السيول تجتاح إيران: 400 ألف مواطن مهدّدون

السيول تجتاح إيران: 400 ألف مواطن مهدّدون

06 ابريل 2019
دمرت السيول المنازل (Getty)
+ الخط -
على الرغم من توقف هطول الأمطار الغزيرة في إيران، لم تتوقف السيول بعد، إذ تتجه مياهها الجارفة من المحافظات الغربية التي شهدت فيضانات كبيرة خلال الأسبوع الماضي، نحو محافظة خوزستان لتعرّض 400 ألف مواطن فيها لسيول جديدة، ما دفع سلطاتها المحلية إلى إخلاء 9 مدن وأكثر من 100 قرية، خشية أن تتسبب في كارثة إنسانية.

وقال وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي، وفقاً لوكالة "مهر" الإيرانية، خلال اجتماع مجلس تنسيق إدارة الأزمات في مدينة الأهواز مركز محافظة خوزستان: "علينا أن نكون على أهبة الاستعداد ونسعى لتكون الخسائر والتهديدات بالحد الأدنى"، مضيفاً أن "400 ألف مواطن يتعرضون لسيول في المحافظة ويجب ألا يحدث مكروه".

يأتي ذلك بينما شهدت خوزستان خلال الأسبوعين الماضيين سيولاً من جراء الأمطار الغزيرة التي تساقطت، وأعلن المدير العام لإدارة الأزمات بخوزستان كيومرث حاجي زاده، إخلاء 110 قرية منذ أن اجتاحت السيول المحافظة، قائلاً إن عمليات الإخلاء جاءت بعدما ارتفع منسوب المياه في سدود "دز" و"كرخه" و"كارون" إلى مستويات خطيرة.

وأضاف حاجي زاده، أنّ السلطات أقامت 43 مخيماً في المناطق الأكثر أماناً في خوزستان لإيواء أهالي المدن والقرى التي تُخلى، ولجأ إليها نحو 25 ألف مواطن حتى اليوم.

وفيما تهدد فيضانات جديدة هذه المحافظة الإيرانية الغنية بالنفط، لا تزال تعيش محافظات إيرانية أخرى، وخصوصاً محافظة "لرستان"، تداعيات السيول التي ضربتها خلال الأسابيع والأيام الأخيرة.

وبحسب السلطات المحلية، دمرت السيول خلال الأسبوع الماضي أكثر من 10 آلاف منزل في "لرستان"، وطرق المواصلات بين العديد من المدن ومئات القرى في المحافظة، ما اضطر كثيراً من المواطنين المتطوعين إلى توصيل المساعدات العاجلة إلى بعض القرى، من خلال المشي على الأقدام وسلك طرق وعرة. 

وتظهر فيديوهات تداولتها شبكات التواصل الاجتماعية مدناً في محافظة لرستان أغرقتها السيول، إذ وصل منسوب المياه إلى أسطح المنازل. وفيما انتهت عطلة رأس السنة الإيرانية الجديدة اليوم السبت، عطلت السيول مدارس محافظتي لرستان وإيلام اليوم والأيام القادمة، نتيجة الأضرار البالغة التي لحقت بمدارسهما.

كارثة عامّة

وأطلقت الأمطار الغزيرة التي وصفها الرئيس الإيراني حسن روحاني أخيراً بغير المسبوقة منذ 100 عام، موجات متلاحقة من الفيضانات والسيول في 24 محافظة إيرانية من أصل 31 محافظة من المحافظات الإيرانية، منذ الثامن عشر من شهر مارس/ آذار الماضي، وهي لا تزال مستمرة.

كما أعلنت منظمة "الإغاثة والإنقاذ" الإيرانية، أن السيول اجتاحت خلال هذه الفترة قرابة 1900 مدينة وقرية إيرانية، وشرّدت عشرات الآلاف من سكانها.

وحتى اللحظة، خلفت هذه السيول 70 قتيلاً في مختلف أنحاء إيران، بالإضافة إلى خسائر وأضرار فادحة بالبنى التحتية والطرق والبيوت والمصانع، وخطوط إمداد مياه الشرب والغاز والكهرباء، والمرافق العامة، وكذلك المعالم الأثرية والتاريخية.

ومن جهتها، أعلنت السلطات الإيرانية المدنية والعسكرية منذ بداية أزمة السيول حالة الطوارئ والاستنفار القصوى في صفوف أجهزتها، وخصصت الحكومة الإيرانية مساعدات عاجلة للمنكوبين، وسط انتقادات لمواطنين إيرانيين منكوبين من تأخر الإجراءات الحكومية.

موجة جديدة

على ضوء استمرار السيول وتداعياتها في مختلف أنحاء إيران، أعلنت منظمة الأرصاد الجوية الإيرانية، أن موجة جديدة من الأمطار الغزيرة تقتحم الأراضي الإيرانية، مساء اليوم السبت من محافظات غربية وجنوبية، ثم تصل إلى وسط وشمالي البلاد وتستمر حتى مساء يوم غد الأحد.

مساعدات إقليمية ودولية

بعثت عدة دول مساعدات لمنكوبي الفيضانات في إيران، وأخرى أعلنت أنها سترسل أيضاً. وأقامت دولة الكويت جسراً جوياً لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى متضرري هذه السيول بأمر من أميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وفقاً لبيان السفارة الكويتية في طهران، التي أكدت في بيان لها، أمس الجمعة، أن أول شحنة من المساعدات الكويتية أرسلت إلى إيران وهي تشتمل على 40 طناً من الموادّ الغذائية والطبّية.

ولفت البيان إلى أن شحنات أخرى قادمة تضم مساعدات إعادة البناء والمستشفيات المتنقلة، وسيارات الإسعاف وأجهزة سحب المياه. وأضاف أن هذه المساعدات تنمّ عن العلاقات الحسنة بين البلدين والشعبين، وهي هدية من الشعب الكويتي للشعب الإيراني.

ومن جهة أخرى، أعلنت فرنسا أنها سترسل 12 طناً من المساعدات الإنسانية لمتضرري الفيضانات في إيران، منها 114 جهازاً لسحب المياه.

وسبق أن أعلنت السفارة الإيرانية لدى المملكة المتحدة، أن الصليب الأحمر البريطاني أبلغها استعداده لإرسال مساعدات عاجلة لمواجهة تداعيات السيول في إيران، داعياً منظمة الهلال الأحمر الإيراني إلى تزويده بقائمة تضم الحاجات العاجلة، والمعدّات اللازمة لمساعدة منكوبي الفيضانات.

كما أن تركيا أيضاً قد قدمت مساعدات مختلفة لمنكوبي الفيضانات والسيول. وصرّح رئيس وفد الهلال الأحمر التركي إلى إيران أنيل كوجه بال، في وقت سابق، بأنّ خمس شاحنات مساعدات إنسانية أرسلت إلى إيران دفعةً أولى لمصلحة 320 أسرة من منكوبي السيول، تضمّ 320 خيمة و500 سرير و100 طرد صحّي و1300 بطانية و360 نوعاً من مستلزمات المطبخ و60 مدفأة غاز.

وأكد الهلال الأحمر التركي أنه سيواصل إرسال شحنات المساعدات إلى إيران، حتى تستقر فيها الأوضاع الناجمة عن السيول.

حرب إعلامية

أشعلت الفيضانات في إيران، حرباً كلامية بين المسؤولين الأميركيين والإيرانيين، فبعدما اتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الإثنين الماضي، الإدارة الأميركية بعرقلة عمليات الإغاثة لمنكوبي السيول من خلال حظر معدات الإغاثة على بلاده، رد عليه نظيره الأميركي مايك بومبيو، الثلاثاء، قائلاً إنّ "الإدارة السيئة هي التي تسببت بهذه الكارثة".

وقال بومبيو إنّ طهران "تسجن حماة البيئة لأنّهم أرادوا دعم البلاد للاستعداد في مواجهة هذه المسائل"، معلناً أنّ الإدارة الأميركية مستعدة لإرسال أموال للهلال الأحمر الإيراني لمواجهة السيول.

لكن ظريف وفي تغريدة أخرى على "تويتر"، وصف تصريحات بومبيو بأنّها "أخبار كاذبة"، قائلاً إنّ "الخبر الحقيقي أنه بحسب تصريحات رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لا يمكن للهلال الأحمر الإيراني أن يتلقى أي مساعدات مالية بسبب العقوبات الأميركية غير القانونية".

وختم ظريف تغريدته بالقول، إنّ "أميركا يجب أن تقبل مسؤولية إرهابها الاقتصادي".

كما أن الرئيس الإيراني حسن روحاني، اعتبر الأربعاء الماضي أنّ حظر إدخال المساعدات الدولية إلى منكوبي السيول في إيران "جريمة غير مسبوقة"، منبهاً إلى أنّ "الهلال الأحمر الإيراني لا يمكنه تلقي المساعدات من الدول الأخرى في هذه الظروف الصعبة، لمواجهة السيول التي ضربت 25 محافظة إيرانية في سابقة هي الأولى منذ 100 عام"، وذلك في إشارة إلى العقوبات الأميركية على بلاده، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في مايو/ أيار 2018.

ودعا روحاني الخارجية والمؤسسات الحقوقية الإيرانية، إلى متابعة حظر إرسال المساعدات الدولية إلى الهلال الأحمر الإيراني، حقوقياً وقانونياً على الساحة الدولية، مضيفاً أنّ الإيرانيين المقيمين في الخارج "ليس بمقدورهم أيضاً إرسال مساعداتهم إلى أبناء بلدهم في إيران.

واتهم روحاني من وصفهم بـ"أعداء إيران" باستغلال السيول "لبث الفرقة" بين الإيرانيين، قائلاً "إنهم فشلوا في ذلك، وانفضحوا لإغلاق حسابات الهلال الأحمر الإيراني، منعاً لتحويل مساعدات الإيرانيين في الخارج والدول الأخرى إليها".

وأضاف أنّ "أميركا عجزت عن تدارك الخسائر الناجمة عن السيول خلال الشهور الماضية"، مشدداً على أنّ بلاده ستبني من جديد ما دمرته السيول.​

كما أعلنت روسيا اليوم السبت، أنها سترسل مساعدات عاجلة إلى إيران تضم 4 آلاف خيمة وبطانية وأشياء أخرى.

وبدوره، أوضح الاتحاد الأوروبي أمس الجمعة، في بيان أنه سيقدم 1.2 مليون يورو مساعدات لمنكوبي السيول، بالإضافة إلى دول أوروبية أخرى مثل سويسرا وألمانيا أكدت اعتزامها تقديم مساعدات أخرى. ​

المساهمون