العقوبات تلاحق إيران...التومان يهوي أمام الدولار ومستقبل غامض للصفقات

العقوبات تلاحق إيران...التومان يهوي أمام الدولار ومستقبل غامض للصفقات

09 مايو 2018
ارتباك في أسواق الصرف وارتفاع بأسعار السلع (الأناضول)
+ الخط -

أجواء قلقة سادت إيران وسوقها، عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قرار الانسحاب من الاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات على طهران، بينما حاولت الحكومة الإيرانية بث رسائل من شأنها طمأنة الإيرانيين والمتعاملين في القطاعات الاقتصادية، وقللت من تداعيات القرار الأميركي.

رسمياً، رأى نائب رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي مطهري، أن انسحاب ترامب لن يؤثر على الظروف المعيشية للإيرانيين، فأميركا لم تكن أساسا ملتزمة بالاتفاق، وعقوباتها كانت معلقة نظرياً لكن طهران لم تحصد المكتسبات عمليا.

إلا أن النائبة في اللجنة الاقتصادية البرلمانية معصومة أقا بور، قالت لـ" العربي الجديد"، إن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، سيؤثر على الوضع السياسي والاقتصادي في المنطقة ككل، لكنها أيدت وجهة النظر الحكومية التي تعتبر أن طرفا واحدا وحسب هو الذي خرج من الاتفاق، وهو ما يعني عدم انهياره حتى الآن، داعية للتريث لمعرفة إلى أين ستصل مساعي فريق الخارجية الإيرانية الذي سيحاور الغرب.

ورأت اقا بور، أن الأوروبيين هم الأطراف المؤثرة في الحقيقة على الاقتصاد الإيراني، لا الولايات المتحدة وحدها، فإن انسحب هؤلاء فتلك الحالة ستترك تأثيرا بالغ السلبية، مطالبة الحكومة بتعزيز التعاون مع الشركاء والتركيز على مقومات الاقتصاد المحلي، وتشجيع الاستثمار الداخلي، وفتح الفرصة أمام القطاع الخاص.

وبعيدا عن المنابر الرسمية، قد تبدو الأمور أكثر اضطراباً، وتحديدا في سوق الصرافة، حيث رفض معظم الصرافين تبادل الدولار بعد قرار ترامب، فأسعاره لم تعد واضحة، وتراوحت قيمته في السوق السوداء، اليوم الأربعاء، بين 6200 و7500 تومانا للدولار الواحد، بل إن بعضهم كان يطلب 8 آلاف تومان لبيع الدولار، وهو ما أوقف تعاملات السماسرة في ساعات من النهار، لكن البنك المركزي وضع القيمة المثبتة ذاتها، والتي حددها قبل فترة وجيزة وتبلغ 4200 تومانا أو 42 ألف ريال.

لوحظ كذلك انتشار دوريات الشرطة في منطقة فردوسي ومنوتشهري الواقعة وسط العاصمة وتعد مركزا للصرافة، وهو ما زاد من حالة التوتر والترقب بالنسبة للكثيرين، فالجهاز القضائي كان قد أصدر مؤخراً قراراً يقضي باعتقال ومحاسبة أي متلاعبين بالأسعار وهو ما يزيد من تذبذب مؤشرات السوق.

كما أصدر البنك المركزي بيانا رسميا علق فيه على انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، وأكد أن المعنيين فيه اتخذوا كافة الإجراءات اللازمة للتعامل مع الخيار الأميركي، مشيرًا إلى أن مصادر العملة الصعبة التي تحتاجها البلاد مازالت مضبوطة، وأن النظام المصرفي الذي يشرف عليه البنك المركزي مازال قادراً على تأمين كافة احتياجات البلاد من العملة الصعبة.

وتعاني العملة الإيرانية من تدهور منذ عدة أشهر، الأمر الذي انعكس سلبا على أسعار البضائع، التي بدأت بالارتفاع، وعلى نشاط السوق التي تخلو من البضائع الجديدة ومن حركة كثيفة للمتسوقين.

وبحسب موقع اقتصاد اونلاين الإيراني، فإن مجموعة المعادن التي اختبرت الأسبوع الماضي أوقاتا ومؤشرات جيدة، عانت اليوم من انخفاض أسهمها بسبب عدم وجود مبيعات.

في المقابل ارتفعت مؤشرات البورصة في التعاملات الصباحية، بمعدل 171 نقطة، ووصلت إلى مستوى 93171، وبحسب وكالة مهر الإيرانية التي نقلت عن المحلل التقني لشؤون الأسهم والبورصة الإيرانية نويد أختري زاده، فإن الأمر يعود للوضع الجيد نسبيا للسوق الاستثمارية المحلية.

لكن أختري زاده، توقع حصول تخبط في مؤشرات البورصة، خلال الفترة المقبلة التي ستتزامن مع انتظار نتائج المحادثات مع الغرب.

وعلى صعيد النفط، يحاول كثر في إيران التقليل من تداعيات القرار الأميركي. وقال المدير العام للمحطات النفطية بيروز موسوي، إن العالم بحاجة للنفط الإيراني، وإن بلاده مازالت مؤثرة في كل التعاملات النفطية.

وأضاف موسوي: "قد يقل معدل الصادرات في الفترة المقبلة، لكن لن يشهد أحد على خروج إيران من الأسواق العالمية للنفط".

ومع ذلك، ما زالت الصورة غير واضحة ولا يمكن التنبؤ بالتبعات الدقيقة التي سيتركها القرار على السوق النفطية العالمية. فالمدير العام لشركة النفط والغاز في حقل بارس الجنوبي محمد مشكين، قال إن خروج أميركا من الاتفاق قد يعني انسحاب شركة توتال الفرنسية من حقل بارس الجنوبي للغاز في الحيز رقم 11، لكنه أكد أن طهران وضعت عدة خيارات للتعامل مع هذه الحالة.

وقال المحلل الاقتصادي والمستشار الرئاسي الأسبق سعيد ليلاز: "على الكل أن يتريثوا قليلا لمعرفة حجم التبعات، وهذا سيرتبط بقرار إيران وبنتائج الحوار المرتقب مع أطراف الاتحاد الأوروبي".

لكن ليلاز توقع خروج الشركات الأوروبية تدريجيا من إيران كونها ستتخوف من رد فعل أميركا ولارتباطها ماليا بها، مشيرا إلى أنه حتى لو كانت العقود والصفقات الموقعة مع إيران، لشركات خاصة أو لرجال أعمال، فإنها لن تستمر دون حماية ودعم حكومات دولهم.

ورجح أن يترك قرار ترامب تبعات على سوق واقتصاد إيران، لكن على المدى البعيد، خاصة أن أميركا لم تطبق الاتفاق بالأساس بالشكل الأمثل، وحاولت منع إيران من الحصول على الامتيازات من خلال ترهيب الشركاء، وهو ما أثر نفسيا على اقتصادها، مضيفا أن إيران اختبرت كل هذا في المرحلة الماضية، ما يجعل من حصول تبعات سلبية في المستقبل القريب غير متوقع.