هل لنا أن نتفاءل في 2020؟

هل لنا أن نتفاءل في 2020؟

23 ديسمبر 2019
احتجاجات لبنان أحدث ثورة في 2019 (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

كثيرون توقعوا أن يكون 2019، الذي قاربت أيامه على الأفول، هو عام دفن الثورات العربية التي اندلعت في عدة دول قبل 8 سنوات، وأن يشهد العام إعلان انتصار الثورات المضادة التي تمولها دول خليجية ثرية وتقودها نظم استبدادية، وإجهاض أحلام شعوب المنطقة في البحث عن الحرية والعدالة الاجتماعية والمطالبة بالحق في ثروات بلادهم.

لكن 2019 شكّل مفاجأة مدوية لهؤلاء، فقد شهد ولادة الموجة الثانية لثورات الربيع العربي واندلاع ثورات شعبية في العديد من الدول العربية التي لم يتوقع كثيرون أن تشهد حراكاً قريباً لأسباب عدة، منها قوة القبضة الأمنية فيها، وتحالف حكام هذه الدول مع أنظمة إقليمية تقدم لها الدعم المالي والمعنوي، وتخويف الشعوب من أن تلقى بلادهم مصير اليمن وسورية وليبيا والعراق في حال الخروج في ثورة للمطالبة بحقوقهم المشروعة.

رأينا ثورة عارمة في الجزائر اقتلعت عبد العزيز بوتفليقة من الحكم، وأجبرت النظام الحاكم على فتح ملفات الفساد على مصراعيه وإصدار أحكام مشددة بحق عصابة الرئيس المستقيل، من رؤساء وزراء سابقين ووزراء حاليين وسابقين ورجال أعمال وممولي حملات بوتفليقة الانتخابية.

رأينا ثورة شعبية في السودان اقتلعت نظام عمر البشير وبدأت في محاكمته بتهم عدة، منها انقلاب 1989 والفساد المالي وتلقّي أموال من الخارج من دون الكشف عنها.

رأينا كذلك ثورة شاركت فيها كل طوائف المجتمع في العراق ضد الفساد المالي وتهريب مليارات الدولارات إلى الخارج، خاصة لإيران، ونهب رموز النظام الحاكم ثروة ثاني أكبر دولة نفطية في المنطقة العربية.

وأخيرا رأينا ثورة في لبنان ضد النخب الفاسدة التي تمتلئ حساباتها المصرفية في الخارج بمليارات الدولارات، في الوقت الذي تعاني فيه الغالبية العظمى من اللبنانيين من قفزات في الأسعار وفساد مالي ونهب للمال العام وبطالة وزيادات مستمرة في الرسوم والضرائب.

كما شهدت مصر انتفاضة 20 سبتمبر التي نبهت كثيرين إلى أن حراك الشارع لم ينطفئ، كما تروج وسائل الإعلام، وأن المصريين لم يستسلموا للأمر الواقع المرير، حيث إغلاق الأفق السياسي ومصادرة الحريات العامة واعتقال آلاف السجناء وسياسات تفقير اقتصادية أدت إلى حدوث قفزات في أسعار السلع والخدمات وخفض متواصل في الدعم الحكومي وإبرام اتفاقيات لاستيراد غاز من دولة الاحتلال، في الوقت الذي تكتفي البلاد ذاتيا بل وتصدّر الفائض إلى الخارج.

لكن ينتظر هؤلاء الفرصة المناسبة للتعبير عن تطلعاتهم والمطالبة مجدداً ببلد يتسع للجميع ومن دون إقصاء لأحد، من دون ممارسة العنصرية في أبشع صورها، بلد يتمتع بحكومة مدنية منتخبة تعبر عن كل شرائح المجتمع.

وفي عام 2019، تم انتخاب قيس سعيد رئيسا لتونس، ليزيح النخب الفاسدة، وليؤكد قيادة بلاده للحراك العربي. واستعاد الأردن الباقورة والغمر بعد احتلال إسرائيلي دام سنوات طويلة.

2020 على الأبواب، ومن حقنا أن نتفاءل بهذا العام الذي قد يشهد مفاجآت سارة للباحثين عن العدل والحرية ودولة القانون وتوزيع عادل للثروات، للباحثين كذلك عن حكومات "تطبطب" على الفقراء والمطلقات والأرامل وتشعرهم بآدميتهم وأنهم ليسوا عالة على مجتمعاتهم، عام تقاوم فيه الشعوب العربية التطبيع الاقتصادي المفروض عليها من قبل الأنظمة الحاكمة لصالح دولة الاحتلال.

المساهمون