العراق: ميزانية تكميلية لمواجهة أزمة النفط وإعمار الموصل

العراق: ميزانية تكميلية لمواجهة أزمة النفط وإعمار الموصل

04 اغسطس 2017
إعادة إعمار الموصل تتطلب ميزانية كبيرة (فرانس برس)
+ الخط -
تسبب تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية وتكاليف الحرب على تنظيم "داعش" الإرهابي في استنزاف ميزانية العراق، التي تعتمد بشكل أساسي على إيرادات الخام، ما أثر سلباً على الاقتصاد العراقي، ودفع الحكومة إلى إعداد ميزانية تكميلية.

وقال مسؤولون وخبراء، في أحاديث مع "الأناضول"، إن هبوط النفط الخام في الأسواق العالمية منذ منتصف 2014، تزامن مع اجتياح تنظيم "داعش" لثلث مساحة العراق، وهو ما أدخل البلاد في دوامة حرب مستمرة حتى الآن؛ وأثقل كاهل الميزانية العامة ودفع الحكومة للسحب من الاحتياطي النقدي، والاقتراض الداخلي والخارجي.

وتحاول الحكومة العراقية إعادة النظر في ميزانيتها عبر تعديل بنودها بموازنة تكميلية لتغطية النفقات التي تتعاظم بفعل الحاجة الماسة لإعادة إعمار مشاريع خدمية رئيسية في الموصل ومناطق محيطة بها، فضلاً عن إغاثة ما يصل إلى مليون نازح.

وأقرت الحكومة الموازنة التكميلية في 22 يونيو/ حزيران الماضي، ومن ثم أرسلتها إلى البرلمان الذي ما يزال يناقش بنودها.

وقال مهدي العلاق، أمين عام مجلس الوزراء إن حجم الخسائر التي تعرضت لها المناطق المحررة في مدينة الموصل من سيطرة "داعش"، بلغ 50 مليار دولار (62.5 تريليون دينار عراقي).

وتحاول الحكومة العراقية إجراء تقييم لحجم الأضرار، التي لحقت بالمناطق التي تحررت من "داعش" بمدينة الموصل شمالي البلاد، في وقت يناقش فيه البرلمان موازنة تكميلية للعام الجاري.

وأعلنت الحكومة الكويتية عن بدء اتصالات واسعة بغية الاستعداد لاستضافة مؤتمر إعادة إعمار المناطق العراقية المحرّرة من سيطرة "داعش"، فيما أكدت مصادر في مكتب رئيس الوزراء، حيدر العبادي، لـ"العربي الجديد"، أن الآمال معقودة على المؤتمر لتحصيل ما لا يقل عن 20 مليار دولار من الدول المانحة التي ستشارك في المؤتمر المرجح انعقاده خلال الأشهر المقبلة، وهو مبلغ كفيل بإعادة الحد الأدنى من الخدمات للمدن المحررة كالماء والكهرباء وتأهيل المستشفيات وجزء من المدارس المدمرة.

وقال وزير الخارجية الكويتي، خالد الجار الله، للصحافيين، منذ أيام خلال مشاركته في حفل أقامته السفارة العراقية في الكويت بمناسبة استعادة العراق السيطرة على الموصل، إنّ بلاده "تعد لاستضافة مؤتمر المانحين لإعادة إعمار المناطق المحررة، من أيدي "داعش" في العراق"، مبيناً أنّه "لم يتم تحديد موعد لعقد المؤتمر، إلّا أنّه يرجح أن يكون في الربع الأول من العام المقبل".

وبحسب مهدي العلاق، الأمين العام لمجلس الوزراء، وهو يشغل أيضاً منصب رئيس اللجنة العليا لإعادة بناء المناطق المتضررة من العمليات العسكرية والإرهاب في الحكومة العراقية، فإن حجم الدمار في بعض مناطق الموصل القديمة كبير جداً.

وأشار العلاق، في حديثه مع "الأناضول"، إلى أن "بعض المناطق لم يلحقها دمار كبير ومن الممكن إعمارها وتأهيلها بسهولة"، لكن عوامل تحول دون ذلك أبرزها أزمة النفط وعجز موازنة البلاد.

وفى ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أقر مجلس النواب العراقي ميزانية البلاد بقيمة بلغت أكثر من 100 تريليون دينار (79 مليار دولار) وقيمة عجز إجمالية بلغت 21 مليار دولار (26.25 تريليون دينار).

 

من جانبه، حذر محمود داغر مدير عام العمليات المالية في البنك المركزي العراقي، من "وجود خطر كبير يهدد الاحتياطي النقدي الأجنبي".

وأوضح داغر، في حديثه مع "الأناضول"، أن "الخطر يتمثل باستمرار سحب الحكومة كميات من مبلغ الاحتياطي لدى البنك المركزي، وعدم تفعيل المشاريع التي تعود بواردات مالية كالمنافذ الحدودية".

ولم يذكر حجم الأموال التي سحبتها الحكومة من الاحتياطي المالي خلال الفترة الحالية، لكنه قال إن "الحل لهذا الخطر يتمثل بإصلاح واقع المنافذ الحدودية، وضبط سوق الصرف".

وكان الاحتياطي النقدي للعراق تجاوز 80 مليار دولار (100 ترليون دينار عراقي) قبل انخفاض أسعار النفط واندلاع الحرب على "داعش"، إلا أنه انخفض إلى 45 مليار دولار (56 تريليون و250 مليون دينار) بداية العام الحالي.

وبدأ العراق تسويق سندات بمليار دولار في أول إصدار دين دولي يبيعه منفرداً منذ عام 2006، ويسعى العراق، في ظل حيازته احتياطيات نفطية ضخمة، من وراء إصدار السندات، إلى اجتذاب مستثمري الأسواق الناشئة بأرباح مغرية وهو ما سيكون ضرورياً لتهدئة المخاوف بسبب سجل الحروب وصعود تنظيم "داعش".

وأصدر العراق سندات بمليار دولار في يناير/ كانون الثاني الماضي، لكن هذا الطرح ضمنته الحكومة الأميركية بالكامل.

وأظهرت وثيقة أصدرها أحد البنوك التي تدير العملية ونقلتها وكالة "رويترز" أن التسعير الاسترشادي المبدئي للسندات، والتي يبلغ أجل استحقاقها خمسة أعوام ونصف العام، يقع عند 7%.

ومن المتوقع، وفقاً لـ"رويترز"، أن تجتذب الصفقة طلباً كبيراً من المستثمرين الأميركيين والأوروبيين الذين يتطلعون إلى أسواق ناشئة تدر عائدات لا يستطيعون الحصول عليها في أنحاء أخرى.

موازنة خجولة

قال محمد الحلبوسي، رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، إن "مجلس النواب يناقش الموازنة التكميلية لموازنة العام الحالي، لأن الحكومة الاتحادية غيرت فيها سعر برميل النفط من 43 دولاراً إلى 44.4 دولاراً".

وأضاف الحلبوسي، في حديثه مع "الأناضول"، أن "هناك زيادة في الموازنة من 100 تريليون دينار (80 مليار دولار) الى 107 تريليونات دينار عراقي (87 مليار دولار)، إضافة إلى زيادة في الإيرادات من 79 تريليوناً إلى 83 تريليون دينار".

ولفت إلى "حاجة الحكومة لمزيد من الأموال لإعادة إعمار المشاريع الأساسية بالمناطق المحررة"، مبيناً أن "تعديل الموازنة هو أحد شروط صندوق النقد الدولي الذي يدعم الاقتصاد العراقي".

وسيقدم صندوق النقد الدولي إلى جانب دول وجهات مانحة أخرى، مبلغاً يصل إلى نحو 18.1 مليار دولار (24 مليار دينار) إلى العراق، لمساعدته في مواجهة الصدمة المزدوجة المترتبة على هجمات تنظيم (داعش) والهبوط الحاد لأسعار النفط العالمية.

والعراق ثاني أكبر مصدر للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" التي اتفقت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على خفض إنتاجها الإجمالي بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً، ابتداءً من يناير الماضي، لاستعادة التوازن بين العرض والطلب، ومن ثم تحسين أسعار النفط. وعادت المنظمة قبل أسابيع ومددت الاتفاق لتسعة أشهر.

ووافق العراق على خفض إنتاجه بمعدل 210 آلاف برميل يومياً، إلى 4.35 ملايين برميل يومياً. ويقول مسؤولو وزارة النفط العراقية إن بغداد التزمت بالاتفاق بالكامل.

وبلغت صادرات العراق النفطية 3.230 ملايين برميل يومياً في شهر تموز/يوليو المنصرم، انخفاضاً من 3.273 ملايين برميل في شهر حزيران/يونيو.

ويعتمد العراق على إيرادات بيع النفط لتمويل نحو 95 في المئة من نفقات الدولة.


(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون