تظاهرة جديدة بباريس تنديداً بتعنيف شاب في مخفر شرطة

تظاهرة جديدة بباريس تنديداً بتعنيف شاب في مخفر شرطة

18 فبراير 2017
رفض العنف والتمييز العنصري (العربي الجديد)
+ الخط -
رخّصت السلطات الأمنية، اليوم السبت، للمتظاهرين بتنظيم تجمع في ساحة الجمهورية، مقفلة كل الشوارع المؤدية إلى الساحة وسط إجراءات تفتيش غير مسبوقة، وهو تجمع أريد منه إعلان التضامن وتحقيق العدالة للشاب "ثيو"، الذي يقول إنه تعرض لاغتصاب في مخفر شرطة، إضافة إلى إدانة كل مظاهر العنف والتجاوزات البوليسية منذ عقود.

فقد كانت كل التظاهرات السابقة التي أعقبت الاعتداء على "ثيو" عفوية ودون إذن قانوني، وكانت تنتهي غالباً بمناوشات واعتقال العشرات من المتظاهرين.

وابتداء من الساعة الثانية اليوم، توافد نحو 3000 شخص على الساحة، ليعبروا عن غضبهم مما جرى للشاب "ثيو"، ومن التعامل الحكومي الذي لم يكن في مستوى الحدث، وأيضاً إدانة المواقف السياسية التي لا تعرف سوى الدفاع عن الشرطة، حتى حين تكون ظالمة أو مواقف بعض الساسة اليمينيين الرافضين لكل أنواع التظاهر في ظل قانون الطوارئ، كما كرر اليوم، إيريك سيوتّي ومارين لوبان. 

وكانت الشعارات مختلفة ومتنوعة باختلاف التنظيمات والجمعيات المشاركة، وهي كثيرة، من أقصى اليسار، مروراً بالحزب الشيوعي وجبهة اليسار والحزب الاشتراكي والخضر، وأيضاً النقابات العمالية والطلابية المختلفة، ومن بينها "لن ننسى، لن نسامح"، و"الشرطة في كل مكان، العدالة غائبة"، و"لننزع سلاح الشرطة"، و"من زياد وبونا إلى ثيو وأداما، تسقط العنصرية ويسقط عنف الدولة".

كما حضرت بعض الشخصيات السياسية، ومن بينها نوويل مامير، من قيادات الحزب الإيكولوجي، الذي أكّد لنا "أنه يتواجد، هنا، لإدانة كل أنواع التمييز والعنصرية التي يتعرض لها مواطنون فرنسيون، وفي فرنسا"، كما طالب بـ"تحقيق العدالة والانتصار للمظلومين"، كما كان حاضراً في التظاهرة نجم كرة القدم الفرنسية سابقاً، ليليان تورام، الذي يعتبر من أكثر الشخصيات الرياضية الفرنسية انخراطاً في النضالات الاجتماعية.


وكان التجمع منصة للحديث، تناوب عليها كثير من المتدخلين، خاصة من ممثلي الجمعيات الحقوقية التي تناضل ضد كل أنواع العنصرية وتدافع عن حقوق الإنسان.

وقد شدّد المتدخلون فيها على أن "الشرطة يجب عليها أن تكون جمهوريّةً حتى تَضْمن للمواطن، أن يسير مرفوع الرأس في بلده". وأكد إبراهيم، من "ب يدي إم تيفي"(جمعية ضواحي العالم) وهو أحد منظّمي التجمع، أن والدي الشاب "ثيو"، خاطبا الحضور، عبر تأكيد وجوب تحقيق العدالة لثيو، ولكنهما يطالبان أن يكون هذا التجمع هادئاً ومسالماً.


وأكد إبراهيم، "سنظل متأهبين طالما استمرت الشرطة في إلحاق العار بفرنسا"، وأضاف "لا للشرطة التي تسيء لصورة فرنسا في العالَم"، ثم قال إن "صورة فرنسا تستدعي الكراهية" بسبب لجوء الشرطة للعنف والتعذيب ضد مواطنيهم.

التنديد بالعنف الذي تمارسه الشرطة (العربي الجديد)


وقال دومينيك سوبو، من جمعية "إس أو إس. عنصرية": "نحن هنا، لإدانة العنف الخطير الذي تعرَّض له ثيو، الذي لم يكن حدثاً عارضاً، كما قالت المفتشية العامة للشرطة الوطنية، في تقريرها، بل يتعلق الأمر بإهانة وبإنكار للحقوق". وذكّر باللقاء الذي جرى، قبل أيام، بين رئيس الحكومة ووزير الداخلية والعديد من جمعيات مكافحة العنصرية والدفاع عن حقوق الإنسان. وقال إنه يشارك في هذا التجمع، اليوم، لأنه "يبدو أن الحكومة لم تنصت إلينا، ولأنها تنظر إلى كل قضية باعتبارها حادثة فردية، بينما يقول سكان مدينة "أولناي سو-بوا"، إن الوحدة البوليسية التي اعتدت على ثيو، مشهورة باسم "الضاربون"، وهذا ليس هو الجمهورية، لأنه في الجمهورية ليس للمواطن أن يخشى شرطته، بل هي في خدمة الوطن والمواطن، وليس لإرهابهم". واعتبر أن التجمع "مناسبة لمساءلة السلطات العمومية ومرشحي رئاسيات 2017".

نوويل مامير من قيادات الحزب الإيكولوجي المشاركين في التظاهرة (العربي الجديد)


ثم استعرض دومينيك سوبو المقترحات التي قدّمت جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان للحكومة: "إخضاع الشرطة للتكوين ضدّ الأفكار العنصرية المُسبَقة وضد الأحياء الشعبية، إعادة إنشاء شُرطة القُرْب، إعادة إصلاح الأطر وتقنيات الاعتقال".

واعترف أن الجمعيات طالبت أيضاً "بحضور قضاة وأعضاء من هيئة "المُدافع عن الحقوق" إلى جانب أفراد الشرطة أثناء التحقيقات".

من جانبه، عبر بيير تارتكوفسكي، الرئيس الشرفي لرابطة حقوق الإنسان، عن سعادته لوصول التظاهرات، أخيراً، إلى ساحة الجمهورية، واعتبر هذا التجمع تجمع الغضب، ساخراً من قول رئيس الحكومة إن "العدالة يجب أن تمرّ"، وساخراً من وزير الداخلية الذي وصف ما حدث بأنه "عبارة عن عملية تحقق الشرطة من هوية "ثيو"، ولكن نهايتها لم ​تكن مُرضية".

المتظاهرون رفضوا التمييز والعنصرية (العربي الجديد) 

وقال تارتكوفسكي، الذي لم يُخف خيبة أمله، قبل أيام، عند انتهاء لقائه برئيس الحكومة، بسبب هزالة النتائج: "كيف لا نغضب حين نرى أن ما حدث مع ثيو، حدث مع آخرين، منذ شهور وسنوات وفي نفس الحي، وبنفس طُرُق الإهانة والتمييز والسيطرة. هذا ليس هو الجمهورية. وكيف لا نغضب، حين نسائل رئيس الحكومة ووزير الداخلية وسكرتيرة الدولة لشؤون المدينة، فيجيبون: "لقد فعلنا ما توجب علينا فعلُهُ، وقلنا ما توجَّب علينا أن نقول. وإذا طلبتم منا أكثر فسوف ترفعون من درجة التوتّر، وحينها تلعبون لعبة حزب "الجبهة الوطنية المتطرف" وقال، معلقاً على تبرير الوزراء: "هؤلاء الوزراء يسخرون منا".

وأضاف: "تجمُّعُنا اليوم هو أيضاً تجمّع تضامن، لأنه خلف العنف البوليسي توجد كثير من المعاناة والإهانات".

وأشار إلى أن فرنسا شهدت هذا اليوم، أكثر من ثلاثين من التجمعات والتظاهرات. وكشف أيضاً أن الأمر "لا يتعلق بحادث منعزل كما تريد الحكومة أن تقنع المواطنين. إنه حادث مأساوي.. وإن ما حدث هو شيء عنيف لا يمكن تحمله ما بين الجمهورية والشرطة. وإن إحداهما ليست في مكانها الطبيعي".

وأعلن في النهاية "ضرورة فتح ورشة كبرى من أجل الأمن العمومي، وتحديد مفهوم الأمن ودور الشرطة في المدينة والأحياء في عموم فرنسا. الورشة مفتوحة، بفضلكم وبفضلنا.. التظاهرات ستظل مفتوحة، البعض منها مبرمج في شهر مارس/آذار. إنه كفاح من أجل الحرية، فلنَخُضه معا".