أفغان يشكون من تعامل الأطباء السيّئ معهم

أفغان يشكون من تعامل الأطباء السيّئ معهم

24 مايو 2019
الإهمال سمة عامة في المستشفيات (نور الله شيرزاده/فرانس برس)
+ الخط -
الأوضاع الأمنية غير المستقرة في أفغانستان ومعها الفقر والفساد تؤدي إلى أضرار مختلفة، من بينها ما يستوطن قطاع الرعاية الصحّية، الذي بات من يحتاج إليه متردداً بسبب تعامل الكوادر الطبّية القاسي مع المرضى

من بين القطاعات التي تتدهور بشكل كبير في أفغانستان، قطاع الرعاية الصحّية. يعاني المواطن الأفغاني بطرق مختلفة، بدءاً من عدم توافر الطاقم الطبّي الكافي في بعض المدن، وغيابه أساساً في بعض المناطق الريفية، مروراً بعدم وجود مستشفيات وأدوية كافية وذات جودة مناسبة، وانتهاءً بسوء تعامل المختصين والأطباء. كذلك، يعاني المواطن للوصول إلى مراكز الصحة بسبب الوضع الأمني السيئ.

وبينما تبدو بعض المشاكل غير قابلة للحلّ في المدى القريب، فإنّ سوء تعامل المعنيين بصحة المواطن كالإداريين والعاملين في المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية، والأطباء والممرضين، يمكن العمل عليها، علماً أنّها مشكلة تتعب المواطن أكثر مقارنة بغيرها.




في هذا الصدد، يقول الناشط الاجتماعي عبد الباسط مبارز لـ"العربي الجديد"، إنّ التعامل السيئ للأطباء والعاملين في العيادات أكثر ما يقلق عامة المواطنين، فالتعامل الحسن وطمأنة المريض وأهله يخففان الكثير من معاناته. من هنا، يطالب بضرورة تثقيف الأطباء وتربيتهم أخلاقياً قبل تعليمهم، مشيراً إلى أنّ تعامل الأطباء في أفغانستان قاسٍ جداً، وهذا يدلّ على ضعف مستواهم التعليمي أيضاً. يذكر مبارز أنّ هذه العملية مشتركة بين الأسر والمؤسسات التعليمية والحكومة، ويجب على الجميع أن يؤدوا دورهم في هذا الخصوص، لأنّه أمر هام، إذ يرتبط بحياة المواطنين، و"الخُلق الحسن بداية كلّ فرج، خصوصاً من قبل الأطباء، فمن واجبهم التعامل الحسن مع المرضى قبل تقديم العلاج إليهم". يتابع أنّ هذه المشكلة ليست الوحيدة، بل إنّ الفساد المستشري بين الأطباء والكادر الطبّي، علاوة على عدم وجود تسهيلات لازمة، جعل عملية العلاج مشكلة كبيرة للمواطن.

لا شكّ بأنّ هذه المشاكل تنتشر أكثر في المناطق النائية، لكنّها موجودة في المدن الرئيسية أيضاً، وهي التي كان من المفترض أن تكون الحال فيها أفضل، لتوفر الرقابة الحكومية فيها، ولأنّ مستوى التعليم أفضل بكثير من المناطق الريفية. وهكذا، يشكو المواطنون في المستشفيات الخاصة والحكومية بمدينة مزار شريف مثلاً، وهي إحدى المدن المتحضرة نسبياً في شمال أفغانستان، من سوء تعامل الأطباء معهم.

مستشفى "بو علي سينا" من أكبر مستشفيات المدينة، إذ يفد إليه المرضى من الأقاليم الشمالية كلّها. في هذا المستشفى يشكو المرضى من مشاكل كبيرة؛ أبرزها الفساد وسوء تعامل الأطباء معهم. يشيرون إلى أنّ الأطباء، إلى جانب التعامل القاسي معهم، يدعون المرضى بعد زيارتهم المستشفى إلى عياداتهم الخاصة ليتقاضوا منهم رسوم علاج، علماً أنّ المواطنين فقراء جداً، وليس في وسعهم أن يقدموا مثل تلك الرسوم. وهكذا فإنّ المعاملة الخشنة جزء من الفساد، وهدفه أن يحوّل المرضى من المستشفى الحكومي إلى العيادات الخاصة.

في هذا الإطار، يقول سلطان محمد أحد سكان إقليم قندوز، الذي اصطحب والدته لعلاجها لـ"العربي الجديد": "بعد انقضاء ثلاثة أيام في المستشفى خرجت مع والدتي، وكان وضعها أسوأ مما كانت عليه عندما دخلت، لأنّ تعامل الأطباء كان قاسياً جداً". يشير إلى أنّ الطبيب المتخصص طلب منه أن يزور عيادته الخاصة، لكنّه لم يستطع أن يفعل ذلك، والآن يفكر في أن يأخذ أمه إلى العاصمة كابول كي تتلقى العلاج هناك. يقول سلطان إنّه كلما دخل الطبيب إلى غرفة المرضى أبدى غضبه الشديد، وكلما طلبوا المساعدة كان رد الأطباء قاسياً جداً، وهو ما يمثل عقبة أساسية في طريق علاج المرضى، إذ لا يتمكنون من الاستفسار عن صحتهم بشكل صحيح.

حالة نصيرة بي بي مشابهة، فقد جاءت بابنها البالغ ستة أعوام، من مديرية بلخ إلى مدينة مزار شريف، وهو يعاني من التهاب في كليته. عاش أياماً في مستشفى "بو علي سينا" لكن من دون جدوى، إذ إنّ وضعه لم يتحسن. تقول نصيرة بي بي لـ"العربي الجديد" إنها يئست من تعامل الأطباء في المستشفى مع المرضى كأنهم أعداؤهم، إذ لا يزورونهم بسهولة بل لا بدّ لمن يرافق المريض من أن يذهب مراراً إلى غرفة الأطباء ليدعوهم، وخصوصاً في غرفة العناية المركزة حيث يدخل المرضى وهم في حالة خطرة، وبعضهم يموت بسبب لا مبالاة الأطباء.




بدوره، يؤكد الناشط الاجتماعي عبد المتين فرامرز لـ"العربي الجديد"، أنّ المشكلة موجودة وكلّ ذلك لأنّ أطباء يعملون نصف اليوم في المستشفيات الحكومية وفي النصف الآخر لهم عيادات خاصة، وهم يفضلون مراجعة المرضى لهم في عياداتهم الخاصة، من أجل الحصول على الرسوم المالية. يؤكد أنه بسبب غياب الرقابة الكافية، تباع أدوية المستشفيات في العيادات الخاصة، بالإضافة إلى أشكال مختلفة من الفساد.

المساهمون