تقرير: مصر وصندوق النقد الدولي فشلا بتحقيق أهداف القرض

تقرير: مصر وصندوق النقد الدولي فشلا بتحقيق أهداف القرض

07 مايو 2017
الحكومة لم تلتزم بشروط برنامج الإقراض(الأناضول)
+ الخط -

أكد تقرير صدر اليوم الأحد، أن الحكومة المصرية لم تلتزم بأيٍّ من شروط برنامج قرض صندوق النقد الدولي التي تُلزمها بالإفصاح والشفافية، كما أدى التعويم وتخفيض قيمة الجنيه إلى تآكل منافع رفع أسعار الوقود.

وأشار التقرير الذي صدر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بعنوان "عين على الدَّيْن" إلى أن الحكومة لم تلتزم بمعظم الإجراءات المطلوبة منها، خلال الفترة منذ توقيع اتفاقية القرض في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وحتى شهر إبريل/نيسان 2017، موعد أول زيارة لخبراء الصندوق، حيث "يلاحظ عدم القيام بأيٍّ من الخطوات التي تُلزم الحكومة بالإعلان عن بيانات تفصيلية عن وضع الاستقرار النقدي، وعن خطة إعادة هيكلة دعم الوقود وقطاع الطاقة ككل، وعن مخاطر الاقتراض الحكومي".

وكشف التقرير أن الصندوق يناقض نفسه، فهو يطالب بتحقيق الهدف وعكسه. وذكر مثالا على ذلك، بدعم الوقود حيث طالب الصندوق من ناحية برفع الدعم عن الوقود من أجل تخفيض الإنفاق العام وعجز الموازنة، ثم اشترط الصندوق شرطًا آخر هو تعويم الجنيه أمام الدولار.

وهو ما أدَّى وفقا للتقرير إلى ارتفاع فاتورة استيراد الوقود، ليتضاعف الدعم المخصص للوقود في الموازنة، والذي ارتفع من خمسين مليار إلى مئة مليار جنيه، بسبب التعويم، كما "تحمل المواطنون عبء رفع أسعار الوقود-بنسبة 30%-في شكل موجة تضخمية عنيفة بدون تحقيق هدف خفض الإنفاق الحكومي على دعم الوقود".

فشل مزدوج

وعن البند الخاص بـ "النمو" أوضح التقرير أنه "يلوح في الأفق فشل برنامج الصندوق في تحقيق النمو المستهدف، خلال الأشهر الست الأولى من تطبيق سياسات النمو المتفق عليها، ويرجع ذلك جزئيًا وفقا للتقرير إلى عدم تبني الحكومة بعض الإجراءات المتفق عليها. والأهم إلى فشل الصندوق في التنبؤ بمدى عمق الآثار السلبية للتعويم على النمو".

كان الصندوق يتوقع 4 % معدل نمو، وهو معدل نمو متفائل نظرًا إلى حالة الركود التي عادة ما تصاحب التعويم.

وفي ما يتعلق بـ"الخصخصة"، أوضح التقرير أن غياب الشفافية هو الملمح الأساسي في وثيقة الصندوق في هذا الشأن. وبالتالي لا نعلم ما إذا كانت هناك خطوات اتخذت في هذا الشأن حتى إبريل/نيسان 2017.

وتحت عنوان "السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف"، قال التقرير "فشلت السياسة النقدية حتى إبريل/نيسان 2017 في احتواء التضخم الناتج عن قرار تعويم الجنيه. بينما تضاءل حجم السوق السوداء، واستقر سعر الصرف، وإن كان عند مستوى أعلى من المستهدف.

ووصل سعر الدولار إلى 18.5 جنيها، في حين كان من المستهدف أن يستقر سعر الدولار عند 14.5 جنيها، وفقًا لبيانات الموازنة العامة للعام المالي الحالي 2017-2016.

وبُنيت السياسة النقدية في برنامج الصندوق حتى نهاية مارس/آذار برمتها على هدف احتواء الآثار السلبية لقرار التعويم، الذي اتخذ في نوفمبر/تشرين الثاني 2016".

وعن "التضخم"، بيّن التقرير "فشل الصندوق في التنبؤ السليم الخاص بارتفاع معدلات التضخم الناجمة عن التعويم، حيث كان التوقع أن يرتفع مؤشر الرقم القياسي إلى أسعار المستهلك بنسبة 18% في حين ارتفع التضخم إلى أعلى معدلاته في 30 عامًا، إذ بلغ 31.7% في فبراير/شباط 2017، ثم 32.2% خلال مارس/آذار 2017.

ويؤدي هذا الخطأ في التنبؤ إلى تعريض الملايين من المصريين للسقوط تحت خط الفقر، وحرمانهم من احتياجاتهم الأساسية وعلى رأسها المأكل".

وبشأن "سعر الفائدة"، أكد التقرير أن البرنامج نص على رفع سعر الفائدة بالتوازي مع قرار التعويم بأكثر من 300 نقطة أساس، وطرح الحكومة أذون خزانة بمتوسط سعر فائدة 17.5%، وذلك بهدف السيطرة على الدورة الأولى من الضغوط التضخمية، وأن الفكرة وراء هذا الإجراء هي سحب السيولة من السوق، إضافة إلى تثبيط الاستثمار والاستهلاك الخاص، بحيث يضعف الطلب المحلي، فينحسر التضخم. أي خلق حالة من الانكماش المؤقت. وهو ما يؤثر على النمو، ومن ثم التشغيل، وبلغ سعر الفائدة على أوراق الدين الحكومية في المتوسط منذ التعويم 18%".

واستنتج تقرير المبادرة أن "قرار رفع سعر الفائدة هو قرار منحاز إلى الطبقات الأعلى دخلاً، إذ يؤدي إلى زيادة ثرواتهم، في حين أن التضخم الناتج عن التعويم هو قرار مؤٍذ للطبقات الأدنى دخلًا، ويؤدي إلى إفقارها. كما أنه الدواء غير الفعال لعلاج التضخم، نظرًا إلى انخفاض عدد المتعاملين مع الجهاز المصرفي، والذين يقدرون بحوالي 10% من السكان. وأخيرًا، تؤدي حزمة الإجراءات النقدية إلى التباطؤ الاقتصادي الذي يصب في زيادة البطالة".

كما أكد التقرير أن "البنك المركزي لم يلتزم بما ينص عليه برنامج الصندوق من نشر تقارير الاستقرار النقدي وتقارير السياسة النقدية حتى إبريل/نيسان 2017".

غياب العدالة الاقتصادية

أما عن بند الأجور، فقد أوضح التقرير أن "خفض الإنفاق على بند الأجور لا يختلف عن باقي بنود التقشف وخفض الإنفاق، من حيث السياسة المتبعة بمعاملة جميع من يستفيدون من هذا الإنفاق بالمثل. أو على الأرجح، عدم التعرض لمن يمتصون الجزء الأكبر من ميزانية البند، وتطبيق التقشف على أقل المستفيدين، بطريقة غير منصفة وغير مستدامة تزيد من فقرهم، وتؤثر على قدراتهم الشرائية التي تتآكل أيًضا من جوانب أخرى بفضل السياسة الضريبية ورفع الدعم عن المحروقات والكهرباء وزيادة أسعار الخدمات العامة (مترو الأنفاق، مثالًا) باتباع نفس السياسة التي لا تفرّق بين مدخول وثروات المواطنين.

وترى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن العدالة الاجتماعية كانت تقتضي "أن يقتصر هذا التخفيض على أجور ومكافآت كبار موظفي الدولة. وأن يتم احتساب هذا التخفيض بعد إلزام الحكومة بضم كافة الصناديق الخاصة، والتي تخفي بدورها جزءًا كبيرًا من دخول كبار الموظفين، بما يعزز من محاربة الفساد وتفاوت الدخول داخل القطاع الحكومي. واستبعاد احتياجات التعليم والصحة من تجميد نسب التعيين".

وبشأن حزمة الإنفاق الاجتماعي، أكد التقرير أنه "وفقًا لبرنامج الصندوق، تلتزم الحكومة بتوجيه ما يعادل 1% من الناتج المحلي من الوفر المتحقق في الإنفاق العام (ثلث الوفر)، إلى حزمة إنفاق اجتماعي محددة.

ووفقا للتقرير فإنه "يصعب التحقق من هذا الالتزام، ولكن حتى إبريل/نيسان 2017، صدر عدد من التصريحات التي من شأنها أن تؤدي إلى زيادة تكلفة العلاج في المستشفيات الحكومية، حيث تمت خصخصة مستشفيات التكامل وتحولت مستشفيات حكومية للعلاج بأجر. كما لم يلتزم برنامج الصندوق بزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي إلى ما مجموعه 10% من الناتج المحلي، وفقًا لما يقتضيه الدستور المصري. وبهذا، لم يتوافق مشروع الموازنة للعام المالي 2017- 2018 مع هذا الإنفاق للعام الثاني على التوالي".

فلسفة التقرير

أكدت المبادرة أن تقريرها الأول عن تنفيذ برنامج الإجراءات الاقتصادية التي اتفق عليه كل من الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض يهدف لـ"المراجعة المستقلة إلى تتبع ما نفذته الحكومة، وما لم تنفذه من إجراءات طالبها بها الصندوق. كما تهدف بالأساس إلى تتبع وتحليل آثار البرنامج الاقتصادية والاجتماعية".

وقالت المبادرة إنها سوف تصدر تقريرا بالتزامن مع كل زيارة لفريق خبراء الصندوق. وذلك حتى يتسنى للمواطنين قراءة بديلة لخطاب الصندوق.

التقرير الذي اتخذ نفس الشكل الذي جاء عليه برنامج القرض، كما نُشر على موقع صندوق النقد، بنفس ترتيب الإجراءات، جاء لتسهيل عقد المقارنة، بين ما حدده الصندوق من أهداف، والإجراءات التي اتفق عليها، مع ما تحقق بالفعل، متناولا مراجعة للأهداف والسياسات بنفس العناوين كما جاءت في تقرير الخبراء المقدم إلى مجلس إدارة صندوق النقد في 2016، والذي يضم "نظرة إلى الاقتصاد الكلي والمخاطر، والسياسة النقدية وسياسة سعر الصرف، والسياسة المالية وإدارة المال العام، وإصلاحات قطاع الطاقة، والاستقرار المالي، والإصلاح الهيكلي من أجل النمو والتوظيف".

وحصلت مصر على اتفاق بتسهيل تمويل ممتد" بقيمة 12 مليار دولار على ست شرائح، وتحصل مصر على كل شريحة بعد التأكد من قبل فريق خبراء الصندوق، أن الحكومة قد التزمت بكل ما اتفق عليه من إجراءات، وفقًا للخطة الزمنية الموقع عليها.

المساهمون