أجور القطاع الخاص تُغري موظفي الحكومة التونسية

أجور القطاع الخاص تُغري موظفي الحكومة التونسية

09 مارس 2017
ينظم العاملون احتجاجات كثيرة لرفع الأجور (حسام زواري/الأناضول)
+ الخط -
يدفع ضعف الأجور في القطاع الحكومي بتونس، العديد من كبار الموظفين إلى الاستقالة من مناصبهم والبحث عن فرص مهنية ومالية أرحب في القطاع الخاص، لا سيما أن العديد من المؤسسات الكبرى، سواء المحلية أو الدولية، تهتم بجذب هذه الخبرات للاستفادة من قدرتها، برواتب وحوافز تساوي أضعاف ما يسمح به سلم الأجور في القطاع الحكومي.
ويقول مراقبون إن إعادة النظر في سلم الأجور الخاص بالوظائف الحكومية باتت أمرا ملحا، بعد التراجع الكبير في القدرة الشرائية للموظفين بجميع شرائحهم.
ويعتبر المراقبون للشأن الاقتصادي أن المحافظة على سلم الرواتب الحالي سيؤدي قريباً إلى هجرة كبار الموظفين نحو القطاع الخاص بسبب ضعف الرواتب الحكومية مقارنة على ما يعرضه القطاع الخاص على الإطارات العليا وكبار المديرين، ما يفقد المؤسسات الحكومية قدرتها على المنافسة.
ولا تنكر الدوائر الحكومية هذا الأمر، حيث سبق أن أعلن وزير الوظيفة الحكومية المقال، عبيد البريكي، أن الحكومة تدرس إمكانيات رفع الأجور في الوظائف الحكومية لتكون قريبة من نظيراتها في القطاع الخاص، للمحافظة على الكفاءات وتطوير العمل الإداري.
ومنذ سنة 2009، دعت النقابات العمالية إلى إعادة النظر جذرياً في قانون الوظيفة العمومية وسلم الأجور، معتبرة أن القانون المعمول به حالياً يحول دون التدرج السريع في المسار المهني، وهو ما يهدد القطاع الحكومي بخسارة كفاءاته.
ومع تدهور المقدرة الشرائية لمختلف شرائح التونسيين، بات الأمر أكثر إلحاحا، خاصة أن ما كان يصنف ضمن الرواتب العالية التي تمتع بها كبار الموظفين فقدت أكثر من نصف قيمتها، في السنوات الخمس الأخيرة، بسبب ارتفاع كلفة المعيشة بنحو 50%.
وتعرف قطاعات عديدة، على غرار الأطباء، هجرة جماعية نحو القطاع الخاص أو بلدان أجنبية، وهو ما أدى إلى تراجع الخدمات في المستشفيات الحكومية، فضلا عن نقص فادح في الاختصاصات الطبية في المحافظات الداخلية.
ويعتبر الخبير لدى منظمة الصحة العالمية، هشام عبد السلام، أن ما يتقاضاه كمعاش بعد 35 سنة من العمل في القطاع العمومي "رقم مخجل"، بعد أن أنهى عمله في التدريس الجامعي براتب لا يتجاوز 2500 دينار (1080 دولارا).
ويقول عبد السلام لـ"العربي الجديد" إن تفشي ظاهرة الرشوة والفساد الإداري يرجع أيضاً إلى ضعف مداخيل العاملين في القطاع الحكومي، وهو ما قد يدفع بعضهم إلى البحث عن طرق ملتوية لرفع مداخيلهم.
وأمام زيادة هجرة الكفاءات، باتت الحكومة التونسية تدرك، أكثر من أي وقت مضى، أهمية الإسراع في مراجعة قوانين العمل وسلم التأجير بما يتماشى مع متطلبات المرحلة الاقتصادية الجديدة.
وتشتغل الحكومة حالياً على إنشاء نظام جديد لاستقطاب الكفاءات التابعة للقطاع الخاص والاستفادة من خبرتها، وذلك في إطار التعاقد حول إنجاز برامج محددة وفي مجالات معينة.
ويعتبر الخبير الاقتصادي محمد الجراية، في تصريح لـ "العربي الجديد"، تشعب منظومة الأجور وتشتت النصوص التي تنظمها من أهم معوقات إصلاح القطاع الحكومي، مشيراً إلى أن هذا القطاع الذي يشغل نحو 650 ألف موظف يفتقر إلى أدنى آليات التحفيز.