دروس كورونا لحماية الطيور

دروس كورونا لحماية الطيور

16 ابريل 2020
طيور تحتل الساحات بعد قرارات حظر التجول (إليف أوزتورك/Getty)
+ الخط -

تبدو العلاقة بين الطيور وفيروس كورونا الجديد غير متصلة، إذ لم يثبت علمياً أنّ الفيروس أصاب الطيور حتى الآن. لكنّ الأمر ممكن؛ نظراً لوجود معلومات سابقة دلت على أنّ أقارب فيروس كورونا الجديد أصابوا الدجاج المنزلي الداجن بفيروس التهاب الشعب الهوائية، وأنواعاً أخرى من العائلة نفسها كالديك الرومي والفزان التدرجي والطاووس، والدواجن الغينية، والحجل، وكذلك البط البري الذي جرت تربيته بالقرب من الطيور الداجنة. وجرى اكتشاف فيروسات المجموعة التاجية الثالثة في الإوز والبط الخضيري والحمام الداجن. كذلك، جرى عزل فيروس تاجي بعد تلقيح الفئران بأنسجة من طيور جلم الماء.

من الواضح أنّ هناك إمكانية لظهور فيروسات كورونا مختلفة في الطيور الداجنة، من مصادر الطيور والثدييات معاً. أما فيروس كورونا الجديد فيبدو أنّه انتقل على الأرجح من الخفاش إلى الإنسان عن طريق خطأ ما في المختبرات. وبينما الإنسانية ما زالت عاجزة حتى اليوم عن كبح جماحه ووقف انتشاره، نرى في الوقت نفسه عدم تجاوب الناس مع تعليمات السلطات الصحية المختلفة. بعض الناس لا يأبهون بالموت نفسه، ويصرّون على الاختلاط من دون كمامات، والخروج من المنازل.

هذا الأمر لا يبشر بالخير؛ لأنّه يبيّن لنا أنّ التوعية ليست كلّ شيء حتى في مجال الطيور، إذ إنّ القوّاص (من يصطاد الطيور بشكل غير شرعي) سيستمر في قتل الطيور المسموح بصيدها وغير المسموح بصيدها، وفي موسم الصيد وخارجه، وفي فترة الإشتاء وفي فصل التفريخ، أي على مدار السنة، كما سيقتل الطيور المفيدة للإنسان وللزراعة ولنظافة البيئة والصحة العامة على الرغم من كلّ حملات التوعية. هذا هو الدرس الأول الذي تعلمناه من كورونا.

أما الدرس الثاني، فهو أنّ الجوع وتحصيل الرزق، حافزان كافيان لعدم الامتثال لقرارات السلطة في حال كورونا، وبالمقارنة قد يكونان حافزين كافيين لعدم توقف القوّاصين عن قتل الطيور بسبب حاجتهم الافتراضية إلى لحومها وبسبب بيعها للمطاعم ومحلات تحنيط الطيور، وبالتالي هي جزء من رزق بعضهم. لذلك، لن توقفهم حملات التوعية ولن توقفهم القرارات العليا؛ لأنّ الغاية تجارية مع أنّ الصيد "رياضة وليس تجارة" كما جاء في الأسباب الموجبة لقانون الصيد البري في لبنان مثلاً.



هذان الدرسان من وباء كورونا الجديد يدفعان إلى التشاؤم في مكان آخر وهو قتل الطيور الذي يبدو أنّه لن يتوقف طالما يعمّ الجهل في مجتمعاتنا. كنا نشعر بالتفاؤل بأنّ الناس سيتوقفون عن قتل الطيور عندما ينمو الوعي والحس البيئي لديهم، لكنّ الآمال أحبطت. مع ذلك، لن يدفعنا الإحباط للإقلاع عن الاستمرار في واجب التوعية للمحافظة على الطيور واستدامتها، فهي جزء من النظام البيئي، وقد تكون ذات يوم مصدراً للقاح ضد الأوبئة. فهل يصدق المثل الشعبي الذي يقول إنّ الإنسان عدو نفسه؟

*متخصص في علم الطيور البرية

دلالات

المساهمون