مكافحة الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا

مكافحة الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا

23 يوليو 2018
ضد الفاشية والنازية في لندن (Getty)
+ الخط -
"ما زال التحقيق سارياً بشأن مقتل الطالبة المصرية مريم عبد السلام. وحتى اليوم لم تقل الشرطة إنّ الاعتداء كان جريمة كراهية"، تقول إيمان أبو عطا، مديرة جمعية "تل ماما"، التي تعمل على مكافحة جرائم الكراهية في المجتمع البريطاني التي يتعرّض لها المسلمون خصوصاً. تتابع أنّ الفتيات اللواتي اعتدين على عبد السلام كنّ على معرفة بها، وربما كانت هناك مشكلة بينهن، فهي لم تقتل لأنّها مصرية أو بناء على دينها، بل كان نوعاً من التنمر عليها، وهو أمر شائع بين الشباب ينتج عن الغيرة أو غيرها. وعن الفتاة التي اعتقلت، تقول أبو عطا إنّها تحت السن القانوني ولم تعترف ضدّ الفتيات اللواتي كن معها، علماً أنّها الوحيدة التي ظهرت على الكاميرا بشكل واضح.

تروي أبو عطا أنّه جرى نقل جثمان عبد السلام من بريطانيا إلى مصر، أي أنّ التحقيق حول ما تعرضت له من ضرب وإهمال في المستشفى انتهى. وتلفت إلى أنّ قصة عبد السلام انتشرت في وقت تزداد فيه جرائم الكراهية في البلاد، خصوصاً بعد رسائل التهديد التي وصلت إلى عدد من العائلات المسلمة ونواب في البرلمان بتاريخ 3 إبريل/ نيسان الماضي، وما فيها من تحريض للناس على مهاجمة المسلمين، بل إنّ هناك أشخاصاً ربطوا الاعتداء على مريم بهذه الرسائل.




وكانت مريم عبد السلام قد تعرضت في أوائل فبراير/ شباط الماضي لضرب مبرح من جانب فتيات، تسبب بإصابتها بغيبوبة، توفيت بعدها بأسبوعين.

تشير أبو عطا إلى أنّه في أيّ يوم عادي تقع في العاصمة لندن ما بين خمس جرائم كراهية وعشر، وهو معدل يعود إلى ما يبلغ عنه من جرائم فحسب، فهناك كثير مما يبقى طي الكتمان. وتتعرّض الفتيات أكثر من غيرهن لجرائم الكراهية، إذ يوصفن بالإرهابيات، بسبب لباسهن الإسلامي، كالحجاب أو النقاب أو العباءة. وهناك فئة من الشباب خصوصاً، تعتقد أنّ المرأة المسلمة مضطهدة، وهي في نظرهم إنسان ضعيف لذلك يتعرضون لها.

تلفت أبو عطا إلى أنّ وسائل التواصل الاجتماعي تساهم في حث هؤلاء المعتدين على جرائم الكراهية، وتوضح: "نحن في مركز تل ماما ننظم ورشات عمل وتوعية لأولئك الذين يتعرضون لاعتداءات لفظية أو جسدية بسبب دينهم أو عرقهم أو غيره، ونقول لهم إنّ من الأفضل الإبلاغ عن هذه الحوادث حتى يلاحَق المعتدي ويعاقَب. ومن الممكن إبلاغنا عبر الاتصال بالهاتف أو إرسال بريد إلكتروني على موقعنا، كما يوجد لدينا تطبيق ويكفينا أن ندرك أين وقعت الحادثة وفي أي وقت. وإن كنتَ في وسيلة نقل يجب أن تنقل رقم الحافلة أو اتجاه القطار والمحطة ونحن نتعاون مع الشرطة حتى نعثر على المعتدي".

تقول أبو عطا إنّ هناك اتفاقية مشاركة معلومات مع الشرطة البريطانية، التي تقدم المساعدة والدعم للضحية بالاستناد إلى نوع القضية التي تكون أحياناً تمييزاً في مكان العمل، إذ تخاطب تل ماما مكان العمل نيابة عن الضحية.

تضيف أن كثيراً من جرائم الكراهية تقع في المدارس، ويجري الإبلاغ عنها عبر الأهل، فتتواصل تل ماما مع المسؤولين في المدرسة باسم الأهل. وتطلب الجمعية تنظيم ورشات توعية للأطفال عن العنصرية والتنمر بشكل عام. تتابع: "مبدأ تل ماما يركز بشكل خاص على جرائم الكراهية ضد المسلمين، لكنّها تعمل من أجل أيّ شخص يتعرض للتمييز بسبب جنسه أو دينه أو غيره".

أما عن رسائل التهديد التي بدأت ضد المسلمين في يوليو/ تموز 2017 فكان مصدرها مركز بريد في شيفيلد، وجرى توجيهها إلى مساجد في الولايات المتحدة وبريطانيا. تكررت المسألة خلال هذا العام بعنوان "يوم معاقبة مسلم" في إبريل/ نيسان الماضي. وأرسلت بعدها رسالتان في مايو/ أيار تشجع على قتل مسلم مقابل الحصول على مبلغ من المال وليس الحصول على نقاط كما في السابق. وهناك رسالة دعت إلى مزيد من الاعتداءات على المسلمين في 24 يوليو الجاري. المشكلة لا تكمن في عدد الرسائل التي جرى الإبلاغ عنها، بحسب أبو عطا، بل في الخوف بعد انتشار هذه الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن، بالتعاون مع الشرطة، ألقي القبض على الجاني وهو رجل يبلغ من العمر 35 عاماً من لينكولن، يوم الثلاثاء 12 يونيو/ حزيران الماضي، ليجري توجيه 14 اتهاماً إليه.




تتابع أبو عطا: "حالياً، هناك نوع من التركيز على جرائم الكراهية التي تحدث في حزب المحافظين، كما كان هناك تسليط ضوء منذ فترة على معاداة السامية في حزب العمال، مثل استضافة أعضاء البرلمان أحياناً لأشخاص يحرضون على جرائم الكراهية ضد المسلمين، وكانت هناك حملة ضد حزب المحافظين، فنحن طلبنا إجراء تحقيق في عام 2016 حين كان صادق خان يناضل كي يصبح رئيس بلدية لندن، بعد الهجوم الذي تعرض له كمرشح مسلم. وطلبنا اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن كلّ ما يحدث داخل حزب المحافظين حول هذه القضية وغيرها مما يدخل في الإطار نفسه. وكانت النتيجة عزل أكثر من شخص من مجالس البلديات وإجراء تحقيق. أما اليوم، فطلبنا مرة أخرى من حزب المحافظين التعاون معنا كي نمنع حدوث هذه الأمور بطريقة إيجابية وبناءة لمعالجة الوضع. وقد وصلنا من رئيس الحزب رد إيجابي يعبر عن ترحيبه بالعمل معنا".