ماذا وراء تدافع المضاربين على شراء الفرنك السويسري؟

ماذا وراء تدافع المضاربين على شراء الفرنك السويسري؟

12 يونيو 2019
مراكز التسوق وسط كبرى المدن السويسرية جنيف (Getty)
+ الخط -

يتجه التجار ومصارف الاستثمار العالمية للمضاربة على العملة السويسرية التي يرون أنها الأوفر حظاً في الصعود خلال العام الجاري. وذلك بسبب احتمالات لجوء المصارف المركزية العالمية وعلى رأسها مجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي"، إلى خفض أسعار الفائدة على الدولار وتطبيق سياسات نقدية أخرى مرنة لمساعدة بلدانها على النمو الاقتصادي.

يحدث ذلك في وقت تعيش فيه الاقتصادات الكبرى ارتباكاً بسبب النزاع التجاري المتصاعد بين أميركا والصين، والتوترات الجيوسياسية وتداعياتها على النمو الاقتصادي وأسواق الصرف العالمية. وتستفيد العملة السويسرية من تدفق الثروات على مصارفها في أوقات الأزمات بسبب حيادها السياسي.

في هذا الصدد، يرى مصرف "جي بي مورغان" الاستثماري الأميركي، أن الفرنك السويسري كان الأفضل أداءً خلال دورات خفض الفائدة على الدولار وغيره من العملات الرئيسية في السابق، وهنالك احتمال كبير لتكرار هذا الأداء خلال دورة خفض الفائدة المتوقعة خلال العام الجاري.

ودفع ذلك "جي بي مورغان"، المصرف الأكبر في الولايات المتحدة، إلى رفع توقعاته لسعر صرف الفرنك السويسري في تقريره يوم الاثنين.

وقال محلل العملات بالمصرف، بول ميغيسي، في التقرير، "انخفاض النمو الاقتصادي العالمي ومخاطر الأسواق سيدفعان الفرنك السويسري للارتفاع بمعدلات حادة".

وحسب ميغيسي، فإن الفرنك السويسري سيرتفع إلى 0.95 مقابل الدولار خلال العام الجاري وبداية العام المقبل. وإذا حدث هذا فسيكون هذا السعر أقوى سعر صرف للعملة السويسرية منذ مارس/آذار الماضي.

وحسب مضاربات العقود المستقبلية في أسواق الصرف، فإن المضاربين، يعتقدون أن سعر الفائدة الأميركية سينخفض بنسبة 78 نقطة أساس خلال الـ 12 شهراً المقبلة. 

ومعروف أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يرغب في استخدام الدولار كسلاح فعال في الحرب التجارية ضد الصين، وقد طلب من رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي، جيروم باول، خفض الفائدة لمساعدة أميركا على كسب الحرب التجارية بأسرع وقت.

وعادة ما يعمل سعر صرف الدولار المنخفض على زيادة القدرة التنافسية للسلع الأميركية المصدرة للخارج، وبالتالي من المتوقع أن يساهم ذلك في خفض العجز التجاري مع شركاء الولايات المتحدة الكبار في التجارة.

ومن بين العوامل الأخرى التي ستدعم قوة الفرنك السويسري خلال العام الجاري حجم فائض الحساب الجاري في سويسرا، والذي يقدر حالياً بنسبة 10% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، أو ما يعادل 3 أضعاف نسبة الفائض في الحساب الجاري. ويرى مصرف "جي بي مورغان" أن هذا العامل سيجعل من الفرنك السويسري أقوى الملاذات الآمنة في أسواق الصرف العالمية.

من جانبه يقول محلل العملات بموقع "فورن كرنسي دايركت" البريطاني، ستيف إيكنز، إن "الطلب على العملة السويسرية يرتفع مع تزايد التوتر والنزاعات العالمية، كما أن البيانات السويسرية الخاصة بالنمو والصادرات تدعم قوة الفرنك السويسري".

وفي ذات الاتجاه، قال موقع "أف أكس ستريت"، الخاص بتجارة العملات، إن سعر صرف الفرنك السويسري يزداد قوة وسط معادلات التجارة وارتباك النمو العالمي. وعادة ما تدفع التوترات الجيوسياسية الأثرياء لتحويل أموالهم إلى سويسرا، خاصة الثروات الخاصة الضخمة في دول النفط.

وتسارع النمو الاقتصادي في سويسرا خلال الربع الأول من العام لجاري، مع زيادة الطلب المحلي والتجارة الأجنبية. وكشفت بيانات صادرة عن هيئة الإحصاءات الوطنية في سويسرا، في نهاية مايو/أيار، أن الناتج الإجمالي المحلي السويسري ارتفع بنحو 0.6% في الفترة من يناير/كانون الثاني وحتى مارس/آذار الماضي على أساس فصلي، مقابل زيادة بنحو 0.3% في الربع الأخير من 2018.

وكانت توقعات المحللين أشارت إلى أن الاقتصاد السويسري سيسجل نمواً على أساس فصلي عند 0.4%. وعلى أساس سنوي، فإن اقتصاد سويسرا سجل نمواً 1.7 بالمائة في الأشهر الثلاثة المنتهية في مارس/آذار الماضي، مقابل 1.5 بالمائة في الربع الأخير من العام الماضي.

كما تسارع استهلاك الأسر في سويسرا خلال الربع الماضي على أساس فصلي بنحو 0.4%، مقابل 0.3 % في الربع السابق له. وتتوقع الحكومة السويسرية أن يسجل الاقتصاد نمواً 1.1% في العام الجاري.

وفي لندن تماسك الدولار فوق أدنى مستوى في شهرين ونصف الشهر أمس الثلاثاء، في الوقت الذي زادت فيه الرهانات على خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، على الرغم من أن المستثمرين قلقون من البيع بقوة قبل قمة مجموعة العشرين التي تُعقد هذا الشهر في أوساكا باليابان.

وحسب رويترز، تضع الأسواق في الحسبان احتمالاً نسبته نحو 20% لخفض أسعار الفائدة على الدولار في يونيو/حزيران، لكنها تضع في الاعتبار احتمالاً نسبته 100 بالمئة لخفض الفائدة في يوليو/ تموز. ومن المقرر أن يعقد المركزي الأميركي في الأسبوع المقبل اجتماعه الخاص بالسياسة النقدية.
ومقابل سلة من العملات الأخرى، استقر الدولار عند 96.80، قرب المستوى المنخفض المسجل في أواخر مارس/آذار البالغ 96.46. وتراجع الدولار واحدا بالمئة منذ بداية الشهر الجاري.

وعززت تصريحات تميل إلى التيسير النقدي من جانب كبار مسؤولي البنك المركزي الأميركي وبيانات اقتصادية ضعيفة التوقعات بخفض أسعار الفائدة. لكن الأسواق تتطلع أيضاً إلى اجتماع مجموعة العشرين في أوساكا في اليابان يومي 28 و29 يونيو/حزيران.

وقال ترامب يوم الاثنين إنه مستعد لفرض المزيد من الرسوم، إذا لم تحرز المحادثات مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في اجتماع مجموعة العشرين تقدماً.

وتراجع الجنيه الاسترليني مع بدء التنافس على زعامة حزب المحافظين الحاكم هذا الأسبوع. كما ارتفع اليورو لأعلى مستوى في خمسة أشهر مقابل الجنيه الاسترليني إلى 89.32 بنسا قبل صدور بيانات التوظيف البريطانية.

دلالات

المساهمون