العراق: السياحة الدينية تنعش الأسواق والعمل الموسمي

العراق: السياحة الدينية تنعش الأسواق والعمل الموسمي

04 نوفمبر 2018
رواج السياحة الدينية خلال الفترة الأخيرة (حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -

 

تشهد مدينة كربلاء وسط العراق توافد ملايين الزوار منذ أكثر من أسبوع، لإحياء واحدة من المناسبات الدينية السنوية في المدينة، الأمر الذي ينعش الأسواق ويمثل فرص عمل موسمية لعشرات آلاف الشباب، في البلد الذي يشهد ارتفاعا في معدلات البطالة والفقر رغم ثروات النفط الكبيرة.

على طول الطريق إلى مدينة كربلاء، سواء من بغداد شمال أو النجف جنوبا، نصبت الأكشاك والبسطات التي توفر الطعام والشراب للسائرين، فضلا عن ازدهار المنشآت الفندقية بمختلف مستوياتها لاستقبال الزائرين من خارج العراق الذين يتوافدون إلى البلد لإحياء ذكرى الأربعين لدى الشيعة.

وبحسب البيانات العراقية الرسمية، فإن غالبية الزائرين الأجانب الذين قصدوا البلاد هم الإيرانيون، الذين دخلوا العراق عبر المنافذ الحدودية البرية، وقدرت أعدادهم بمليوني زائر.

وقال مسؤول في هيئة المنافذ الحدودية العراقية لـ"العربي الجديد"، إن "ما لا يقل عن 80 مليون دولار تحققت خلال أقل من أسبوعين نتيجة تأشيرات الدخول فقط"، مشيرا إلى أن رسوماً أخرى فرضت على السياح القادمين بسيارتهم الشخصية.

وفرض العراق 40 دولاراً على كل سائح.

واشتغل شباب عراقيون من العاطلين عن العمل، خلال الأيام الماضية، في بيع الألبسة والسلع الاستهلاكية للزائرين العابرين عبر منافذ مدينة البصرة. وأكد المسؤول المحلي في المدينة وعد الحساني لـ"العربي الجديد"، أن "زيارة "الأربعينية" فتحت المجال أمام العاطلين عن العمل، إذ توجه مئات الشباب من مدن الحكيمية والهارثة والقرنة للشوارع العامة التي يسلكها الزائرون السائرون لمدينة كربلاء، للمتاجرة عبر البسطات والأكشاك المتنقلة، وبيع مستلزمات مختلفة.



وقال إن "هذا التوجه لم يكن موجوداً في البصرة، إلا أن الوعي التجاري زاد خلال العام الحالي، وقد أفادت هذه الزيارة كثيراً من أبناء البصرة وساعدتهم جزئياً بتجاوز أزماتهم الاقتصادية".

في السياق، قال عضو الحكومة المحلية في مدينة كربلاء ناصر الخزعلي إن "التوجه الجديد في هذه الزيارة، هو عدم التعامل مع الزائرين بتوفير كل شيء بالمجان كما كان في السنوات الماضية، فقد كانت الفنادق تفتح أبوابها للزائرين وتخدمهم بدون أي مقابل مالي، أما هذا العام فقد عملنا على تقليل هذه الظاهرة".

وأضاف الخزعلي لـ"العربي الجديد" إن "أعداد الزائرين بلغت أكثر من ثلاثة ملايين، وبذلك فقد حققت الفنادق في المدينة مكسباً اقتصادياً مهماً".

وبحسب الأرقام التي أعلنتها الحكومة المحلية في محافظة كربلاء فإن ما بين 1.8 مليون ومليوني زائر أجنبي وعربي داخل المدينة، عدا عن نحو 3 ملايين من مدن عراقية مختلفة.

وتقتصر السياحة في العراق على المجال الديني وتتمركز بصورة رئيسية في النجف وكربلاء، بالإضافة إلى مدن أخرى تضم مراقد شيعية مثل سامراء، شمال بغداد.


ووفق البيانات الرسمية عمل نحو 544 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر في السياحة الدينية خلال العام الماضي 2017.

وقالت الخبيرة بالاقتصاد العراقي سلام سميسم إن "العراق يعاني من سوء في الإدارة المالية لملف السياحة، بالرغم من أن السياحة الدينية تمثل رافداً مهماً للاقتصاد".

وأشارت إلى أن المنافذ الحدودية تحصل الأموال من الزائرين الأجانب وكذلك المطارات، ومن المفترض أن تباشر الحكومة عبر هذه الأموال في ترميم الطرق ومحطات المياه والكهرباء، وتحسين الخدمات العامة. ووفق بيانات المجلس العالمي للسياحة والسفر، فإن السياحة الدينية في العراق حققت دخلا بنحو 5 مليارات دولار في 2017.

لكن النائب في البرلمان علي البديري قال إن "أحزاباً شيعية ومجاميع مسلحة تسيطر على المنافذ الحدودية، ولا تسمح للحكومة والإدارة المالية المركزية للبلاد بالاقتراب منها وأخذ الأموال المتحصلة من الزائرين".

وأوضح البديري لـ"العربي الجديد" أن "أكبر عمليات الفساد التي تتم في العراق، تحدث عن طريق المنافذ الحدودية، وهي مقسمة بين الأحزاب، ولكل حزب منفذ حدودي، أو ما يعرف بالرصيف".

وأضاف "حين تقول الحكومة إنها تسيطر على المنافذ، فهي لا تعدو تصريحات إعلامية لا أساس لها على أرض الواقع، لأن الحقيقة التي يعرفها الجميع ولا يتحدث بها، هي أن لا سيطرة حكومية على المنافذ، والأموال التي تسلمتها المنافذ من الزائرين الأجانب، لن تحصل الحكومة على أي شيء منها، حتى إن البرلمانيين خلال الدورات الماضية، لم يتحدثوا عن هذا الأمر داخل مجلس النواب، لأن أحزابهم مستفيدة منها ولا تسمح لنوابها بالحديث".

المساهمون