تعهدات تونس الدولية: خفض دعم السلع الغذائية

تعهدات تونس الدولية: خفض دعم السلع الغذائية

11 يوليو 2017
استفادة الفقراء من الدعم ضعيفة (فرانس برس)
+ الخط -
تتعجل تونس تطبيق قائمة الإصلاحات الاقتصادية المطالبة بتنفيذها قبل نهاية العام الجاري، التزاما بتعهداتها أمام المقرضين الدوليين الذين غالبا ما يضعون اشتراطات وبرامج متشددة لتمرير قروض تدعم مالية البلاد.
وبعد إصدار التشريعات اللازمة للتسريح المبكر لموظفي القطاع الحكومي وخفض مستوى دعم المحروقات والكهرباء وإعداد مخطط لهيكلة المؤسسات العامة، ينُتظر أن تفتح الحكومة قريبا ملف دعم المواد الغذائية الأساسية لإيجاد حلول جذرية لتوجيه الدعم نحو مستحقيه من الطبقات الضعيفة دون غيرها.

ويعد ملف الدعم من المواضيع الشائكة التي طالما تجنبت الحكومات السابقة الخوض فيه تحسبا من ردة الفعل الشعبية، لا سيما أن أغلب مطالب الثورة بالتنمية والتشغيل لم تتحقق بعد، ما يعمق الشعور بالغضب لدى عموم التونسيين.
وقالت مصادر خاصة بـ"العربي الجديد" إن لجان بحث تعمل حاليا على ملف دعم المواد الغذائية، على أن تظهر النتائج والمقترحات بشأن هذا الملف قبل نهاية العام الجاري.
وأشارت ذات المصادر إلى أن قانون المالية للعام المقبل قد يحمل بعض الاجراءات في هذا الشأن، في ظل تزايد الضغوط على المالية العمومية وعدم توفر الموارد اللازمة لتمويل ميزانية 2018.

وتهدف سياسة دعم المواد الغذائية في تونس إلى إعادة توزيع الدخل الوطني والمحافظة على المقدرة الشرائية للفئات أصحاب الدخل الضعيف، إذ يتولى الصندوق العام للتعويض ضبط كلفة بعض المواد بهدف الضغط على أسعارها وجعلها في مستويات مقبولة، ويتم تعديل أسعار البيع للعموم لتغطية ارتفاع تكاليف إنتاج المواد المدعمة جزئيا مع الأخذ بعين الاعتبار لمستوى الدخل ومراعاة الإمكانات التي يمكن تعبئتها لتغطية كلفة الدعم.
وقبل 13 يناير/كانون الثاني الماضي لم تكن العديد من المواد الغذائية مشمولة بمنظمة الدعم قبل أن يلحقها آخر خطاب توجه به الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، في محاولة فاشلة منه لتهدئة الجماهير الثائرة والبقاء في السلطة بهذه المنظومة، ما أدى إلى تفاقم ميزانية صندوق الدعم، ليصبح إلغاؤه شرّا لا بدّ منه حسب محللين.

وبحسب بيانات رسمية فقد تجاوزت ميزانية الصندوق العام للتعويض (صندوق الدعم) قرابة الضعف في الفترة بين 2011 و2017، حيث قفزت من 730 مليون دينار (300 مليون دولار) إلى نحو 1.6 مليار دينار (640 مليون دولار) مقابل حصول الطبقات الضعيفة على 12% فقط من هذه الميزانية، فيما يذهب الباقي إلى الطبقات الغنية والفنادق والمطاعم.
وتعمل الحكومة ضمن قانون المالية 2018 على إعادة تبويب الدعم وخفض النفقات العمومية لتفادي مزيد من التداين وإرضاء شركائها الماليين في ظل تواصل ضعف نسبة النمو التي لم تتجاوز 2.1% في الربع الأول من العام الحالي.

وأكد وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي محمد فاضل عبد الكافي، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية (وات)، أن سنة 2018 ستكون صعبة للغاية بسبب تزايد الضغوط على المالية العمومية، معتبرا أن الحل يكمن في استرجاع نسق النمو.
وأقر عبد الكافي، بوجود صعوبات لضبط ميزانية سنة 2018 التي من المتوقع أن تبلغ 36 مليار دينار (15 مليار دولار)، أي بزيادة تفوق ثلاثة مليارات دينار، مقارنة بميزانية العام الجاري، نتيجة ارتفاع نفقات الأجور وزيادة دعم الطاقة المقدر بنحو 1.4 مليار دينار.
ويعتبر الخبير الاقتصادي محسن حسن أنه لا مفر من فتح مختلف الملفات المتعلقة بالإصلاح، بما في ذلك الإجراءات الصعبة مثل الدعم.

وقال حسن في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن كل عملية معالجة لها كلفة، وكلفة علاج الوضع الاقتصادي في تونس هو تفعيل الإصلاحات التي تم إقرارها من قبل السلطات بالتعاون مع المؤسسات الدولية الشريكة.
وتتعلق هذه الإصلاحات بتسريع إصلاح القطاع المالي حتى يضطلع بشكل ناجع بوظيفة تمويل الاقتصاد وتخصيص الموارد، إلى جانب استكمال الإصلاح الجبائي، الذي تم الشروع فيه لدعم موارد الدولة وتنشيط سياسة الميزانية، إضافة إلى المضي قدما في إصلاح المؤسسات العامة من أجل تحسين جودة الخدمات وبلوغ المستوى الأمثل من تكاليف الأجور ومن الأعباء الاجتماعية.

وتسعى الحكومة بداية من 2018 إلى التخلي التدريجي عن سياسة الاقتراض الخارجي الذي بلغ مداه، مع التعويل أكثر فأكثر على الإمكانيات المحلية باسترجاع معدل نمو لا يقل عن 3% أو اعتماد سياسة التقشف والتوجه نحو خصخصة مؤسسات حكومية كبرى.
وكانت وزارة المالية قد وقعت الخميس الماضي على اتفاقية مع 13 بنكا محليا لتوفير موارد المالية بالعملة الصعبة لتمويل ميزانية العام الجاري.