العقارات السورية... ارتفاع بالأسعار وتلزيمات لحلفاء النظام

العقارات السورية... ارتفاع بالأسعار وتلزيمات لحلفاء النظام

23 فبراير 2019
تراجع السيولة يضعف الطلب على العقارات(لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -
يشهد سعر صرف الليرة السورية تدهوراً متواصلاً، ليقفل الباب في وجه الكثير من السوريين الذين يأملون في شراء مساكن أو تشييدها. إذ تبتعد أسعار العقارات تدريجياً عن قدرتهم الشرائية، لتصبح بمثابة حلم بالنسبة إلى الكثيرين منهم.

ويشرح الاقتصادي حسين جميل، أن تراجع سعر الصرف إلى ما دون 580 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، وخسارتها نحو 20 في المائة من قيمتها خلال الشهرين الماضيين، انعكس على أسعار العقارات المرتفعة أصلاً. 

ويلفت إلى أن دخل غالبية السوريين الشهري لا يزيد عن 40 ألف ليرة، في حين ارتفعت تكاليف معيشة الأسرة إلى أكثر من 150 ألف ليرة شهرياً، وبالرغم من ذلك تراوح أسعار العقارات الصغيرة والمتوسطة في دمشق، بين 10 ملايين ليرة و15 مليوناً، وفق المنطقة ومساحة المسكن.

أما المساكن في أحياء دمشق العريقة أو مساكن الديماس وفي الأبراج الجديدة في منطقة الرازي وكفرسوسة، فتزيد عن 35 مليون ليرة سورية.

ويعزو الاقتصادي السوري هذا الصعود، إضافة إلى انهيار سعر صرف الليرة، إلى ارتفاع أسعار مستلزمات البناء المستوردة تأثراً بالسوق الدولية، وازدياد أسعار المواد المحلية، التي تنعكس عليها تداعيات الحرب والاحتكار وغيره، 20 ضعفاً.

ويضيف أن "السوق العقارية في سورية تمر في حالة من الركود، تعززها قلة السيولة بيد المواطنين، وارتفاع تكاليف البناء بالنسبة للشركات".

ويقول خبير اقتصادي في دمشق، فضل عدم ذكر اسمه، إنه ثمة معيقات من حكومة بشار الأسد، يرجّح أنها مقصودة ومبرمجة، تقف وراء جمود قطاع العقارات وتضخيم فاتورة الإعمار.

ويضيف: "فأن تخصص وزارة المال 50 مليار ليرة فقط، من موازنة عام 2019 البالغة 3882 ملياراً (نحو 9 مليارات دولار) لإعادة الإعمار، وهي تعلم أن هذا المبلغ غير كاف لإزالة الردم أو الأنقاض لمدينة واحدة، فهذا معناه تأجيل تنشيط هذا القطاع أو انتظار الشركات الخاصة أو شركاء النظام في الحرب ليتكفلوا بإعادة الإعمار".

ويلفت إلى أن سوق بيع العقارات والشقق السكنية جامدة لأسباب مختلفة، بينها فرض ضريبة نهاية العام الماضي على القيمة الرائجة للعقار، وتأخر لجنة إعادة الإعمار في صرف المستحقات للمقاولين لفترات طويلة، ليضاف إلى ذلك القانون رقم 10 الذي أقره بشار الأسد، في نيسان/أبريل 2018، والذي يتيح وضع يد الدولة على ملكيات المهجّرين وأنصار الثورة.

وتضمن القانون 10 لعام 2018 أن يثبت أصحاب العقارات المهاجرون، ملكيتهم خلال 30 يوماً، قبل أن يتم تعديله بالقانون 24، لتتمدد المهلة لمدة عام. وهو ما رآه مراقبون، طريقة لمصادرة أملاك السوريين.

ويقول مراقبون إن الكثير من الشركات ورجال الأعمال يريدون الدخول في قطاع العقارات في سورية، نظراً للعائد الكبير والربح السريع الذي سيجنونه في قطاع سيشهد طلباً كبيراً خلال السنوات المقبلة. وبدأت شركات إماراتية ولبنانية وإيرانية وروسية، بالحصول على تراخيص بناء وصفقات لمشاريع سكنية وعقارية، تمهيداً لمرحلة إعادة الإعمار.

ويشير المراقبون إلى العقود التي وقعتها وزارة الإسكان في حكومة الأسد، مع شركات إيرانية أخيراً، ضمن ما يسمى اللجنة العليا المشتركة السورية الإيرانية، ودخول رجال أعمال سوريين متنفذين، مثل رامي مخلوف وسامر فوز، في قطاع العقارات والمباشرة ببناء أبراج ومدن سكنية حديثة.

ويقول الاقتصادي السوري محمود حسين لـ "العربي الجديد": "ستدخل إيران وروسيا في القطاع العقاري ضمن مناطق ومدن محددة، وذلك من باب الاستثمار في مجالات الطاقة والمشاريع الاستراتيجية. في حين أن شركات عربية ورجال أعمال مقربين من النظام، استحوذوا على قطاع العقارات في مناطق متعددة في دمشق وحلب واللاذقية".

ويلفت حسين إلى أن تلك الشركات وما تسعى إليه من بناء أبراج سكنية، لن تحل أزمة غلاء العقارات ولن تؤمن مساكن شعبية تناسب دخل غالبية السوريين.

ويشير إلى ما سماه غطاء حكوميا لبعض رجال الأعمال بمنحهم أراضي وعقارات مهمة، سواء بالتشارك معهم، او عبر ما يسمى "تجمع سورية الأم"، الذي أطلق بالتعاون مع هيئة الاستثمار السورية والهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري، مشروع المدينة النموذجية المتكاملة "زيتون سيتي" التي تمتد على مساحة 15 كيلومتراً بين ريف دمشق وحمص.

كما تم إطلاق مشروع "ماروتا سيتي" في منطقة جنوب شرق المزة بالعاصمة السورية، من قبل "محافظة دمشق" وشركة "دمشق الشام القابضة"، التي يملكها رامي مخلوف.