السعودية... تشهير بالضالعين في الفساد

السعودية... تشهير بالضالعين في الفساد

27 فبراير 2017
عدم إنجاز المشاريع أحد أوجه الفساد (تويتر)
+ الخط -
بدأت الهيئة الوطنية السعودية لمكافحة الفساد (نزاهة) بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والعدل، في وضع تشريع جديد يسمح لها بالتشهير بمن تثبت عليه تهمة الفساد، ضمن خطة واسعة لمكافحة الفساد في البلاد.


واقتربت تلك الجهات من وضع اللمسات الأخيرة على تطوير نظام مكافحة الرشوة، وتغليظ العقوبات فيه. ويعاقب النظام حاليا مَن يُدان بالرشوة بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تزيد عن مليون ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وتحاول "نزاهة" إضافة عقوبة التشهير، ومضاعفة سنوات السجن.

وأكد رئيس هيئة مكافحة الفساد "نزاهة"، خالد المحيسن، أن "قضية التشهير مسألة قانونية، ليس للهيئة دور مباشر فيها، كونها ليست جهة قضائية أو منفذة للأحكام"، لافتاً إلى أن المسألة "محكومة بما يمكن أن يدعمها من تشريعات وأحكام قضائية على ضوئها".

ودشنت "نزاهة" منصة إلكترونية تهدف إلى تحقيق شراكة متكاملة مع وحدات المراجعة الداخلية، تسهل الحصول على المعلومات من المراجعين الداخليين في الجهات الحكومية المشمولة باختصاصات الهيئة.

وجاء هذا التحرك بالتزامن مع الكشف عن تقرير لوزارة الخدمة المدنية يؤكد إصدارها قرارات بكف اليد وعقوبات تأديبية لنحو 1841 موظفاً من مختلف القطاعات الحكومية، بعد إدانتهم في قضايا فساد من بينها الرشوة. وبيّن التقرير أن القرارات شملت 1569 عقوبة تأديبية، و272 قراراً بكف اليد.



وتعج المطالبات بالكشف عن أسماء المتورطين بالفساد، والمدانين كذلك، مع امتناع "نزاهة" بحجة أن نظامها لا يخولها بذلك. وكشفت الهيئة المتخصصة في التحقيق في قضايا الفساد أنها حققت العام الماضي بنحو 4242 بلاغا من أصل 6480 بلاغا رفعت للجهات المعنية.



وتكمن المعضلة التي تواجه الهيئة، في تعرض من يقدمون تلك البلاغات للمضايقة من مدرائهم في العمل. واعترف المحيسن في المؤتمر الذي نظمته الهيئة الأسبوع الماضي، بوقوع حالات ضرر طاولت مبلغين عن قضايا فساد، لافتاً إلى الاعتقاد بأن معظم التجاوزات المالية والإدارية في الجهات الحكومية الخدمية تتركز في قيادات الصف الثاني والأول، بنسبة تتجاوز 51 في المائة منها.

وأضاف: "تتعاون الهيئة مع الجميع في سبيل كفالة حق المبلغين وحمايتهم، وفقا للإمكانات النظامية المتاحة لنا، ونحن نتعامل بسرية كاملة مع معلومات المبلغين ولا نفشيها لأي كان".



وأوضح المحيسن أن "للهيئة اختصاصات محددة تنتهي بإجراءات التحقق والإحالة للجهات المعنية الممثلة بهيئة الرقابة والتحقيق، أو هيئة التحقيق والادعاء العام، والتي تتولى مسؤولية النظر في التحقيقات".

وبحسب تقرير "نزاهة"، صُنفت البلاغات على نحو 27 في المائة منها بأنها فساد مالي وإداري، و21 في المائة تدني مستوى الخدمات، و19 في المائة قصور في المشاريع، و18 في المائة مخالفات مالية وإدارية، و9 في المائة شكاوى وطلبات خاصة، و4 في المائة قصور في تطبيق الأنظمة، في حين لا يزال 2 في المائة من القضايا قيد الدراسة.

وأكد التقرير ذاته أن نسبة قضايا الاختلاس أو تبديد المال العام والتفريط فيه بلغت 29 في المائة من "قضايا الفساد المالي"، في حين سجلت قضايا استغلال نفوذ الوظيفة نسبة 21 في المائة من مجمل تلك القضايا، أما سوء الاستعمال الإداري، فبلغت النسبة 15 في المائة، والتزوير 13 في المائة، والرشوة 6 في المائة، واستغلال العقود 6 في المائة، والاستجابة لتوصية أو الواسطة 5 في المائة، واشتغال الموظف الحكومي بالتجارة 2 في المائة، وتوزعت نسبة 3 في المائة الأخيرة بين قضايا أخرى.

واتهم موظفون من مراتب عليا بما نسبته 23 في المائة من قضايا الفساد، و29 في المائة من مراتب متوسطة، و9 في المائة من مراتب دنيا، وكانت نسبة 39 في المائة غير محددة.

وأكد المستشار القانوني، أحمد الراشد، أن من الضروري تشديد الرقابة على قضايا الفساد، معتبرا أن "الأنظمة الحالية هشة، ويسهل التحايل عليها". وقال لـ"العربي الجديد": "نحتاج تشريعات أكثر صرامة، لخلق بيئة طاردة للفساد، ولن يكون ذلك إلا بتشديد العقوبات على الفاسدين، وإعطاء صلاحية التشهير بهم لهيئة (نزاهة)، لأن الخوف من الفضيحة سيكون درعا أقوى من السجن والغرامة".