لهذا يهاجر العرب

لهذا يهاجر العرب

12 فبراير 2016
يبحث عن بلد مختلف عن بلدان العرب (فرانس برس)
+ الخط -
في قطر، حيث أعمل الآن، يوجد نحو مليوني شخص من خارج الدولة، يعملون في مهن متباينة، ربعهم تقريباً من العرب. وفي دول الخليج، التي زرتها كلها، يعمل ملايين الأشخاص، على غرار ما يجري في قطر، ولا تختلف نسبة العرب مقارنة بغيرهم كثيراً عمّا هي عليه في قطر.

ليست دول الخليج بلدان هجرة بالنسبة إلى المواطنين العرب، وإنما هي بلدان عمل. سنوات معدودة، تطول أو تقصر، ثم يعود المغترب إلى بلده، ونادرة هي الأمثلة الخاصة بأشخاص هجروا بلدانهم كلياً للعيش في دول الخليج.

يهاجر العرب، حتى من دول الخليج، باتجاه الشمال الغربي عادة، إلى أوروبا أو أميركا أو كندا، وقليلون منهم باتجاه أستراليا. والملاحظ أنه عندما يهاجر العربي، فإنه يبحث عن بلد مختلف بالكلية عن بلدان العرب، بالتالي فإن أوروبا وأميركا هما الأنسب، حتى وإن عانى فيها أزمات ومشكلات جمة.

في السنوات الخمس الأخيرة، زاد عدد المهاجرين العرب بشكل مطرد. وبينما كانت العراق أكثر الدول العربية التي يرغب معظم مواطنيها في الهجرة، ولبنان أكثر الدول التي يسعى كثير من مواطنيه إلى الهجرة، باتت سورية طاردة لمواطنيها بشكل واسع. وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 10 ملايين سوري غادروا بلادهم بالفعل.

الوضع في بلدان عربية أخرى أقل سوءاً مما هو عليه في سورية، خصوصاً أننا لا نعلم كثيراً عن الصومال مثلاً. لكن بلداناً مثل مصر وليبيا والسودان تشهد موجات هجرة متزايدة، بينما بلدان المغرب العربي، التي هاجر الملايين منها بالفعل سابقاً، تشهد أخيراً زيادة مطردة في أعداد راغبي الهجرة.

في المحصلة، فإن نحو ثلاثة أرباع العرب، باعتبار أن البلدان الطاردة هي الأكثر سكاناً، يسعون إلى الهجرة، أو على الأقل يرغبون في ذلك. ولا جدال في أن غالبية العرب خطرت لهم فكرة الهجرة يوماً أو ناقشو جدواها أياماً.

في أوروبا بشكل واسع، وفي أميركا بصورة أقل، تتنامى نزعات عنصرية خطرة تجاه المهاجرين، خصوصاً العرب منهم، والأمثلة واضحة ومتكررة، لا تنحصر في القيود والتشديدات لمنع تدفقهم، وإنما تصل حد الاعتداء الجسدي العنيف، ووصلت أحياناً حد القتل.

بات المهاجرون يعرفون أن الطريق إلى دول الهجرة ليس آمناً، لكنهم يواصلون الرحلة هرباً من بلادهم، ويردد كثير منهم أن الدول المستضيفة لم تعد ترحب بهم كما في السابق، بل إن بعضها لا يحترم حقوقهم كبشر. لكنهم يستمرون في التدفق باتجاه تلك الدول، تاركين بلدانهم.

لسنا هنا أمام أزمة هجرة فقط، وإن كانت مستفحلة بالفعل، وإنما أمام عمليات هروب منظمة لملايين البشر من بلدانهم، التي لا توفر لهم الحرية والعدل كأبسط حقوق المواطنة.

اقرأ أيضاً: نقاش عربي متكرر

المساهمون