رائد موهبته معه إلى بيروت التي قصدها مع عائلته، بحثاً عن حياة، "لكن خوف أمي من تكرار نكبة عام 1948 جعلها تعود مع الصغيرَين إلى اليرموك".

انسجم رائد بسرعة مع الحياة في بيروت، فتواصل مع أصدقائه المغنين والمؤلفين الموسيقيين الذين قدّم معهم حفلات غنّى فيها عن الحصار. يقول: "الخروج من اليرموك جعلني أدرك أن قضيتي أوسع من الحصار وأكبر من مخيم اليرموك. باتت قضيتي بحجم اللجوء والنزوح الفلسطيني في الدول العربية كافة".

اقرأ أيضاً: عازف اليرموك