نزيف النقد الأجنبي... تجميع السيارات بالجزائر يرهق الخزينة

نزيف النقد الأجنبي... تجميع السيارات بالجزائر يرهق الخزينة

13 أكتوبر 2018
مصانع تجميع السيارات تزيد الأزمة المالية(فاروق بيطاش/ فرانس برس)
+ الخط -
تحول مشروع مصانع تجميع السيارات الذي أطلقته الجزائر  منذ سنة 2015 لكبح فاتورة واردات السيارات، إلى كابوس بات يؤرق الحكومة، فهذه المصانع، فضلاً عن كونها لم تنجح في تحقيق نسبة إدماج مرتفعة كما كان مستهدفا، أصبحت تستورد هياكل السيارات بوتيرة سريعة وبكميات مرتفعة كلفت خزينة  الحكومة مليارات الدولارات.

وحسب الأرقام التي حصلت عليها "العربي الجديد" من الجمارك الجزائرية، فقد زادت فاتورة  واردات مجموعة أجزاء السيارات الموجهة لصناعة تركيب المركبات السياحية إلى 1.83 مليار دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2018، مقابل 936.86 مليون دولار سجلت في نفس الفترة من العام الماضي، أي بارتفاع قدره 897 مليون دولار، أي بنسبة زيادة 95.75 %.

كذلك ارتفعت فاتورة واردات سيارات نقل الأشخاص والسلع ومجموعة أجزاء السيارات الموجهة للتركيب بهذه الفئة من المركبات إلى 386.2 مليون دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الجارية، مقابل 323 مليون دولار خلال نفس فترة 2017، أي بارتفاع بلغ 62 مليون دولار، أي بارتفاع بلغ 19.33%.

وبالتالي فإن الفاتورة الإجمالية لاستيراد مجموعة أجزاء السيارات الموجهة لتركيب هذين الصنفين من السيارات وكذلك استيراد سيارات نقل الأشخاص والسلع (منتوجات كاملة الصنع) بلغت 2.22 مليار دولار ما بين يناير/ كانون الثاني وأغسطس/ آب 2018 مقابل 1.26 مليار دولار خلال نفس الفترة من السنة الماضية، أي بارتفاع بلغ 960 مليون دولار، بنسبة زيادة 76 %.

وحسب الخبير الاقتصادي جمال نور الدين فإن "هذا الارتفاع في واردات الهياكل يرجع إلى ارتفاع عدد المصانع المرخصة مقارنة بالسنة الماضية، إذ دخلت علامات جديدة مثل "كيا" الكورية الجنوبية و"سوزوكي" اليابانية و"فولكس فاغن" الألمانية، يضاف إلى ذلك ارتفاع أصناف السيارات المجمعة داخل المصانع، فمثلا مصنع "رينو" الفرنسي كان يجمع نوعاً واحداً وهو "سامبول" السنة الماضية وحالياً يجمع 3 أصناف، منها رباعية الدفع".

وأضاف لـ"العربي الجديد" أن "الإشكال يبقى من الجانب الاقتصادي للعملية، فمصانع تجميع السيارات كان الهدف من وراء إطلاقها كبح واردات السيارات التي تعدت فاتورتها سنة 2014 عتبة 4 مليارات دولار، والهدف الثاني هو نقل التكنولوجيا إلى الجزائر، من خلال إطلاق شركات مناولة صغيرة تعتمد عليها المصانع، إلا أن فاتورة الواردات تكشف أن الهدفين لم يتحققا بعد، فالمصانع باتت تستورد سيارات مفككة ولا تنتج أي شيء في الجزائر".

ويتوقع نفس المتحدث أن "تتعدى فاتورة واردات هياكل السيارات عتبة 3.5 مليارات دولار عند نهاية السنة".

وكانت مصانع تجميع السيارات في قلب العديد من الفضائح التي شغلت الشارع الجزائري، كانت أولاها تسريب صور من ميناء الجزائر لسيارات شبه مركبة لا تنقصها إلا العجلات، كانت موجهة لأحد مصانع التجميع المعتمدة في البلاد.

أما الفضيحة الأخرى فكانت متعلقة بالأسعار، إذ كشفت الحكومة الجزائرية في شهر مارس/ أذار الماضي، أسعار السيارات المجمعة في البلاد المُعلن عنها من طرف العلامات المعتمدة، والتي تعد بعيدة عن الأسعار التي تعرض على الجزائريين، إذ بلغ الفارق بين السعرين بين 500 ألف دينار جزائري (4.9 آلاف دولار) ويصل في بعض الأحيان إلى أكثر من مليون دينار (10 آلاف دولار).

يذكر أن عدد مصانع تجميع السيارات المعتمدة في الجزائر يبلغ خمسة، وهي تابعة لعلامات "رينو" الفرنسية و"كيا" و"هيونداي" الكوريتين الجنوبيتين، بالإضافة إلى "فولكس فاغن" الألمانية و"سوزوكي" اليابانية، في وقت حجزت الحكومة رخصتين، واحدة لـ"بيجو" الفرنسية والأخرى لـ"نيسان" اليابانية.

خبير سوق السيارات، أمين زهاني، قال لـ"العربي الجديد"، إن "مصنع تجميع سيارات "رينو" الذي يُعدّ أول مصنع يطلق في البلاد سنة 2015، تبلغ نسبة الإدماج المحلي في إنتاجه 6% باعتراف الحكومة، في حين أن مصنع "رينو" في طنجة المغربية تفوق نسبة الإدماج فيه 45%".

وبالتالي، يقول الخبير: "هذه المصانع لا تضيف أي قيمة للاقتصاد الوطني، على الرغم من استفادتها من إعفاءات ضريبية وجمركية كلفت خزينة الدولة قرابة 4 مليارات دولار، بحسب تقرير المجلس الوطني للاستثمارات".

ويفرض دفتر الشروط المنظم لعملية تجميع السيارات على المتعاملين إدماجاً محلياً نسبته 15% في السنوات الثلاث الأولى من النشاط، لترتفع إلى 40% في السنة الرابعة، ثم إلى 60% بعد السنة الخامسة.

المساهمون