عراقيون قلقون من تزايد حوادث الخطف والسرقة

عراقيون قلقون من تزايد حوادث الخطف والسرقة

21 اغسطس 2016
بغداد أصبحت عاصمة للسرقة والسطو (سكوت بترسون/ Getty)
+ الخط -



في الساعة الخامسة والنصف صباحًا رنّ هاتف أبو يونس تاجر جملة بمنطقة الشعب؛ أثار ذلك الاتصال المبكر خوف وقلق الرجل، وما إن أجاب حتى أخبره المتصل أن محله التجاري قد تمت سرقته بالكامل، حالة ليست جديدة في العاصمة العراقية بغداد، إلا أن عمليات السرقة والخطف والابتزاز تزداد يومًا بعد آخر وسط عجز السلطات الحكومية عن وقفها.

وتعددت الأشكال والنتيجة واحدة، سرقة ما بحوزة المواطن، يقول وسام صاحب متجر صغير لبيع المواد الغذائية في منطقة السيدية، لـ"العربي الجديد"، "كل يوم نسمع أخبارا عن سرقة محلات تجارية أو السطو المسلح على بنوك ومصارف أهلية ومحال المصوغات الذهبية أو خطف أشخاص ومساومة ذويهم على مبلغ من المال لا يقل في أحسن الأحوال عن 20 ألف دولار أميركي"، كل ذلك يحدث والحكومة تتفرج أو تشارك في تلك الممارسات التي لا تحدث إلا في بلد منهار اقتصاديًا وأمنيًا، حسب قوله.

من جانبه، قال الأكاديمي رامي عباس لـ"العربي الجديد"، إن مدينة بغداد أصبحت مدينة مافيات، لأنها تفتقر لأبسط ركائز الأمان، حيث لا يوجد فيها نظام ولا جهة أمنية تحمي المواطن من تلك العصابات، فضلا عن تورط عدد من الأحزاب وأصحاب النفوذ بتلك السرقات وعمليات الخطف.

وتابع المتحدث "إن انتشار المليشيات بشوارع بغداد والمدعومة من الأحزاب الحاكمة، وعدم قدرة الجهات الأمنية على ضبط الأوضاع، أدى إلى تزايد حالات الخطف والقتل والسرقة، واغتيال الشخصيات البارزة، من أطباء وأكاديميين ومحامين وغيرهم، فضلًا عن تزايد حالة الفصل العشائري بأي شكل من الأشكال بهدف الحصول على المال".

وأوضح عباس أن الخلافات بين عناصر المليشيات حول مناطق النفوذ، وتقاسم الغنائم التي تتم سرقتها او الحصول عليها بعد خطف وقتل شخص ما، أدّت إلى تفلت سيطرة الحكومة على جميع مفاصل الحياة، وخاصة الوضع الأمني.


وبيّن أن سكان العاصمة بغداد لا يمر عليهم يوم دون أن يفزعوا بأخبار تلك العمليات التي تصل إلى خمس حالات يوميًا من سرقة المحال تجارية أو تهديد العوائل الآمنة أو خطف الشباب على أساس طائفي ومطالبة أهاليهم بمبالغ مالية خيالية، مؤكدا أن تلك الحالات تؤدي إلى انهيار الوضع الأمني في بغداد.

إلى ذلك عزا الناشط المدني، محمد محيسن، ارتفاع مستوى الجريمة في بغداد إلى ضعف الدولة وأجهزتها الأمنية وتركيزها فقط على الصراع بين الأحزاب الحاكمة ومحاربة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وكذلك الأزمة الاقتصادية التي تعد سببًا حقيقيًا يولد مزيداً من العصابات المنظمة، ما يدفع بعض ضعفاء النفوس نحو السرقة، وهذا ما يشير إلى الارتفاع الملحوظ بمستوى الجريمة في بغداد.

وأبرز أن تكرار هذه الحوادث يؤدي إلى هجرة التجار والشخصيات الاجتماعية والأغنياء ويضعف الحالة الاقتصادية، محذرًا أصحاب المحال التجارية والصيارفة وكل من يحمل مبالغ نقدية بأخذ الحيطة وداعيا إلى الحذر وعدم حمل مبالغ كبيرة أثناء تنقلهم.

من جهته، قال ضابط في الشرطة العراقية، علي عبد الوهاب، إن ما يحدث في بغداد أمر متوقع مع تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية والانفلات الأمني وانتشار السلاح بشكل منفلت واستفحال عمليات السلب والنهب والسرقة الخطف، خصوصاً مع تزايد المخاوف من عدم قدرة وتمكن الحكومة من دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين، محذرًا من زعزعة ثقة المواطن بالأجهزة الأمنية، خصوصًا مع تزايد الاتهامات من قبل المواطنين لشخصيات سياسية بالوقوف وراء العصابات، ما أدى إلى فوضى اقتصادية وقلق سكان العاصمة.

وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن هناك من يحاولون إثارة الفوضى الاقتصادية من خلال تفعيل دور العصابات المسلحة التي تسطو على محال الصيارفة ومنازل الأثرياء في بعض المناطق الآمنة وهذه ظاهرة مقلقة جدا، لافتا إلى أن أكثر حالات السرقة تتم في وضح النهار بمساعدة مخبرين من قبل أبناء المنطقة، لأن باستطاعتهم مراقبة المنازل الخالية ومعرفة أوقات عدم تواجد أصحاب المنزل، موضحًا أن أجهزة الأمن لا يمكنها الوقوف بوجه العصابات مع تزايد نفوذها وإمكاناتها وتراجع الدور الحكومي.

فيما عزا الناشط البغدادي، محمد عبيد، اتساع أعمال السرقة والخطف والسطو المسلح إلى غياب الدولة وهيبة القضاء وانتشار المليشيات، مبينا في حديث لـ"العربي الجديد" أنه "يوميا نسمع عن حادثة سرقة أو خطف أو سطو مسلح في وضح النهار، والأمر تعدى إلى خمس أو ست حالات باليوم وهذا أمر مخيف"، واصفا بغداد بأنها "أصبحت عاصمة للسرقة والخطف".

يذكر أن عمليات السطو المسلح وسرقة أموال المواطنين تزايدت في الآونة الأخيرة داخل بغداد، مستهدفة مختلف فئات وطبقات المجتمع، مما أدى إلى زعزعة الوضع الأمني وهجر السكان ونقل تجارتهم خارج العاصمة أو إلى خارج العراق.

وتقدر الشرطة العراقية وجود ما بين 8 إلى 10 حالات خطف وسرقة وسطو مسلح كمعدل يومي تقع في بغداد وحدها. ووفقاً لتقرير من مصادر أمن عراقية تواصلت معها "العربي الجديد" فإن تلك النسبة ترتفع في أيام الدوام الرسمي وتنخفض أيام العطل.

وبحسب المصادر ذاتها، فإن هذه العمليات ترتكب بالعادة من قبل مليشيات مسلحة تحمل هويات وبطاقات مرور مختلفة تسهل لها جرائمها.