توقف 90% من مصانع حجارة البناء في غزة

توقف 90% من مصانع حجارة البناء في غزة

21 سبتمبر 2016
تضرر مصانع حجارة البناء (عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -
اضطر مالك أحد معامل صناعة البلوك (حجارة البناء) في قطاع غزة، جميل الدغل، إلى تسريح 11 عاملاً من مصنعه، والإبقاء على أربعة فقط، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي بمنع إدخال الإسمنت ضمن آلية الأمم المتحدة المتبعة لإعادة الإعمار لهذه المعامل منذ خمسة أشهر.
ولجأ الدغل إلى تقليص عدد عماله في ظل توقف مصنعه عن العمل بشكل يصل إلى 90% من قدرته الإنتاجية الأسبوعية، والعمل لبضعة أيام حال توفرت كميات من الإسمنت في السوق السوداء أو عبر الحصول عليها من المدمرة بيوتهم في الحرب الأخيرة على غزة وصناعته وبيعه لهم.

ويقول الدغل لـ"العربي الجديد" إنّ غالبية مصانع حجارة البناء التي تعمل في القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2006 توقفت عن العمل بما يتراوح بين 85 و90 % خلال الشهور الماضية، جراء رفض الاحتلال إدخال الإسمنت لهذه المعامل أو إدراجها ضمن نظام الأمم المتحدة لعملية إعادة الإعمار.
ويشير إلى أن مصنعه كان ينتج أكثر من 5 آلاف من حجارة البناء أسبوعياً قبل قرار الاحتلال بمنع توريد الإسمنت للمعامل، وانخفضت القدرة الإنتاجية حالياً لتصل إلى 800 من البلوك تجري صناعتها على فترات متفاوتة وحسب توفر المواد الخام والإسمنت.



وأدى قرار سلطات الاحتلال منع توريد الإسمنت وبعض المواد الخام لمعامل صناعة البلوك لعجز ملموس في كميات (حجارة البناء) المتوفرة في الأسواق الغزية، وخصوصاً أن عملية إعادة إعمار المنازل المدمرة في الحرب الأخيرة تحتاج لكميات كبيرة للمنازل المدمرة بشكل كلي.
ويطالب الدغل، وزارة الشؤون المدنية والأمم المتحدة بالضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل استئناف توريد الإسمنت لمعامل البلوك العاملة في القطاع، ومنع تكبدها المزيد من الخسائر المالية جراء توقفها عن العمل منذ أكثر من خمسة أشهر.

وكانت السلطات الإسرائيلية أصدرت قراراً بمنع توريد الإسمنت إلى مصانع حجارة البناء العاملة بآلية الأمم المتحدة لإعادة الإعمار في أبريل/نيسان الماضي تحت ذريعة تهريبه إلى السوق السوداء، ووصوله للمقاومة الفلسطينية واستخدامه في تطوير منظومة الأنفاق الأرضية الخاصة بها.
أما حال المقاول الفلسطيني مجدي القواليشي فلم يكن أفضل عن سابقه، حيث لجأ إلى خفض عدد عماله العاملين في مصنعه ليصل إلى 30 عاملاً بدلاً من 50 بفعل استمرار قرار الاحتلال منع توريد الإسمنت إلى مصانع صناعة الحجارة.

ويبين القواليشي، لـ "العربي الجديد" أن قدرة مصنعه انخفضت إلى أدنى مستوياتها وتعتمد حالياً على بعض المشاريع التابعة للأمم المتحدة ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) والتي تشترط وجود كاميرات مراقبة ومعدات خاصة داخل المعمل، فضلاً عن الإجراءات المشددة المتبعة.
ويؤكد على أن توقف توريد الإسمنت إلى مصانع حجارة البناء ألحق ضرراً كبيراً بالعشرات منها، رغم حاجة الكثيرين لمواد البناء من أجل إعادة إعمار منازلهم أو التوسع العمراني الطبيعي.

ويشيرالقواليشي، إلى أن الكميات الموجودة في السوق الغزية من حجارة البناء قامت المعامل بصناعتها بعد الحصول على كميات شحيحة من الإسمنت الموجود في السوق السوداء أو الحصول عليها من بعض المتضررين الذين أعادوا إعمار منازلهم مؤخراً.
ويوضح أن الآونة الأخيرة شهدت عقد سلسلة من اللقاءات مع وزارة الشؤون المدنية بغزة وأصحاب المعامل لوضع حل لهذه المشكلة التي ألحقت ضرراً كبيراً بأصحاب هذه المنشآت والعاملين فيها، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي ما يزال يرفض إعادة السماح باستئناف توريد الإسمنت للمعامل.

وتفرض سلطات الاحتلال الإسرائيلي قيوداً وشروطاً كبيرة على إدخال مواد البناء الأساسية كالإسمنت والخشب، بالإضافة إلى قائمة طويلة تشمل مئات السلع، التي يحظر دخولها إلى القطاع.
بدوره، يقول رئيس اتحاد الصناعات الإنشائية، علي الحايك، إن منع توريد الإسمنت إلى مصانع البلوك العاملة بغزة أدى لتوقف شبه كلي لنحو 204 معامل في القطاع الذي يعيش ظروفاً اقتصادية واجتماعية متردية بفعل استمرار الحصار للعام العاشر على التوالي.

ويضيف الحايك لـ "العربي الجديد" أن استمرار تحكم الاحتلال في إدخال مواد البناء ضمن آلية الأمم المتحدة سيؤدي لإعاقة عملية إعمار المنازل والمنشآت المدمرة في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، فضلاً عن زيادة الأضرار التي ستلحق بقطاع الإنشاءات والعاملين فيه.

ويؤكد رئيس اتحاد الصناعات الإنشائية، أن الاتهامات الإسرائيلية بشأن تهريب الإسمنت لاستخدامه في أنفاق المقاومة مجرد ادعاءات لا أساس لها من الصحة يستخدمها الاحتلال لتبرير قراره ضد عشرات معامل صناعة البلوك الموجودة في القطاع.
ودمّرت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع خلال صيف 2014 أكثر من 100 ألف وحدة سكنية ومنشأة تجارية بشكل كلي وجزئي في قطاع غزة، وفرض الاحتلال قيوداً وشروطاً على عملية دخول مواد الإعمار إلى القطاع المحاصر منذ عشر سنوات.

وفي السياق، يقول وكيل وزارة الاقتصاد في غزة، حاتم عويضة، إنّ استمرار السلطات الإسرائيلية إيقاف توريد الإسمنت لمعامل البلوك بغزة ألحق ضرراً واضحاً، عبر زيادة معدلات البطالة وتسريح العاملين، بالإضافة إلى إعاقة عملية إعادة الإعمار بفعل نقص الكميات المتوفرة في ظل توقف المعامل عن الإنتاج.
ويشير عويضة بحديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن الأسباب الإسرائيلية وراء عملية وقف توريد الإسمنت لمعامل البلوك (حجارة البناء) في غالبها أمني، ولا أساس لها من الصحة، في ظل وجود رقابة من قبل وزارة الاقتصاد على الإسمنت الخاص بعملية إعادة الإعمار لضمان عدم تسربه في السوق السوداء.

ويضيف المسؤول الحكومي أنّ وزارته أجرت العديد من الاتصالات من ضمنها مع مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام نيكولاي ملادنيوف وغيره من الشخصيات من أجل وضع حلول للخروج من الأزمة وإعادة تشغيل النظام الخاص بعملية إعادة الإعمار أمام المعامل بغزة.
ويبين عويضة أنّ العديد من الحلول التي وضعتها وزارته بالاتفاق مع الأطراف المختلفة حظيت بموافقة مختلف الجهات الرسمية المشاركة في عملية إعادة الإعمار، إلا أن الاحتلال ما زال يرفض حتى اللحظة إعادة توريد الإسمنت لمعامل البلوك، التي تعمل وفقاً لنظام الأمم المتحدة لعملية إعادة الإعمار.

ويشير عويضة إلى أن عدد المصانع التي تعمل على نظام الأمم المتحدة لعملية إعادة الاعمار يقدر بنحو 204 مصانع من أصل 340 مصنعاً متخصصاً بإنتاج البلوك (حجارة البناء)، تأثرت بقرار الاحتلال وقف توريد الإسمنت لها منذ ما يزيد عن خمسة شهور.



المساهمون