وطني حبيبي.. وطني يا قلعة للحرية

وطني حبيبي.. وطني يا قلعة للحرية

01 نوفمبر 2015
غياب المشروع الواحد لدى الثائرين (فرانس برس)
+ الخط -
أنت الباني مع البانين
وأنت الهادم للعبودية

من بين الحروب الأهلية المندلعة في العالم يحظى العالم العربي بأكثر من نصف العدد الإجمالي. فمن أصل 15 حرباً تدور اليوم هناك ثماني حروب في المنطقة العربية. تتوزع الحروب الباقية على أفريقيا وآسيا، بالإضافة إلى واحدة في أوروبا.

بعضها يجري بواسطة مجموعات صغيرة من المقاتلين ولا تترك بصمات كبرى على الأداء العام للدولة والنسيج الاجتماعي. لكنّ كلّ الحروب ضارية وأشد عنفاً. وهو عنف ليس من الحروب النظامية التي تنشب بين الدول، بل من الحروب الأهلية، أي عندما يُخرج المجتمع من أحشائه كلّ منوعات العنف ويقذفها على خشبة المسرح. ويتم ذلك الآن بحضور الاعلام المرئي.

ليبيا نموذج عربي عن غياب المشروع الواحد لدى الثائرين على الحكم السابق، وتنازع القوى على صياغة مستقبل البلاد. فقد تم التخلص من حكم الرئيس معمر القذافي بكل غرائبيته. لكن بدلاً من إعادة بناء دولة ضمن الرؤيا الحديثة التي تعتمد الديموقراطية الفعلية بما تتضمنه من تمثيل حقيقي للناس في المدن والأرياف، انفجرت البلاد. لا داعي للحديث عن توزع القوى، وما هو شرعي أو غير شرعي من سلطات فعلية أو مُدّعاة. النتيجة حروب متداخلة، من ضمنها ما هو سياسي وما هو قبلي ومناطقي وحتى ديني وغيره. والحصيلة أنّ اقتصاد النفط الذي تعتاش عليه البلاد أصبح دوماً طُعماً للنيران التي تحرقه وتحرق معه الأخضر واليابس. والمشكلة أن لا أحد يتوقف ليتحدث عن نحو مليوني ليبي مشردين عن بيوتهم وديارهم. معظم هؤلاء موجودون في تونس ومئات الآلاف غيرهم قصدوا مصر ودولاً أخرى.

والليبيون وإن كانوا في دولة نفطية ليسوا من الأثرياء جميعاً، فمن بينهم موظفون يعتمدون على رواتبهم فقط، مثلهم مثل غيرهم ممن لم يكونوا في الحلقات القريبة من الحكم والمستفيدين من الأموال العامة من دون حسيب أو رقيب. هؤلاء بعد فترة تطول أو تقصر ستنضب مدخراتهم وهم الذين باتوا لاجئين في ديار الاغتراب. هذا ولم نتحدث بعد عن أولئك المزروعين في الصحاري يفتقدون التواصل مع العالم الخارجي وتأمين حاجاتهم عبر التجارة وشبكات التسويق.
بالتأكيد، فإنّ مستقبل ليبيا هم أهلها، وليسوا الوافدين اليها من أجل الحصول على العمل، والذين غادروا في معظمهم عائدين الى بلادهم. والمستقبل ما زال مجهولاً بالرغم من محاولات التسوية التي تبدو متعثرة اليوم.. السؤال أوسع من مساحات ليبيا، ومضمونه الى أين بعد كل هذه الفجائع؟

*أستاذ في كلية التربية – الجامعة اللبنانية

إقرأ أيضاً: وطني حبيبي

المساهمون