نهاد عوض لـ"العربي الجديد": ضرر الخطاب العنصري قد وقع

نهاد عوض لـ"العربي الجديد": ضرر الخطاب العنصري قد وقع

03 سبتمبر 2016
لجذور الإشكالية عند نهاد عوض أبعاد متعددة (تويتر)
+ الخط -

صور لوجوه أطفال وشباب من مخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين في عمّان تغطي جدار مكتبه في واشنطن. إنه نهاد عوض، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) منذ 1994. هاجر إلى أميركا منذ 32 سنة، وقد درس قبلا في الجامعات الإيطالية لـ4 أعوام.

ونشط عوض منذ البداية في جامعته مينيسوتا، حيث درس الهندسة المدنية. يرى الرجل بأنه "من الضروري للمسلمين والعرب فهم المجتمعات باعتبارهم جزءاً أساسيا منها". وهو يؤمن بفكرة الدبلوماسية الشعبية، وإقامة العلاقات المباشرة بالمجتمعات ومكوناتها "ليكون للمسلمين والعرب حضورهم وتأثيرهم، بعيداً عن الصورة النمطية المقدمة عنهم". 

دفاع مؤسسته الأخير عن رجل أعمال إماراتي، يراه "ضمن واجبنا الحقوقي في تقديم الخدمات لكل من يحتاج دعماً. ولأن مكانة "كير" معروفة فقد قُدم ذلك الاعتذار أمام وسائل الإعلام".

ويرى عوض أن تصنيف "كير" على لوائح الإرهاب من قبل الإمارات "خطأ لا يليق بنا ولا بدولة الإمارات، ونحن نأمل أن يحل بطريقة عاجلة، ووزير الخارجية على تواصل معنا، وأرسل خطاباً شخصياً لأنه يعتقد أن ظلماً وقع على كير كمؤسسة أميركية محترمة".

صورة العرب والمسلمين لم يبدأ تشويهها منذ 11 سبتمبر/أيلول 2001، وفقاً للمدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير)، نهاد عوض، بل إن التاريخ الأميركي "خلال 90 سنة ماضية رسم صورة المسلمين والعرب في قالب نمطي تشويهي، إذ قامت شركات هوليوود، والثقافة العامة الأميركية، بتقديمه على أنه جاهل ومتخلف ولا يحترم المرأة والآخر.




وكانت تلك الصورة تدرّس في المناهج لترسيخها في الثقافة العامة بتحريك من شخصيات نافذة خدمة لوجهة نظر إسرائيل حول العرب، والفلسطينيين تحديدا، على أنهم عدو للحضارة الغربية وبالتالي للمجتمع والثقافة الأميركية".

ويرى عوض، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "جذور ذلك تكمن في الفكر الغربي الاستعماري، وأفضل من تحدث عن ذلك في وقته هو إدوارد سعيد في كتابه (الاستشراق)". وأضاف أن ما أنتجته السينما "تجاوز الـ800 فيلم تتعرض للعرب والمسلمين بالتشويه، وهذا ساهم في خلق ثقافة وتصور معين عن العربي في ذهن الأميركي".

وعلى تلك الخلفية انطلق مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) في عام 1994. وعن مواجهة تلك التشويهات يتحدث عوض عن أن مؤسسة كير: "جابهت ذلك بدون عداء وهيستيريا، فقد واجهناها بالمنطق والقانون والحوار والظهور على القنوات الأميركية ودفع المواطنين المسلمين إلى الانخراط في المجتمع الأميركي".

صحيح أن أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 ساهمت في فتح الباب على مصراعيه للسؤال حول: لماذا ضربنا في عقر دارنا؟ كانت جاهزية المسلمين للتعاطي مع ذلك الحدث الضخم أكبر من حجمها نفسها، ولم يمتلك المسلمون لا قناة إعلامية ولا مناصب سياسية، بل إن تلك الأقلية أصبحت ضحية بنفسها، فخصوم العرب والمسلمين سعوا إلى تحميل الفعلة للمسلمين كما فعل المنفذون، إذن أصبحوا ضحية من ممارسة الطرفين. الإسلاموفوبيا تضخمت حينها ولم يستطع المسلمون، لا في الولايات المتحدة ولا خارجها، تنقية الصورة بسبب غياب الوسائل والأساليب المنافسة".

وحول تفاعل مؤسسة "كير" مع المجتمع الأميركي، يضيف عوض: "بالنسبة لنا نهتم منذ التأسيس بمساعدة المسلمين الأميركيين في مواجهة التحديات والتمييز، وفي نفس الوقت مساعدة المجتمع على فهم الإسلام والمسلمين بصورته الحقيقية".

تاريخياً، لجذور الإشكالية عند نهاد عوض أبعاد متعددة، فهو يقرأ العلاقة العربية الأميركية على أنها "لم تشتبك تاريخياً مع العرب والمسلمين، سوى في محطة تقسيم فلسطين في 1947 ومواقفها بعد 1948. وكانت أميركا ترحب بمئات الآلاف من العرب والمسلمين المهاجرين وتمكّنهم من حالة الاستقرار والانتعاش والمساهمة في البناء. حروب الخليج الأولى والثانية وأفغانستان والربيع العربي وضعت فيها الولايات المتحدة نفسها في تحدٍّ مع الكثيرين في العالمين العربي والإسلامي. وذلك انعكس على صورة الولايات المتحدة، وبالتالي على العرب والمسلمين. اليوم نراها بشكل أوضح في الخطاب المعادي للإسلام والمسلمين، فتاريخيا شنت الحروب من قبل الحزب الجمهوري. ومواقف دونالد ترامب اليوم هي تعبير عن ذلك التاريخ".

وبالنسبة إلى تصاعد الخطاب العنصري خلال الفترة الأخيرة، يرى عوض أنها تشمل "حتى العرب المسيحيين، والذين عبر إدوارد سعيد عنهم ذات يوم، حين قال إنه مسيحي وثقافته إسلامية". ويضيف أن "الضرر الذي سببه الخطاب العنصري قد وقع وأحدث أثراً عميقاً في المجتمع". 

نقل ترامب الخطاب المعادي للأقليات والمسلمين من هامش الإعلام والسياسة إلى تيار عام سياسي واجتماعي وإعلامي، أي أنه استطاع تطبيع ذلك الخطاب. فالإسلاموفوبيا والتحريض واستهداف الأقليات أصبحت سياسة معمولاً بها. لقد سبق بن كارسون، وتيد كروز الذي اقترح أن تجري مراقبة (الأحياء الإسلامية) رغم أنه لا يوجد مثل تلك الأحياء في أميركا. وكبار منظري الحزب الجمهوري، كنيوت غينغريتش، ساهموا جميعا في تطبيع استهداف المسلمين، إذاً هؤلاء أوقعوا الضرر في خطاب إقصاء المسلمين، وهذا أحدث شرخاً في نسيج المجتمع الأميركي".

ويتوقع عوض أن "مسلمي الولايات المتحدة، في حال نجح ترامب، سيكونون في طليعة المناضلين في سبيل الحقوق المدنية وضد التمييز وتمزيق المجتمع الأميركي".

المقاربة التي يقدمها نهاد عوض عن حياة العرب والمسلمين في القارتين الأميركية والأوروبية تستند إلى نقاط عدة، لعل أهمها ما يراه في "التاريخ الاستعماري الدموي لأوروبا. واستغلال كبير لثروات تلك الشعوب المستعمرة". وبرأي عوض فإن ذلك "إلى جانب العامل الجغرافي، دفع بالملايين نحو الهجرة إلى القارة بعد نشوء أوضاع مأساوية عاشتها المجتمعات المستعمرة.

ونظرة سريعة إلى مسائل الحجاب والبوركيني مؤخرا تكشف الخلل الكبير في مسائل التوطين والاندماج. اليوم ترى العنصرية تنتشر بأشكال جديدة، وتساهم في دك الأسافين وإحداث فجوات وتمييز اجتماعي بشكل عميق، إلى جانب تمييز رسمي سياسي. وذلك يخلق الشعور بالظلم لدى فئة كبيرة من المواطنين".

وفي أميركا التي بنيت أساساً على فكرة الهجرة، فإن القوانين لا تسمح بشيوع وتطبيع التمييز. بل إن اليقظة عند رجال القانون والحركات الاجتماعية انتصاراً للحق مستمرة، ونحن جزء من ذلك الحراك". وبالرغم من ذلك لدى عوض قراءة تقول إنه "على العرب والمسلمين في أوروبا أن يروا الفرص التي هي أكبر من التحديات. وعليهم استغلالها وتصحيح مفاهيم مغلوطة عن المسلمين بأن يعيشوا دينهم بشكل صحيح، كسفراء يقع على كاهلهم العبء الأكبر، باعتبارهم الأقدر على فهم الواقع الذي يعيشون والمجتمعات التي يواجهون فيها التحديات".

ويعتبر عوض أن "مؤسسة كير، التي بدأت من لا شيء هي مثال على تلك الفرص والإمكانات التي يمكن الاستفادة منها عند المقيمن في عدم التذرع بالتحديات، فالفرص تبقى أكبر".