مساعي تنظيم الإسلام الفرنسي: محاولات لتفادي العنصرية

مساعي تنظيم الإسلام الفرنسي: محاولات لتفادي العنصرية

30 اغسطس 2016
يتطلعون إلى ممارسة ديانتهم بهدوء (Getty/ فيليب ديسماي)
+ الخط -
تتهيأ وزارة الداخلية الفرنسية، منذ شهور، للإعلان عن إصلاح عدة مؤسسات تدير "الإسلام الفرنسي"، بعد سلسلة لقاءات تجاوزت تلك الاجتماعات المنتظمة مع "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية".

ويرتكز مشروع الإصلاح الذي تريد وزارة الداخلية التعجيل به قبل ديسمبر/كانون الأول 2016 بإظهار خطوطه العريضة، على نقاط أساسية أربعة، أولها الحوكمة الشاملة للدين الإسلامي في فرنسا، ثم تمويل تشييد أماكن عبادة جديدة، وتكوين الأئمة، وأخيرا، وهذا هو الجديد، منح تمثيلية عمومية للأطر والنُّخَب المنبثقة من المجموعة الإسلامية (من مثقفين ومجتمع مدني وفعاليات وشخصيات مستقلة). ولكن الوزارة تعرف أن جني ثمار هذا "الإصلاح" الطموح، لن تأتي قبل مرور سنوات عديدة.


وفي هذا السياق، جاء تنظيم اليوم الدراسي الذي قرر وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازنوف، عقده أمس الاثنين، حول الإسلام، لأن فرنسا كما يقول: "في حالة حرب ضد عدوّ يريد تقسيمها"، ولكنه يعيد التأكيد على أنّ هذه الحرب ليست بأي حال موجَّهة ضد "مسلمي فرنسا، الذين هم في غالبيتهم جمهوريون لا يتطلعون إلا إلى ممارسة ديانتهم بطريقة كريمة وهادئة"، وبالتالي فإن هذا الصراع الحاسم "يجب أن نخوضه إلى جانبهم".

والجديد في لقاء أمس الدراسي حول الإسلام الفرنسي، هي الدعوة التي وجهها وزير الداخلية لممثلي الإسلام الفرنسي للانفتاح على فعاليات مسلمة أخرى، تحس بأنها مقصية، وخاصة مجموعة الواحد والأربعين مثقفا، الذين نشروا قبل أسابيع، بيانا في صحيفة "لوجورنال دي ديمانش"، يطالبون فيه بحقهم في التعبير عن الإسلام الفرنسي.





وقال الناطق باسم هذه المجموعة، حكيم القروي، المستشار السابق لرئيس الحكومة اليميني السابق، جان بيير رافاران، إن رئاسة جان-بيير شوفنمان لـ"المؤسسة من أجل الإسلام في فرنسا" لن تتجاوز سنة واحدة، وإن الحكومة وعدتهم بـ"عدة مقاعد في الجمعية الثقافية 1905، التي تعتبر لُبّ الموضوع"، لأنّها هي التي "ستتلقى الأموال وهي التي ستقوم بتمويل تشييد المساجد وتكوين الأئمة".

من جهة أخرى، بدأت ملامح "المؤسسة من أجل الإسلام في فرنسا" تتضح عبر تحديد أعضائها، فإضافة إلى رئيسها جان-بيير شوفنمان، يوجد ثلاثة ممثلين للدولة الفرنسية، وخمس "شخصيات مرموقة" من الديانة أو الثقافة الإسلامية.

والمثير للجدل هو تعيين الروائي الفرنسي-المغربي الطاهر بن جلون، الذي سبق له أن نشر كتاب "الإسلام كما شرحتُهُ للأطفال"، عضوا في هذه المؤسسة، وهو ما أثار امتعاض ورفض الكثيرين عبر شبكات التواصل الاجتماعية، الذين نشروا صُوَراً تجمعه بالرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريس والمفكر الصهيوني برنار هنري ليفي.


وإلى جانب بن جلون، يظهر الباحث الإسلامي الإصلاحي، غالب بنشيخ، وعميد مسجد ليون، كمال قبطان، إضافة إلى عضوية رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وعضوين معيَّنَين من قبل "لجنة المانحين"، و"مجلس توجيه" من عشرين عضوا، منفتح على المجتمع المدني الإسلامي، يكون من مهامه تحديد المشاريع التي يجب دعمها.

ومع اقتراب انتخابات 2017 الرئاسية في فرنسا، يريد اليسار أن يُظهر نجاحه مقابل فشل "الإسلام الفرنسي"، بحيث يتأقلم مع الجمهورية والعلمانية، لكن مشاكل الإسلام في فرنسا ليست وليدة اليوم، ولعلّ أهمها وأخطرها، كون هؤلاء المسلمين الفرنسيين لا ينحدرون من بلد واحد، وبالتالي فهم مشبعون بثقافات إسلامية مختلفة، وأحيانا متصارعة، كما أن الطامحين في التموقع على طاولة الجمهورية كُثُرٌ.

وليس من المبالغة القول إن الظروف الآن أصعب من سابقاتها. فلم يكن الإرهاب بهذا الشكل من الخطورة، أي أن يمارسه مواطنون فرنسيون ضد مواطنيهم، كما أن الجدال المحتدم حول البوركيني تم استغلاله سياسيا بشكل غير مسبوق، لدرجة أن البعض اتخذ منه حصانه الفائز في الانتخابات، ولم يعد يُعير القوانين القضائية أهمية، ويطالب بحظره في الدستور الفرنسي نفسه، كما يرى المرشح نيكولا ساركوزي وآخرون.

.

المساهمون