مفقودو لبنان.. الصليب الأحمر يجمع عيّنات من أسرهم

مفقودو لبنان.. الصليب الأحمر يجمع عيّنات من أسرهم

01 يوليو 2016
على أمل الاستفادة من العيّنة (اللجنة الدولية للصليب الأحمر)
+ الخط -
أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان حملة جمع "العيّنات البيولوجية المرجعية" من أهالي الأفراد الذين فقدوا خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990)، وذلك لمقارنة الحمض النووي مع ذلك الخاص بالرفات البشرية، في حال تشكيل الحكومة اللبنانية آلية وطنية للكشف عن مصير المفقودين اللبنانيين.


تشير هذه الخطوة التي أعلنت عنها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى مسعى جدي من أجل بدء العمل على حلّ ملف المفقودين في لبنان. لكنّ إطلاق عملية جمع العيّنات البيولوجية ما زالت تنتظر قراراً واضحاً من الحكومة لتنفيذها بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي، إذ من المفترض أن تحفظ العيّنات.

أوضح البيان الصادر عن الصليب الأحمر أنّه سوف يصار إلى أخذ عيّنتين من كلّ فرد من أفراد الأسرة الذين تربطهم علاقة مباشرة مع الشخص المفقود، "فتخزّن عيّنة لدى قوى الأمن الداخلي وأخرى لدى اللجنة الدولية للاحتياط".

وقد شدّد رئيس اللجنة الدولية في لبنان، فابريزيو كاربوني، أنّ "كل هذه الجهود سوف تذهب سدى في حال تعذّر تشكيل الآلية الوطنية المناسبة، إذ إنّ الحكومة وحدها قادرة على كشف مصير المفقودين ووضع حدّ لمعاناة أسرهم". يضيف كاربوني أنّ عملية تخزين العيّنات لدى قوى الأمن الداخلي لن تكون خطوة مهمة إلا في حال إقرار الحكومة اللبنانية "المشروع الذي يسمح بمشاركة قوى الأمن في جمع العيّنات، وهو ملف ما زال معلقاً في انتظار موافقة الحكومة نفسها". يُذكر أنّ البرلمان اللبناني يراجع حالياً مسودة قانون حول المفقودين. وسنّه بحسب العملية التشريعية، من شأنه أن يمهّد لتشكيل آلية وطنية مهمّتها كشف مصير المفقودين".

استخفاف رسمي

يبيّن هذا الواقع مدى الاستخفاف اللبناني الرسمي في التعامل مع قضية المفقودين والمخفيين قسراً، والتي تُعَدّ ملفاً عالقاً يستمرّ تعطيله منذ السنوات الأولى للسلم الأهلي.

 تجدر الإشارة إلى أنّ السلطات لم تصدر بعد أي قانون خاص بالملف يسهّل على ذوي المفقودين الإجراءات القانونية والروتينية المطلوبة منهم، إذ إنّ أبناءهم مخفيّين. ويشمل ملف المفقودين والمخفيين قسراً أكثر من 17 ألف حالة موثّقة، إما خطفت أو قتلت أو سجنت خلال الحرب الأهلية على أيدي مليشيات وقوى الأمر الواقع التي كانت تسيطر على القرار والأمن على مختلف الأراضي اللبنانية.

كذلك فإنّ قسماً من هؤلاء موجود في السجون السورية، وما زالت إشارات تصل من أقبية ذلك النظام إلى لبنان عن وجود معتقلين لبنانيين فيها. من جهة أخرى، عاد عشرات اللبنانيين الذين كانوا في عداد المفقودين إلى الحرية بعد سنوات من اعتقالهم في سورية.

من هنا، ثمّة أبعاد كثيرة لملف المفقودين في لبنان، منها ما هو مرتبط بجهات مسؤولة عن عمليات الإخفاء باتت في السلطة منذ انتهاء الحرب. وكما يبدو، فإنّ أطراف السلطة التي تسلّمت الحكم والإدارة ما زالت عاجزة عن الاعتراف بالتجاوزات والممارسات التي كانت مسؤولة عنها خلال الحرب، وبالتالي يبقى ملف المفقودين محاطاً بصمت رسمي منذ أكثر من عقدَين.

في السياق ذاته، أوضحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيانها أنّها "خصصت حتى اليوم ما يقارب عشرة ملايين دولار أميركي لدعم أنشطة ملف المفقودين". ويقود موظفو اللجنة منذ عام 2012، مع إطلاق برنامج جمع بيانات ما قبل الاختفاء، مقابلات مع أهالي المفقودين "وجمع معلومات مفصّلة حول ظروف اختفاء الأفراد المفقودين، الأمر الذي قد يساعد على كشف مصيرهم لاحقاً". وقد أجرت اللجنة ما يقارب 2300 مقابلة مع الأسر، على أن تسلّم هذه الملفات كاملة إلى الحكومة اللبنانية فور تشكيل الآلية الوطنية لمعرفة مصير المفقودين.