الجزائر... الضرائب تنقذ الموازنة وتهدد المستثمرين

الجزائر... الضرائب تنقذ الموازنة وتهدد المستثمرين

07 سبتمبر 2017
مخاوف من هروب الاستثمارات (فاروق باطيشي/فرانس برس)
+ الخط -
يشكو مستثمرون ومتعاملون في الجزائر من الضغط الضريبي الذي تنتهجه البلاد، في ظل اعتماد الحكومة سياسة زيادة الإيرادات عبر توسيع القاعدة الجبائية منذ بداية أزمة أسعار النفط.
واستفادت خزينة الدولة من تحسن التحصيل الضريبي، حيث ارتفعت عائدات الضرائب العادية (دون احتساب الجباية النفطية) العام الماضي لتصل إلى 3.057 تريليونات دينار (27.7 مليار دولار) بزيادة 8% مقارنة بسنة 2015، في حين تتوقع الحكومة أن ترتفع عائدات الضرائب بحدود 10% هذه السنة، نتيجة رفع قيمة الضرائب الرئيسية كالضريبة على الأرباح وعلى القيمة المضافة.

ودفعت الأزمة المالية التي تمر بها الجزائر الحكومة في السنوات الأخيرة، إلى تصحيح الكثير من الاختلالات التي حرمت خزينة الدولة على مدى عقود من العائدات الضريبية، حيث شكل إدخال نظام التسجيل المعلوماتي لكل البيانات المتعلقة بالرسوم الضريبية نقطة تحول في أداء قطاع الضرائب، بالإضافة إلى الاستعانة بالقضاء لتحصيل الديون الضريبية المتراكمة والتي فاقت 9 تريليونات دينار جزائري (80.7 مليار دولار).
وتتعذر الحكومة بانخفاض موارد الدولة، ما يدفعها إلى رفع نسبة الضرائب التي وصلت إلى 60% من مجموع إيرادات الميزانية هذا العام.
إلا أن هذه السياسة الضريبية، خلفت ضغطا إضافيا على المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين الذين بدأت أصواتهم تعلو تذمرا وسخطا من ارتفاع فاتورة الضرائب، ما أثر سلبا على أنشطتهم.

ويحذر الخبراء من الضغط الضريبي المجحف على الاقتصاد ويطالبون بسن سياسة متوازنة تمكن من تعبئة موارد الدولة دون إعاقة التنمية الاقتصادية، من خلال تشجيع الاستثمار وتحقيق موارد داخلية وترشيد النفقات وضبط صرف الموازنات حتى لا تكون كسابقاتها في الحقب الماضية.
ويقول رئيس الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل أحمد نايت عبد العزيز: "الضغط الضريبي الممارس اليوم في الجزائر أصبح رهيبا ولا يشجع على الاستثمار، حيث بات يقارب 25% وهو رقم أعلى من الرقم المسجل في تونس أو المغرب".

وأضاف عبدالعزيز في تصريح لـ "العربي الجديد"، أنه دائما وفي سياق المقارنة، تقدر الضريبة على الأرباح في الجزائر بنحو 30%، في حين تبلغ في موريتانيا 25% و20% في المغرب، أما الضريبة على القيمة المضافة فارتفعت من 17 إلى 19% والرسوم الجمركية ارتفعت إلى 25%.
ويرى أن هذا الضغط الضريبي أصبح لا يشجع على الاستثمار في الجزائر ودفع بالكثير من رجال الأعمال وأرباب العمل إلى التوجه إلى تونس أو المغرب لإقامة مشاريع استثمارية، بعدما زاد التوسع الضريبي الذي تمارسه الحكومة من حدة الركود الاقتصادي.

وأضاف رئيس الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، قائلا: "هناك قاعدة اقتصادية فرنسية تقول: كثير من الضرائب تقتل الضرائب، أي أن فرض الكثير من الضرائب سيقلص من التحصيل بسبب عزوف المستمرين عن العمل".
ويحذر الخبراء من الضغط الضريبي المجحف على الاقتصاد، فالحل الأمثل في أعين المتابعين للنظام الضريبي في الجزائر هو سن سياسة متوازنة تمكن من تعبئة موارد الدولة دون إعاقة التنمية الاقتصادية، من خلال تشجيع الاستثمار وتحقيق موارد داخلية وترشيد الإنفاق العام.

ويقول الخبير الاقتصادي المختص في الجباية جعفر بودربة، إن ارتفاع قيمة الضرائب لم ينعكس على حصيلة إيراداتها، وزاد من العزوف عن دفعها، فالكثير من المستثمرين أصبح يتهرب من دفع الضرائب لأنها تكلفه بين 30 إلى 45 من أرباحه السنوية، أي أن المستثمر أصبح يرى نفسه أنه يعمل 8 أشهر لصالحه و4 أشهر لخزينة الدولة".
ويضيف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن غياب العدالة الضريبية أصبح عاملا آخر يعيق المستثمرين حيث يضطر الكثير إلى دفع الضرائب في وقتها في حين يوجد رجال أعمال بلغت الديون الضريبية المتراكمة عليهم المليارات من الدنانير، بل ويتحصلون على قروض مصرفية.

ويبقى الحل في نظر الخبير الجزائري في إحداث توازن بين ما تريد الحكومة الوصول إليه من رفع في التحصيل الضريبي، وهو أمر مشروع بالنظر للظروف التي تعيشها الجزائر، وبين دعم الاستثمار.
وخسرت الجزائر كثيرا من إيراداتها التي تجنيها من النفط منذ انهيار أسعار هذه المادة بأكثر من 60% في صيف عام 2014 وإلى الآن.