الضريبة على الأثرياء... الإجراء المنسي في الجزائر رغم الأزمة

الضريبة على الأثرياء... الإجراء المنسي في الجزائر رغم الأزمة المالية

04 يوليو 2017
لا إحصاءات تحصر حجم الثروات في الجزائر (فرانس برس)
+ الخط -







أعاد توجه الحكومة الجزائرية الجديدة نحو مراجعة النظام الضريبي والتعريفات المطبقة على مداخيل الجزائريين، فتح ملف "العدالة الضريبية" في الجزائر. حيث يرى الكثير من المراقبين أنه حان الوقت لتطبق الحكومة الجزائرية "الضريبة على الثروة " من أجل دعم الخزينة العمومية التي تشكل الجباية العادية 44% من مصادرها.

واقترحت الحكومة في خطتها الممتدة من يوليو/ تموز 2017 إلى أبريل/نيسان 2019 إدخال إصلاحات على المنظومة الضريبية من أجل رفع حجم العائدات بنسبة 11% سنوياً، مشيرة إلى وجود تهرب ضريبي بنحو 90 مليار دولار.

وتعتبر الضريبة على الثروة أو "ضريبة الأغنياء" من الضرائب التي تعمل بها قليل من الدول، وعادة ما تلجأ إليها في الظروف الاستثنائية لدعم الخزائن العمومية.

ويقول الخبير الاقتصادي وعضو مجلس المحاسبة الجزائري سابقاً عبد الرحمن مبتول إن "الضريبة على الثروة تعد تقليداً ضريبياً معمولا به عالمياً. ففي فرنسا حيث الضرائب بين الأعلى في أوروبا، تثير الضريبة جدلاَ منذ ثمانينيات القرن الماضي، عندما فرضها الرئيس الاشتراكي فرنسوا ميتران ورفعها الرئيس السابق فرنسوا أولاند بنسبة 75% وهي الورقة التي سمحت له بالفوز في 2012".

وحسب مبتول فإن "الضريبة على الثروة تعكس أساس دولة القانون والحكم الراشد وإلا فكيف يمكن تبرير قيام أشخاص بشراء مساكن فاخرة بأسعار بين 300 و400 ألف دولار ثم يهدمونها من دون مساءلة، أو أشخاص أجراء أو بدون نشاط يصبحون بثروات ضخمة".
ويلفت نفس المتحدث إلى "العربي الجديد" إلى أن "الضريبة على الثروة يمكنها ضخ ما يقارب 5 مليارات دولار سنوياً في الخزينة العمومية لو تقرها الحكومة الجزائرية".

وليست هذه المرة الأولى التي يثار فيها السجال والجدال في الجزائر حول الضريبة على الثروة، فقبل سنتين وخلال مناقشة البرلمان الجزائري لقانون الموازنة العامة لسنة 2016، رفضت لجنة المالية في البرلمان اقتراحا تقدم به حزب العمال اليساري يدعو إلى وضع ضريبة يدفعها الأثرياء على ممتلكاتهم والأصول المالية.

وفي السياق يقول النائب جلول جودي رئيس المجموعة البرلمانية لحزب العمال إن "تعنت السلطة عن طريق الأحزاب التي تساندها في البرلمان أو عن طريق وزراء المالية المتعاقبين في فرض ضريبة الأغنياء هو أبرز مثال يترجم تزاوج المال عامة المال الفاسد خاصة بالسياسة. حيث أصبح رجال الأعمال وأصحاب الأموال هم أصحاب القرار. ففي وقت يشد فيه الحزام أكثر و أكثر على المواطن البسيط من خلال دفعه للضريبة على الدخل التي تقتطع من راتبه، نجد مواطنين آخرين لديهم حقوق أكثر ولا تطاولهم يد القانون".

ويضيف أن "الفساد أصبح رياضة وطنية والـ "لا عقاب" دفع بالكثير من المسؤولين ورجال الأعمال إلى نهب المال العام وهو ما كشفت عنه فضيحة 'أوراق بنما " بعد ورود أسماء مسؤولين حاليين وسابقين وأبنائهم في عمليات تهريب للأموال دون رقيب ولا حسيب".
ويشرح جلول جودي أن "حزبه اقترح على الحكومة الجديدة العودة إلى العمل بقانون "من أين لك هذا" وفرض ضريبة على الثروة عوض الضريبة على الممتلكات المطبقة حالياً والتي أثبتت عدم نجاحها بعدما بلغت نسبة مساهمتها في التحصيل الضريبي 1.5%".
وبالنظر للنظام الضريبي المعمول به في الجزائر والذي يتميز بقدمه، بالإضافة إلى قلة الآليات القانونية والتقنية التي تساعد على رفع التحصيل الضريبي، يرى المتتبعون للشأن الجزائري أن الضريبة على الثروة لن تكون الحل السحري بالرغم من ضخها لجرعة من الأموال في شريان الخزينة العمومية، وذلك لكونها سلاحا ذا حدين.

وحسب الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة "البليدة" فارس مسدور فإن "اعتماد الضريبة على الثروة في الجزائر سيضاعف التهريب الضريبي الذي يبلغ 1.2 مليار دولار سنوياً".

ويوضح لـ "العربي الجديد" أن "الحكومة يفترض بها أن تتوجه إلى الزكاة عوض الضريبة على الثروة التي تعتبر بعيدة جداً عن قيم وعادات الجزائريين، بحيث يمكن للزكاة التي تقدر قيمتها بـ 3 مليارات دولار سنوياً أن تخفف 30% من العبء الاجتماعي أو النفقات الاجتماعية للدولة. وبالتالي يتم توجيه هذه القيمة من الميزانية العامة للجزائر لصالح أمور أخرى كتسيير الشأن المحلي".

ويؤكد مسدور أن "ضريبة الثروة ستدفع بالمستثمرين إلى تهريب رؤوس أموالهم نحو الخارج والتهريب الضريبي، مثلما وقع في فرنسا حين غادر كبار رجال الأعمال نحو بلجيكا ولوكسمبورغ ". ويعترف الخبير الاقتصادي الجزائري أن "تطبيق هذا الإجراء صعب جداً لعدم توفر التصاريح الحقيقية للممتلكات كالمجوهرات والعقارات المبنية وغير المبنية والسيارات الفاخرة ذات الاستعمال الشخصي".

دلالات

المساهمون