احتجاجات الجزائر تفاقم أزمة الدولار

احتجاجات الجزائر تفاقم أزمة الدولار

06 مارس 2019
مخاوف من تكرار أزمة نقص سيولة (Getty)
+ الخط -
على وقع تصاعد الاحتجاجات الشعبية في الشارع الجزائري، انتعشت السوق السوداء للعملات الأجنبية وسط توقعات بأزمة سيولة خانقة خلال الفترة المقبلة في حال تفجر الأوضاع وهروب مسؤولين ورجال أعمال بأموالهم.

وتأثرت أسعار صرف العملات في السوق السوداء، بالضغط الذي خلفه ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية، حيث ارتفع سعر صرف العملة الأميركية من 185 دينارا للدولار مطلع فبراير/ شباط الماضي إلى 192 دينارا حاليا، أما بالنسبة للعملة الأوروبية الموحدة (اليورو) فقد قفزت من 205 دنانير إلى 214 دينارا، أما الجنيه الإسترليني فقد استقر عند 224 دينارا بعدما كان عند 218 دينارا قبل شهر من اليوم.

ويتوقع بائع للعملة الصعبة يدعى محمد بوند في ساحة "السكوار"، أن "تواصل الأسعار ارتفاعها في الأيام القادمة، فالطلب سيرتفع لعدة أسباب، أوّلها ما تعيشه البلاد، وثانيا اقتراب شهر رمضان وبداية موسم العمرة".

وقال بائع العملة في حديث مع "العربي الجديد" إن "هامش ربح الباعة ضئيل ولا يتعدى 10 في المائة في أحسن الأحوال، وليسوا هم من يتحكم، بل من يمول السوق بالعملة هم الأيدي الخفية المتحكمة في الأسعار".

وعلى بعد أمتار من الغرفة الثانية للبرلمان الجزائري "مجلس الأمة"، تشهد ساحة بور سعيد أو "السكوار" كما يسميها الجزائريون والمشهورة بتداول العملات الصعبة، حركة غير اعتيادية، ففي العادة وفي مثل هذا التوقيت من السنة، تشهد ركودا بسبب انقضاء مواسم العطل والعمرة عند الجزائريين.

وحسب ناشطين في بيع العملات الصعبة، فإن الساحة تشهد إقبالا كبيرا، منذ قرابة أسبوعين، بالتزامن مع حراك الشعب ضد العهدة الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

ويقول "زينو" أحد المتعاملين بالسوق لـ "العربي الجديد" إن "الطلب ارتفع في الأيام الأخيرة، خاصة على اليورو، ثم في المرتبة الثانية الجنيه الإسترليني، أما الدولار فلا يزال محل طلب من طرف المستوردين وبعض الأجانب الماكثين في البلاد.

ويضيف المتحدث نفسه، أن هناك مخاوف من هروب مسؤولين ورجال أعمال بأموالهم من البلاد في حال تفجرت الأوضاع.

ويلفت بائع عملات في السوق، رفض ذكر اسمه، إلى أن "ممولي الشباب الناشط في السوق الموازية للعملة الصعبة، لن يواصلوا المغامرة بشراء كميات كبيرة من الدينار، فهم أيضا يتخوفون من انزلاق الأوضاع الأمنية، وتصبح أموالهم محبوسة هنا، وقد تفقد قيمتها".

ويتوقع المتحدث لـ"العربي الجديد" أن "تشهد السوق اضطرابا في الأيام القادمة، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية وتواصل انتفاضة الشعب في وجه الرئيس بوتفليقة."

وتعيش الجزائر منذ 22 فبراير/ شباط الماضي على وقع حراك شعبي كبير، مناهض لترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، وما زاد من قوة هذا الحراك، هو إصرار بوتفليقة على الترشح بعدما وضع ملفه رسميا لدى المجلس الدستوري يوم 3 مارس/ آذار الحالي.

ويتخوف المتتبعون للشأن الاقتصادي من اتساع رقعة ارتفاع الطلب على العملات الأجنبية لتمس البنوك، ما قد يدخل البلاد في أزمة سيولة حادة، وتصبح الأموال تتداول بطرق غير رسمية.

والى ذلك يقول الخبير الاقتصادي والمستشار السابق لدى الحكومة الجزائرية عبد الرحمان مبتول أن "سيناريو 2011 مرجح تكراره بقوة، فالكل يتذكر أن البلاد عاشت أزمة نقص سيولة من العملة المحلية بعد ارتفاع الطلب على الدينار في البنوك، حيث سحب الجزائريون أموالهم خوفا من وصول حراك "الربيع العربي" إليهم وفضلوا تحويلها إلى العملات الصعبة، وقابله ضعف احتياطات البنك المركزي ما أدى بالبنوك إلى تقييد ما يتم إخراجه من أرصدة العملاء وإلزام الموظفين باستخراج الرواتب على دفعتين".

وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن "القطاع الموازي وأصحاب الثروات وأصحاب الأموال المغسولة المجمعة من المخدرات والتهريب، يفضلون الادخار بالعملة الصعبة كملاذ آمن، مما يغذي الطلب على أي كمية من اليورو أو الدولار، وبأي ثمن".

ويقدر خبراء اقتصاد حجم الأموال المتداولة في الاقتصاد الموازي فوق عتبة 40 مليار دولار، فيما تشير آخر الأرقام الصادرة عن رئيس الحكومة أحمد أويحيى الأسبوع الماضي إلى أن حجم الاقتصاد الموازي لا يتعدى 30 مليار دولار.

المساهمون