جدال بحريني حول قانون يحمي من العنف الأسري

جدال بحريني حول قانون يحمي من العنف الأسري

25 يونيو 2015
115 حالة عنف أسري في عام 2014 (فرانس برس)
+ الخط -

قبل تسعة أعوام وبالطريقة التقليدية تزوّجت. هي نجلاء (اسم مستعار) بحرينية في مطلع عقدها الرابع، أمّ لطفَلين عانت طويلاً من زوجها مدمن المخدرات. تروي لـ "العربي الجديد" بأسى أن "المشكلات بدأت خلال خطوبتنا. حينها اكتشفتُ إدمانه. وهو عندما يتعاطى تلك المواد المخدّرة، تنتابه حالة من الهلوسة الجنسية والتصرفات العدوانية والمشككة. ويشتمني ويأتي بتصرفات تخدش الحياء أمام الأطفال، كالتعري مثلاً. وفي مرات حاول إعطاءهم من تلك المادة التي يدمنها، عبر وضعها في الشاي".

تضيف أنها لاحظت أيضاً "سلوكيات غير طبيعية على أحد الصغيرَين. هو كان شاهد عيان على كل ما يحدث، وراح يقلّد والده. صار يأكل بشراهة وتزايدت حركته وراح يتعرى أمام الآخرين ويضربهم، ويقوم بحركات جنسية فيمرّر يده على جسمي أو أجسام أخريات".

لا يختصر ذلك معاناة المرأة الشابة، "فإلى ما عانيته معنوياً ونفسياً، تعرّضتُ لعنف جسدي. هو كان يضربني باستمرار، حتى أنه حاول قتلي في غير مرة". وتشير أيضاً إلى عنف جنسي وقعت ضحيته.

"العنف الأسري" غالباً ما يأخذنا مباشرة إلى عنف موجّه ضد المرأة، لا سيما في مجتمعاتنا الشرقية ذات الطابع الذكوري. بيد أن ثمّة حالات لرجال تعنّفهم شريكات حياتهم. نبيل (اسم مستعار) واحد من هؤلاء. هو يرفض طلاق زوجته، ويأمل في تسوية الأمور "خصوصاً بسبب الأولاد". يخبر: "لدينا طفلتان، ومنذ بداية زواجنا كانت تتمنّع عن الجلوس أو الخروج معي. كذلك كانت ترفض تشاركنا الفراش الزوجي، وأحياناً تمكث طيلة الأسبوع في منزل والدها، وقد تغيب شهوراً هناك". يضيف أنه "عندما كنت أعاتبها على إهمالها لي، كانت تضربني ضرباً مبرحاً". ويتابع وهو يشير إلى آثار الضرب الواضحة على جسده، أنه تعرّض أيضاً للعنف اللفظي.

لم يتردّد نبيل باللجوء إلى أحد المراكز التي تتعامل مع حالات العنف. هو من بين رجال قليلين تعنّفهم زوجاتهم، ويصرّحون بذلك. أما النساء فيلجأن أكثر إلى مراكز دعم ضحايا العنف الأسري، ويصطحبن معهن في أحيان كثيرة أولادهن، بحسب ما تشير فخرية السيد شبر وهي اختصاصية اجتماعية في مكتب الدعم الأسري والقانوني في الاتحاد النسائي البحريني.

وكان المكتب قد رصد ما بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان الماضيين، 43 حالة لضحايا تعنيف أسري لجأوا إلى دعم المكتب. وهذا رقم ليس بقليل في بلد يبلغ عدد سكانه مليون و400 ألف نسمة تقريباً. وأكثر هذه الحالات تعرّضت للعنف النفسي (19 حالة) وأقلها للعنف القانوني أو الاقتصادي (5 حالات)، فيما تراوحت البقية ما بين العنف اللفظي (13 حالة) والعنف الجسدي (6 حالات). إلى ذلك، كان المكتب قد سجّل 115 حالة عنف أسري في العام الماضي.

من جهة أخرى، كان تقرير صادر عن وزارة التنمية الاجتماعية قد كشف أن دار الأمان لرعاية ضحايا العنف والاتجار بالبشر التابعة للوزارة قد استقبلت 255 حالة من جنسيات مختلفة إلى جانب 56 مرافقاً، في عام 2013. ودار الأمان هي دار للإيواء المؤقت المجاني للمعنفات وأولادهن القصر ولعاملات المنازل اللواتي يتعرّضن للعنف أيضاً وكذلك للواتي تعرّضن للإتجار بالأشخاص. وثمّة دور ومراكز أخرى تنشط في البحرين في الإطار نفسه.

في هذا السياق، من المزمع أن يقرّ مجلس الشورى البحريني قانون حماية الأسرة من العنف، والذي تمت مناقشته في الشورى (معيّن من قبل الملك) سابقاً وقد رفع إلى مجلس النواب البحريني (منتخب). لكن الأخير تحفّظ على البند 18 منه لمخالفته الشريعة الإسلامية، إذ رأى النائب البرلماني الشيخ مجيد العصفور أنه يشكل تهديداً للأسرة.

وينصّ البند على الحبس وغرامة لا تزيد على 500 دينار بحريني أو بإحداهما لمن يرتكب الإيذاء الجسدي أو النفسي، ويعاقب بغرامة لا تقل عن مئة ولا تزيد عن 500 دينار كل من ارتكب فعلاً أدى إلى الإيذاء النفسي أو الاقتصادي. بالنسبة إلى العصفور، يمكن قياس العنف الجسدي، لكن لا يمكن قياس بقية حالات العنف من نفسي وجنسي مثلاً.

تجدر الإشارة إلى أن مسودة مشروع القانون طرحت في عام 2009 من قبل الاتحاد النسائي البحريني (منظمة أهلية)، تحت مسمى "مقترح بقانون الحماية من العنف الأسري". ويقول هنا المحامي حسن إسماعيل المساهم في المقترح، إن "المشروع المحال من النواب إلى الشورى لا يحقق الحماية من العنف الأسري، ولا ينصّ على أمر الحماية ولا يشتمل على تدابير الحماية التي تضمن حماية أفراد الأسرة من تكرار وقوع العنف عليهم ولا تضمن حمايتهم إذا تعرضوا للخطر من قبل أحد أفراد الأسرة. أما تعريف العنف الأسري الذي نصّ عليه هو تعريف ناقص".

يضيف إسماعيل لـ "العربي الجديد" أن "مجلس الشورى كان له الفضل الكبير في تعديل معظم مواد مشروع القانون بشكل إيجابي". ويقدّم مجموعة مقترحات على مشروع القانون، "ليكون بالشكل الأنسب". ويشير إلى أن "تعريف العنف الأسري في مشروع القانون لا ينصّ مثلاً على فعل التهديد كما جاء في الاتفاقيات الدولية، كذلك لا يعدّ الاغتصاب الزوجي عنفاً أسرياً".

اقرأ أيضاً: مكاتب الزواج هرباً من شبح العنوسة في البحرين