أزمة السلطة المالية تدمر اقتصاد غزة

أزمة السلطة المالية تدمر اقتصاد غزة

25 يونيو 2019
الأسواق تعاني من تراجع القدرة الشرائية(عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -


تبدو آثار الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها السلطة الفلسطينية حاضرة بقوة في اقتصاد قطاع غزة المحاصر إسرائيلياً، للعام الثالث عشر على التوالي، خصوصًا في ضوء تقليص الإنفاق على شتى المجالات كالتعليم والصحة والتنمية الاجتماعية.

ويتزامن ذلك مع خشية في انهيار ما تبقى من اقتصادٍ تهالك بفعل الحصار والحروب والإجراءات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية في إبريل/نيسان 2017 والتي أدت إلى انتكاسات متعددة، في ضوء شح السيولة النقدية نتيجةً لتقليص الرواتب وإحالة الآلاف إلى التقاعد الإجباري المبكر.

وتساهم السلطة الفلسطينية في الإنفاق على قطاعات عدة في غزة، أبرزها التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية، غير أن الأمر تراجع مؤخراً بشكلٍ ملحوظ وظاهر، في أعقاب أزمة أموال المقاصة ورفض تسلّمها من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

وفي محاولة للحد من الأزمة المالية التي تواجهها السلطة الفلسطينية، أعلن وزراء المال العرب، السبت الماضي، مواصلة التزامهم مقررات جامعة الدول العربية الخاصة بتفعيل شبكة أمان مالية لدعم موازنة السلطة الفلسطينية بمبلغ 100 مليون دولار شهرياً، بحسب أنصبة الدول الأعضاء في موازنة الأمانة العامة، إلا أن هذا المبلغ غير كاف لإحداث انفراجة مالية للسلطة، حسب مراقبين.

ولجأت الحكومة الفلسطينية، خلال الأشهر الماضية، إلى الاقتراض من البنوك المحلية بمبالغ مالية تتراوح بين 40 و60 مليون دولار، من أجل سداد رواتب الموظفين، ما سينعكس بالسلب على التسهيلات المقدمة للقطاع الخاص، وسيساهم أيضاً في تقليص السيولة النقدية المتوفرة في القطاع.

ويقول نائب رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين في غزة، نبيل أبو معيلق، إن تدخلات القطاع الخاص في الضفة وغزة كبيرة، خصوصاً في مجالات التعليم والصحة والمقاولات والإنشاءات، بالإضافة إلى ما يجري توريده من قبل التجار من لوازم للسلطة.

ويوضح أبو معيلق لـ "العربي الجديد" أن الأزمة المالية الحالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية ستزيد من شدة الخناق الذي يعاني منه القطاع، وستدفع نحو المزيد من الانهيار في ضوء حالة التراجع الاقتصادية الحاصلة نتيجة لظروف الحصار الإسرائيلي.

ويلفت إلى أنّ قطاعات عديدة تضررت نتيجة الأزمة المالية، على رأسها قطاع الإنشاءات والموردين، إلى جانب الموظفين العموميين وبرامج البطالة التي تنفذ بالشراكة مع مؤسسات أخرى، فضلاً عن تراجع وتراكم ديون على السلطة لصالح القطاع الخاص. وهناك تراكمات مالية لصالح قطاعي الإنشاءات والمقاولات تبلغ نحو 200 مليون شيقل إسرائيلي (الدولار= 3.59 شيقل) لم تستطع الحكومة السابقة برئاسة رامي الحمد الله دفعها، إلى جانب قطاعات أخرى لها حقوق على الحكومة، حسب أبو معيلق.

ووفقاً لتصريحات المسؤولين في السلطة الفلسطينية، فإن الأزمة المالية التي تمر بها ستؤثر على تعهداتها بدفع مخصصات التنمية الاجتماعية المالية المخصصة للأسر الفقيرة والحالات الاجتماعية والتي تدفع كل ثلاثة أشهر، حيث يقدّر عدد المستفيدين في القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2006 بنحو 76 ألف أسرة، تعتمد غالبيتها على هذه المخصصات في تدبير أمورها الحياتية.

ويشير أبو معيلق إلى أن الأزمة عمرها أكثر من عام، خصوصًا أن هناك تراجعا بنسبة 80% بالسالب في حجم المشاريع التي تنفذها الدول المانحة وتوقف كامل للمنحة الأميركية، وهو ما أثر سلباً على القطاع الخاص والحكومة.

وحسب التقديرات والإحصائيات الرسمية، فقد انخفض حجم الإنفاق الرسمي للسلطة على القطاع من 50 مليون دولار شهريا إلى أقل من 35 مليون دولار، منذ فرض الإجراءات على غزة، مروراً بالأزمة المالية الحالية التي تعيشها السلطة.

وعلى صعيد قطاعي التعليم والصحة في غزة، فقد كانت السلطة تنفق مبلغ 10 ملايين شيقل، وانخفض المبلغ مؤخراً ليصل إلى نحو 6 ملايين شيقل، وهو ما أثر بشكل واضح على هذين القطاعين المرتبطين بأكثر من مليوني مواطن في غزة.

أما على صعيد الخدمات المرتبطة بالبلديات، فقد انخفض إنفاق صندوق إقراض البلديات بمستوى ملحوظ وواضح، إذ كان يبلغ متوسط إنفاقه في القطاع شهرياً بنحو 10 ملايين دولار، فيما تراجع حالياً بشكل وبصورة ملحوظة.

وحسب جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين، فإن القطاع يعيش فترة هي الأصعب والأكثر سوءاً وتدهوراً، مع توقف نشاط أكثر من 95% من المصانع والمنشآت الاقتصادية، ووصول نسبة البطالة إلى أكثر من 52%.

المساهمون