الليرة السورية تلتقط الأنفاس بعد موجة هبوط قياسي

الليرة السورية تلتقط الأنفاس بعد موجة هبوط قياسي

13 سبتمبر 2019
التقلب الشديد في سعر الليرة ينعكس بلبلة بالأسواق (Getty)
+ الخط -
تعافت الليرة السورية يوم الخميس، أمام الدولار والعملات الرئيسية، لتسجل 605 ليرات مقابل الدولار، بعد أن هوت مطلع الأسبوع الجاري إلى أدنى مستوى بتاريخها، حينما سجلت نحو 700 ليرة مقابل الدولار الواحد.
ويرى المحلل الاقتصادي علي الشامي، أن هذه السرعة بالهبوط والصعود، تتعدى أي منطق اقتصادي، إذ عملة تهبط مئة ليرة خلال يومين ومن ثم تصعد بنفس القيمة خلال يومين، إنما تزيد الشك بها لدى أي مكتنز أو متعامل.
ويتساءل الشامي، خلال تصريحه لـ"العربي الجديد" عن الأسباب التي تبدلت، سواء أثناء تهاوي السعر أو عودته إلى ما كان عليه، ثم يضيف: "في الحقيقة لا يوجد أسباب اقتصادية، تستدعي انخفاض السعر أو تحسنه، فالصادرات لم تأت بقطع أجنبي كما لم نسمع عن تصريح من حاكم مصرف سورية المركزي يدحض مقولة نفاد الاحتياطي الأجنبي. وكل ما في الأمر أن العملة السورية باتت دون أي معادل إنتاجي أو خدمي، أو مدعومة بعملات أجنبية أو معادن ثمينة، ما يجعلها عرضة للتقلب أمام أي حدث سياسي أو نفسي وهذا هو الخطر على الليرة".
لكن المحلل السوري يلفت إلى أنه، على الأرجح تم التدخل بالسوق عبر ثنائية الوعيد التي أطلقتها حكومة الأسد مساء الإثنين الماضي، خلال اجتماع اللجنة الاقتصادية "اتخاذ إجراءات قانونية لضبط التعامل غير الشرعي بالعملات الأجنبية، وتشديد الرقابة على المتلاعبين وعدم التساهل معهم"، وتصريح وزارة التجارة الداخلية "سنتعامل بحزم يصل حد الضرب بيد من حديد لمواجهة التقلبات في سعر الصرف، وانعكاسها على أسعار المنتجات، إلى جانب التدخل من بعض الصناعيين وأصحاب رؤوس الأموال، بعد ما قيل عن إلزامهم بإيداع مبالغ دولارية كبيرة بالمصارف، والتدخل بالسوق عبر الطمأنة وبيع الدولار".

وبينت مصادر إعلامية من دمشق، اليوم، تدخل من وصفتهم بـ"الشرفاء" دون أن تسميهم، ناسبة تحسن سعر الليرة "لفضل جهود الشرفاء".
وأشارت المصادر الإعلامية المحسوبة على نظام الأسد، إلى أن ﺷﺮﻛﺔ BS ﻟﻠﻤﺸﺘﻘﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﻄﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﻗﺎﻃﺮﺟﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ، أكدت استمرار بيع المازوت للمنشآت الصناعية والفعاليات التجارية بالسعر الرسمي، وأضافت عبر بيان أن سعر الدولار مقابل الليرة في انخفاض مستمر، متوجهة بالشكر لمن ساهم في ذلك، وخصت بالذكر صناعيين قالت إنهم "كانوا وما زالوا الداعم الأكبر" للاقتصاد الوطني.
وفي حين قال رئيس هيئة الأوراق المالية في سورية، عابد فضلية، إن سعر الدولار بالسوق السوداء يتحدد بموجب عوامل العرض والطلب، وهذه بدورها تتحدد بموجب الوضع الاقتصادي العام والوضع العسكري والأمني والمناخ السياسي والتوقعات الاستثمارية والأمنية المستقبلية، إلى جانب عوامل الخوف أو التفاؤل بالمستقبل القريب وبسلوك القطيع حيث الشخص يقلد الآخر.
وأضاف، في تصريحات صحافية الأربعاء، أن سبب تراجع الليرة هو الاحتياجات الطارئة أو غير الدورية للقطع، وذلك عندما يحين موعد استيراد سلع معينة بكميات كبيرة أو يحين موعد تسديد استحقاقات الدفع بالقطع أو حتى بعد عقد صفقات ضخمة بالليرة السورية، ويقوم البائع بتحويل أموال الصفقة إلى دولار.

ويرى الدكتور عبد الناصر الجاسم، أن تهاوي سعر صرف الليرة مطلع الأسبوع الجاري، يعود لأسباب سياسية ونفسية داخلية، تتعلق بالخلاف ضمن الأسرة الحاكمة، وما نتج عنه من مخاوف بالأسواق. ولكن هذا لا يعني انتفاء الأسباب الاقتصادية، بل على العكس، جميع عوامل انهيار الليرة متوفرة بسورية اليوم.
ويتوقع أستاذ الاقتصاد الجاسم، خلال تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن تعاود الليرة التراجع، لأن أسباب التعافي أمس واليوم، لن تدوم آثارها بالأسواق "هل يضمن نظام بشار الأسد أن يبقى أصحاب الرساميل يضخون الدولار بالسوق، ويدعمون استيراد النفط والسلع الغذائية والمواد الأولية الداخلة بالصناعة"، لأن الدولة فقدت القدرة على حماية عملتها وكفاية شعبها، ورأينا وسمعنا كيف ألزم النظام الصناعيين والتجار بتحمل عبء المرحلة مالياً.
وبالتوازي مع تحسن سعر صرف الليرة، سجل غرام الذهب انخفاضا بنسبة نحو 8,1% في يوم واحد من 26 ألف ليرة يوم الأربعاء إلى 23900 ليرة الخميس، بانخفاض بمقدار 2100 ليرة.
كما تراجع سعر الأونصة الذهبية السورية إلى 839000 ألف ليرة، والليرة الذهبية السورية بلغت 193 ألف ليرة، وسعر الليرة الذهبية الإنكليزية من عيار 22 قيراطاً إلى 203 آلاف ليرة.
وتشير مصادر من دمشق، إلى أن تحسن سعر الليرة الأربعاء والخميس، لم ينعكس على أسعار السلع والمنتجات الغذائية التي ارتفعت خلال الشهر الجاري بنحو 15%، ليصل سعر كيلو البندورة "طماطم" إلى نحو 430 ليرة والبطاطا 400 ليرة، ويتعدى سعر كيلو لحم الخروف 5 آلاف ليرة سورية.

ولامس سعر الدولار قبل أيام، عتبة 700 ليرة سورية واليورو 840 ليرة، لتسجل العملة السورية أسوأ سعر عبر تاريخها، كاسرة حاجز أدنى سعر الذي وصلته بنهاية سبتمبر/ أيلول عام 2016 وقت بلغ سعر صرف الدولار 645 ليرة و710 ليرات أمام العملة الأوروبية الموحدة.
وتستمر معاناة الشعب السوري المثبتة أجوره منذ 3 أعوام، عند نحو 45 ألف ليرة سورية، رغم زيادة الأسعار بأكثر من 13 ضعفاً عمّا كانت عليه عام 2011 وزيادة إنفاق الأسرة السورية عن 250 ألف ليرة شهرياً.

المساهمون